اجتمع عدد من رؤساء جمعيات تدبر شؤون المساجد بالأقاليم الشمالية لإسبانيا للارتقاء بأدوار الأئمة والمسيرين على حد سواء، حتى تصبح بيوت الرحمان مراكز دينية واجتماعية مؤهلة للقيام بوظائفها الحقيقية.
وأكد المجتمعون في اللقاء الدراسي الذي نظم السبت الماضي، بالمركز الثقافي الإسلامي الفردوس بمنطقة "لوغرونيو"، على ضرورة الاهتمام بالمشتغلين في الحقل الديني والاستثمار فيهم، لما لهم من أدوار في الحفاظ على الأمن الروحي والديني لأبناء الجالية.
وانتقد الحاضرون هزالة الأجور والمكافآت المقدمة للأئمة، مطالبين بإعادة النظر في طريقة التعامل مع هذه الفئة التي ينتظرمنها القيام بالكثير، بينما لا تنال سوى القليل من التقدير المعنوي والمادي.
وإذا كان أقصى ما يمكن أن يتلقاه الإمام لن يتجاوز الأجر الأدنى المعمول به في اسبانيا (حوالي 1200 أورو شهريا)، فإن جميع الأئمة غالبا ما يتقاضونه أقل بكثير من ذلك، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار بأنهم لا يحصلون على أي تعويض عن العطلة، وليس لديهم تأمين على البطالة والمرض والتقاعد..
واعتبرت المصادر ذاتها، أن الأمر يستدعي تدبيرا استعجاليا يأخذ بعين الاعتبار الجانب الإنساني والاقتصادي، مطالبين كافة الجمعيات أن تبحث بجدية عن حلول لهذه المعضلة، وذلك بالتصريح بالأئمة لدى الضمان الاجتماعي والضريبي وتمكينهم من الحد الأدنى للأجور ومن الراتب الإضافي والعلاوات والمكافآت، تقوية للأدوار الاجتماعية والروحية التي يقومون بها.
وفي سياق متصل، اعترف الجمع أن الأئمة ليسوا على مستوى واحد من العلم والأهلية، وليسوا على درجة واحدة من الوعي وقوة الشخصية، حتى وإن كانت الأغلبية منهم يحملون هم خدمة بيوت الله ويجتهدون في تقديم أفضل ما يستطيعون تقديمه.
ودعا رؤساء الجمعيات، أئمة المساجد للارتقاء إلى مستوى الأجيال الجديدة والسياق الذي يعيشون فيه، لأن الواقع الاسباني بمعطياته المختلفة (سياسية اجتماعية، دينية، ثقافية…) أكد بالملموس أن التكوين المكتسب من طرف بعض الأئمة غير كاف لأداء مهمة الإمامة على الوجه المطلوب، ويجعلها محدودة العطاء لاتتعدى مساحة المسجد.
وشدد الجمع على ورشات "تكوين الأئمة" في مجالات عدة، إذ على الإمام أن يتعلم لغة بلد الإقامة، ويتقن الحديث مع الناس وعن الناس، كما عليه معرفة الحد الأدنى اللازم من تاريخ البلد الذي يعيش فيه وحضارته وقوانينه وعاداته وتقاليده، حتى لا يتورط في أقوال تدينه أمام القانون من خلال الخطب والدروس التي يقدمها.
وعلى صعيد آخر، طالب الملتئمون في اليوم الدراسي بالقطع مع أنماط التدبير الكلاسيكي والتخبط في العشوائية والارتجال في تسيير شؤون المساجد، معتبرين ان نجاح أي جمعية رهين بنظامها وتنظيمها لمختلف أجهزتها الإدارية والمالية، الشيء الذي يجعلها تسير في الطريق الصحيح.
وأجمع اللقاء على ضرورة مأسسة العمل التطوعي، مادامت كل جمعية تحمل رقما ضريبيا ومسجلة بسجلات وزارة العدل الاسبانية، فهي مؤسسة قائمة الذات ينبغي أن يكون أعضاؤها متمرسون في القضايا ذات صلة بالقوانين والمساطر والتشريعات.
ونبه الفاعلون الى تجاوز التصور الكلاسيكي للجمعية الذي كان يدور في فلك الحفاظ على أداء أقساط الكراء ومحاولة شراء المسجد، على أن الاكتفاء بالجانب الممارساتي- التطبيقي أي ما يظهر فقط من أنشطة أمر يفضي لامحالة الى إغفال الجانب التدبيري- النظري، الذي هو نقطة بدء الجانب الممارساتي -التطبيقي، من خلال وضع خطط واستراتيجيات وعقد شراكات وتحديد الميزانيات واقتراح مشاريع وغيرها من الأفعال التي لا تظهر بشكل مباشر للعيان..