الأربعاء 27 نوفمبر 2024
خارج الحدود

"هيومن رايتس ووتش": الديكتاتور التونسي قيس سعيد يرتدي قناع "بن علي"

"هيومن رايتس ووتش": الديكتاتور التونسي قيس سعيد يرتدي قناع "بن علي" زين العابدين بنعلي والديكتاتور التونسي قيس سعيد وزين

انتقد نائب المدير التنفيذي بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إريك غولدستين، ما وصفه بـ"خطوات على نهج التسلّط في تونس"، مؤكدا أن الرئيس قيس سعيّد استخدم خلال الشهرين الماضيين "بعضا من الوسائل التي كان يستخدمها (الرئيس التونسي الأسبق) زين العابدين بن علي".

وتساءل غولدستين، في مقال نشرته "هيومن رايتس ووتش" على موقعها الإلكتروني، "ماذا تبقى من مكاسب حقوق الإنسان التي حققتها ثورة 2011 في تونس؟"، قبل أن يضيف "وأنا أشاهد المظاهرات المناوئة لسعيّد في تونس العاصمة يوم 14 يناير 2023، في الذكرى الـ 12 للإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، فكّرتُ في مكسبَيْن على الأقلّ ظلا موجودين: حرية التجمّع والانفتاح على منظمات المجتمع المدني الدوليّة".

وتابع: "كان عدد المتظاهرين في حدود الألفين، لكن لافتاتهم وشعاراتهم كانت جريئة: "لا للانقلاب"، و"ارحل يا فاشل"، دون أن تتدخل الشرطة".

وأوضح أن سعيّد "تسامح مع التجمعات المعارضة له، خلافا لبن علي، الذي كانت قواته الأمنيّة تمنع أو تفرّق كلّ تجمّع سياسي، ولو لحفنة من الناس، خلال فترة حكمه التي استمرّت عقدين"، وأن سعيّد أيضا "سمح لنشطاء المجتمع المدني الأجانب بالدخول والتنقل في جميع أنحاء البلاد دون عراقيل، بما في ذلك الذين ندّدوا بانحرافه نحو التسلّط"، بينما "مُنع العديد من نشطاء حقوق الإنسان من دخول تونس، أو طُردوا منها" خلال حقبة بن علي.

*لكنه استدرك أن هذا الأمر بدأ يتغيّر الآن في تونس"

وفي هذا السياق، قال إريك غولدستين "في الشهرين الماضيين، استخدم سعيّد بعضا من الوسائل التي كان يستخدمها بن علي. في خضمّ حملة إيقاف المعارضين والتحريض على المهاجرين الأفارقة السود، لم ينتبه كثيرون إلى أنّ إدارة سعيّد بدأت ترفض تصاريح التظاهر وتطرد المنتقدين الأجانب أو ترفض دخولهم".

وذكر أن والي تونس منع مسيرة مقرّرة في الخامس من مارس من قبل "جبهة الخلاص الوطني"، مردفا أن "الجبهة تمكّنت من تنظيم المسيرة في تاريخها بأعداد أقلّ بسبب مراقبة الشرطة. ومع ذلك، فإنّ الحظر الكتابي الصادر عن الوالي يُبشّر بالسوء".

وانتقد المسؤول بالمنظمة الدولية أيضا أمر الرئيس التونسي بترحيل الأمينة العامة للكونفدرالية الأوروبية للنقابات، الإيرلندية إيستر لينش، كما "رفضت السلطات دخول نقابي إسباني كان قادما في زيارة تضامن".

وكان سعيّد أمر، في الـ18 من فبراير، بطرد ا إيستر لينش بسبب تصريحات وصفتها تونس بأنها "تدخل فاضح" خلال مشاركتها في تظاهرة للاتحاد في محافظة صفاقس (وسط شرق).

وبعد نحو أسبوعين، أعلن الاتحاد التونسي للشغل (وهو كبرى النقابات في البلاد) أن ماركو بيريز مولينا، القيادي النقابي الإسباني، مُنِع من دخول البلد للمشاركة في هذه التظاهرة المعارضة لسياسات سعيّد.

وخلص غولدستين إلى القول "لا يُمكن مقارنة حجم القمع آنذاك والآن، لكن الحظر الأخير للتجمع العام وزيارات الأجانب المنتقدين جعلت سعيّد يقترب خطوتين من نهج بن علي".

ردّ السلطات

وانتقدت منظمات حقوقية تونسية ودولية حملة اعتقالات تطال قياديين في تونس، بالإضافة إلى تقييد حركة التظاهر، معتبرة إياها محاولة لإسكات الأصوات المعارضة للرئيس.

ويسعى سعيّد إلى استكمال مشروعه السياسي القائم على نظام رئاسي معزّز ووضع حد للنظام البرلماني الذي أُقر إثر ثورة 2011 التي أطاحت نظام بن علي ووضعت البلاد على طريق انتقال ديموقراطي فريد في المنطقة.

وكان الرئيس سعيّد أعلن تجميد أعمال البرلمان وحلّه لاحقا وتولي السلطات في البلاد في 25 يوليو 2021. ويتهم الموقوفين بأنهم "إرهابيون" وبـ"التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي"، بينما تصف المعارضة حملات الاعتقالات "بالتعسفية" وهدفها ضرب صفوفها.

ورغم السماح بالتظاهر في البداية، إلا أن البعض يتخوّف من أن منع أجانب من المشاركة في المظاهرات وتقييد تحركات "جبهة الخلاص الوطني" قد تكون مؤشرا جديدا على مزيد من "التسلط".

وكان الرئيس التونسي حذّر "الاتحاد العام التونسي للشغل" من مغبّة التسامح مع مشاركة أجانب في المظاهرات، قائلا إن الأخير "حرّ في تنظيم تظاهرات (...) لكنه ليس حرّا في دعوة أجانب للمشاركة" فيها.

وأضاف "البعض يريد دعوة أجانب للمشاركة في تظاهرات في تونس وهذا أمر غير مقبول"، مؤكّدا أن بلاده "ليست أرضا بلا سيّد".

وبخصوص رفض السلطات التونسية طلبا لـ"جبهة الخلاص الوطني" لتنظيم هذه التظاهرة، برر محافظ تونس العاصمة قرار الرفض "بتعلق شبهة جريمة التآمر على أمن الدولة ببعض قيادي الجبهة".

ورغم صدور القرار إلا أن أنصار الجبهة تظاهروا في الخامس من مارس للمطالبة بالإفراج عن أكثر من 20 معارضاً تم توقيفهم في الأسابيع الأخيرة في حملة اعتقالات غير مسبوقة.

وتوعدت وزارة الداخلية في بيان، حينها، بأنه "تم إعلام النيابة العمومية بجميع مراحل وملابسات هذا التحرك" الاحتجاجي.

ويلاحق القضاء التونسي نحو 20 معارضا من إعلاميين ورجال أعمال، بينهم القيادي في "جبهة الخلاص الوطني"، جوهر بن مبارك، ورجل الأعمال، كمال اللطيف، والوزير السابق، لزهر العكرمي، والناشط السياسي، خيام التركي، ومدير الإذاعة الخاصة "موزاييك أف أم"، نور الدين بوطار، والقيادي بحزب النهضة، نور الدين البحيري.

ويصف سعيّد الذي ينفرد بالسلطات في البلاد منذ 2021، الموقوفين "بالإرهابيين" و"بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي" ، رغم أن

القضاء التونسي لم يصدر بعد الاتهامات الموجهة إليهم.