الخميس 25 إبريل 2024
سياسة

الأندلوسي: لهذه الأسباب تقوم إيران بتصدير الثّورة ودعم الجزائر وتسليح البوليساريو

الأندلوسي: لهذه الأسباب تقوم إيران بتصدير الثّورة ودعم الجزائر وتسليح البوليساريو نبيل الأندلوسي يتوسط إبراهيم غالي (يمينا) والمرشد الإيراني
قال الدكتور نبيل الأندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، ونائب رئيس لجنة الخارجية والحدود والدفاع الوطني والمناطق المغربية المحتلة بمجلس المستشارين سابقا، إن هناك مخطّطا لتوسيع النفوذ الإيراني بمنطقة شمال إفريقيا والساحل، أصبح ممكنا تنفيذه بدعم من النظام الجزائري الذي بات عرابا لهذا المخطط في إفريقيا، وهو ما يهدد استقرار المنطقة برمتها وأمنها القومي، ومنها الأمن القومي للمملكة المغربية بطبيعة الحال».
 وأوضح الأندلوسي في حوار مع أسبوعية
«الوطن الآن»، إن «النظام الإيراني باشر محاولة التوغل في منطقة شمال إفريقيا وتسليح جبهة «البوليساريو» الإنفصالية في مخيمات تندوف بالطائرات المسيرة «الدّرون»، فضلا عن تدريب عناصر ميليشيات الجبهة الإنفصالية إلى تجهيزها بطائرات مسيرة”، وهذا تحول خطير يمكنه أن يربك ويهدد الإستقرار الأمني والتوازنات الجيوستراتيجية بالمنطقة»
 
 
‬ما‭ ‬قراءتك‭ ‬للتحرّكات‭ ‬الإيرانية‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬وجنوب‭ ‬غربه‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬ضد‭ ‬المغرب؟
التحركات‭ ‬الإيرانية‭ ‬بالجزائر‭ ‬واستهداف‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية،‭ ‬ليست‭ ‬وليدة‭ ‬اليوم،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬التحركات‭ ‬هي‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬المغرب‭ ‬قطع‭ ‬علاقاته‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬سنة‭ ‬2018،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬رصد‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬والاستخبارتية‭ ‬المغربية‭ ‬آنذاك،‭ ‬وجود‭ ‬دعم‭ ‬مالي‭ ‬ولوجستيكي‭ ‬وعسكري‭ ‬مقدم‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭ ‬الموالي‭ ‬لطهران‭ ‬لجبهة‭ ‬البوليساريو،‭ ‬بتنسيق‭ ‬من‭ ‬سفارة‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التحركات‭ ‬تضاعفت‭ ‬سرعتها‭ ‬وتقوّت‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬بسبب‭ ‬تحولات‭ ‬السياق‭ ‬الدولي‭ ‬والإقليمي،‭ ‬ونظرا‭ ‬لوجود‭ ‬مخطط‭ ‬لتوسيع‭ ‬النفوذ‭ ‬الإيراني‭ ‬بمنطقة‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬والساحل،‭ ‬أصبح‭ ‬ممكنا‭ ‬تنفيذه‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬عرابا‭ ‬لهذا‭ ‬المخطط‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يهدد‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬برمتها‭ ‬وأمنها‭ ‬القومي،‭ ‬ومنها‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬للمملكة‭ ‬المغربية‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭. ‬
ومن‭ ‬المهمّ‭ ‬التذكير‭ ‬هنا‭ ‬بما‭ ‬سبق‭ ‬وأن‭ ‬قاله‭ ‬عمر‭ ‬هلال،‭ ‬المندوب‭ ‬الدائم‭ ‬للمغرب‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحافي‭ ‬بمقر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭ ‬يوم ‭ ‬27‭ ‬أكتوبر ‭‬2022، ‬عقب‭ ‬تصويت‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬2654‭ ‬المتعلق‭ ‬بالصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬حيث‭ ‬اتهم‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬بمحاولة‭ ‬التوغل‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬وتسليح‭ ‬جبهة‭ ‬«البوليساريو»‭ ‬الانفصالية‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬بالطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬«الدّرون»،‭ ‬مؤكدا‭ ‬على‭ ‬«أن‭ ‬إيران‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬بصدد‭ ‬التوغل‭ ‬في‭ ‬تندوف‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬الغربي‭ ‬للجزائر،‭ ‬حيث‭ ‬توجد‭ ‬مخيمات‭ ‬جبهة‭ ‬«البوليساريو»،‭ ‬وفي‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وأنهما‭ ‬انتقلا‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬تدريب‭ ‬عناصر‭ ‬ميليشيات‭ ‬الجبهة‭ ‬الانفصالية‭ ‬إلى‭ ‬تجهيزها‭ ‬بطائرات‭ ‬مسيرة”،‭ ‬وهذا‭ ‬تحول‭ ‬خطير‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يربك‭ ‬ويهدد‭ ‬الإستقرار‭ ‬الأمني‭ ‬والتوازنات‭ ‬الجيوستراتيجية‭ ‬بالمنطقة‭.‬
 
‬يسجل‭ ‬مراقبون‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تسعى‭ ‬للتمدُّد‭ ‬السياسي‭ ‬والعسكري‭ ‬والديني‭ ‬بالمنطقة‭. ‬كيف‭ ‬تقرأ‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬الجديد‭ ‬لإيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة؟
دستور‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الإيرانية‭ ‬يتبنى‭ ‬تصدير‭ ‬«الثورة‭ ‬الإسلامية»،‭ ‬كمهمة‭ ‬مقدسة‭ ‬لنظام‭ ‬الحكم،‭ ‬لذا‭ ‬أنشأ‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬وحدة‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬مكلفة‭ ‬بهذه‭ ‬المهمة،‭ ‬وتنشط‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬التوترات‭ ‬والنزاعات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهذا‭ ‬التوجه‭ ‬ليس‭ ‬جديدا،‭ ‬بل‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬سنة‭ ‬1979،‭ ‬سنة‭ ‬نجاح‭ ‬ثورة‭ ‬الخميني‭ ‬وإسقاط‭ ‬نظام‭ ‬الشاه،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬بروزه،‭ ‬بشكل‭ ‬أقوى‭ ‬وأوضح،‭ ‬مؤخرا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنطقة‭ ‬المغاربية،‭ ‬فرضته‭ ‬التحولات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬والرغبة‭ ‬الملحة‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬موطئ‭ ‬قدم‭ ‬بالقارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وهي‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬تكلف‭ ‬النظام‭ ‬الجزائر‭ ‬للقيام‭ ‬بها‭ ‬وتسهيلها‭.‬
 
‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرى‭ ‬بأن‭ ‬التحركات‭ ‬الإيرانية‭ ‬له‭ ‬امتداد‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالإمامة‭ ‬العظمى‭ ‬والتشيّع‭ ‬لمحاصرة‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬إمارة‭ ‬المؤمنين‭ ‬والمذهب‭ ‬الإسلامي‭ ‬السُّنِّي‭ ‬الوسطي؟
كما‭ ‬سبق‭ ‬وأوضحت،‭ ‬فالدستور‭ ‬الإيراني‭ ‬يتبنى‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة،‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬ديني‭ ‬ومذهبي‭ ‬لنشر‭ ‬التشيع‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬كمهمة‭ ‬«مقدسة»‭ ‬لنظام‭ ‬الحكم،‭ ‬ويتبنى‭ ‬مفهوم‭ ‬«إستمرار‭ ‬الثورة‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭ ‬وخارجها»‭ ‬للقيام‭ ‬بهذه‭ ‬المهمة‭ ‬الموكولة‭ ‬له‭.‬
وللتذكير‭ ‬ففي‭ ‬سنة‭ ‬2009،‭ ‬عندما‭ ‬بادرت‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬بإغلاق‭ ‬السفارة‭ ‬الإيرانية‭ ‬بالرباط،‭ ‬كان‭ ‬السبب‭ ‬المعلن‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬المغربي،‭ ‬هو‭ ‬«دعم‭ ‬إيران‭ ‬لحركة‭ ‬تشيع‭ ‬في‭ ‬المغرب»‭ ‬و«الإساءة‭ ‬لمقوماته‭ ‬الدينية‭ ‬الجوهرية،‭ ‬والمس‭ ‬بالهوية‭ ‬الراسخة‭ ‬لشعبه‭ ‬ووحدة‭ ‬عقيدته‭ ‬ومذهبه‭ ‬السني‭ ‬المالكي»،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الإستهداف‭ ‬الإيراني‭ ‬لمقومات‭ ‬الأمن‭ ‬الروحي‭ ‬المغربي،‭ ‬كانت‭ ‬منذ‭ ‬مدة‭ ‬وليست‭ ‬وليدة‭ ‬المرحلة‭.‬
 
ما‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬فعله‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مواجهة‭ ‬ما‭ ‬يحصل؟
المغرب‭ ‬له‭ ‬حضور‭ ‬قوي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الخارجي،‭ ‬ويحظى‭ ‬باحترام‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬بفضل‭ ‬المبادرات‭ ‬والأدوار‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬إستثماره‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الخارجية‭ ‬المغربية‭ ‬لتعزيز‭ ‬هذا‭ ‬الحضور‭. ‬ليبقى‭ ‬الثابت‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬هو‭ ‬تحكم‭ ‬المصالح‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬للدول‭ ‬في‭ ‬قراراتها‭ ‬وتوجهاتها،‭ ‬والمملكة‭ ‬المغربية‭ ‬ليست‭ ‬إستثناء‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬بحيث‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬المتوترة‭ ‬اليوم‭ ‬قد‭ ‬تصبح‭ ‬متميزة‭ ‬غدا،‭ ‬والعكس‭ ‬ممكن‭ ‬كذلك‭ . ‬ومن‭ ‬المهم،‭ ‬هنا‭ ‬والآن،‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمغرب،‭ ‬تحصين‭ ‬الجبهة‭ ‬الداخلية‭ ‬وبعث‭ ‬نفس‭ ‬سياسي‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬الإنتقال‭ ‬الديمقراطي‭ ‬للمملكة‭ ‬المغربية‭ ‬وتكريس‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬وتحصين‭ ‬الإختيار‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬ويقوي‭ ‬اللّحمة‭ ‬الوطنية‭.‬