الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

بدر الزاهر الأزرق : عمال المنصات الرقمية يعانون من الاستغلال نتيجة الفراغ القانوني

بدر الزاهر الأزرق : عمال المنصات الرقمية يعانون من الاستغلال نتيجة الفراغ القانوني بدر الزاهر الأزرق وجانب من الندوة الوطنية
"عمال المنصات الرقمية بالمغرب وسؤال الحماية "..هذا هو عنوان الندوة الوطنية التي احتضنتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية والتي أشرف على تنظيمها مختبر الأبحاث في القانون الخاص والقانون الاقتصادي بنفس الكلية بشراكة مع الاتحاد المغربي للشغل ومؤسسة solidarity center، وذلك يوم الأربعاء 15 فبراير 2023. الندوة التي قام بتنسيقها كل من الأستاذ محمد طارق وهشام الناصري ركزت على عدد من المحاور وضمنها محور خاص بعمال المنصات وواقع الممارسة وإشكالية القاعدة القانونية، ومحور آخر يتعلق بتجارب الاستجابة القضائية والتشريعية والنقابية الدولية بمشاركة عدد من الخبراء والباحثين، وضمنهم بدر الزاهر الأزرق، الباحث في الاقتصاد وقانون الأعمال الذي ألقى مداخلة تحت عنوان : " عمال المنصات الرقمية بين غياب النص القانوني وغموض الوضع المهني أشار من خلالها أن المنصات الرقمية ورغم منافعها الكبيرة تظل حسب تقرير منظمة العمل الدولية تعمل في معظمها خارج نطاق العمل الرسمي، ولا يوجد للحكومات عليها سلطة، ولا يحكمها نظام عمل. حيث أن معظم منصات العمل الرقمي تضع اتفاقيات من جانب واحد، تحدد من خلالها جميع ظروف العمل، مثل الأجور وساعات العمل وفض النزاعات، الأمر الذي يجعل من عمال المنصات الرقمية فئة هشة وضعيفة ليست لديها القدرة على المطالبة بحقوقها الأساسية وغير متمتعة بأي نوع من أنواع الحماية القانونية ومجبرة على قبول هذا الوضع في ظل الازمة الاقتصادية الراهنة.
وأشار الأزرق في نفس المداخلة أنه وفي غياب نصوص تشريعية تعرف المنصة الرقمية وغياب اجتهادات قانونية تعوض هذا الفراغ يطرح مجموعة من الإشكاليات المتعلقة بطبيعة العلاقة بين المشغل والعاملين في هذه المنصات في ظل غياب البعد المادي، وفي ظل احتكام الطرفين الى اطار تعاقدي مختل لا يحتكم الى مقتضيات قانون الشغل المغربي ولا يوفر أي حماية قانونية لهؤلاء العمال كما قد يتضمن التزامات مجحفة وحرمانا من بعض الحقوق كالحق في الاجازة مدفوعة الأجر والإجازة المرضية والحرية النقابية والتأمين الصحي والتعويض عن حوادث الشغل وهو ما يجعل عدد من عمال المنصات في حال التنازع يلجأون مباشرة الى القضاء من أجل إعادة التوازن الى هذا الاطار التعاقدي وحماية بعض حقوقهم الأساسية.
وأوضح أن قانون الشغل المغربي لا يدرج ضمن نطاق تطبيقه المنصات الرقمية، مشيرا بأن مقتضياته لا يمكن تطبيقها على الواقع الذي فرضته المنصات الرقمية، حيث يغلب الطابع اللامادي على تنظيم العمل، فلا ساعات عمل محددة ولا وجود لمقر عمل ولا وجود لارتباط مباشر بين العامل والمنصة التي قد يكون لا وجود قانوني لها أيضاً، كما أن رابط التبعية بين المنصة والعامل يصعب تتبعه في ظل الطابع اللامادي الذي يهمين على تنظيم العمل داخل المنصات، فالمادة 6 من قانون الشغل المغربي تعد أجيرا فقط الشخص الذي التزم ببذل نشاطه المهني، تحت تبعية مشغل واحد أو عدة مشغلين، لقاء أجر، أيا كان نوعه، وطريقة أدائه.
وأضاف أن صعوبة اثبات رابط التبعية شجع هذه المنصات على وضع اطار تعاقدي خاص جد مرن وغير قابل للتفاوض، يصنف من خلاله هؤلاء العمال " عمالا مستقلين" أو" مقاولين ذاتين" يتم احتساب أجرهم بعدد ساعات العمل التي ينجزونها على المنصة أو لصالح المنصة، كما تلزم عدد من هذه المنصات خاصة العاملة في قطاعي التوصيل والنقل هؤلاء العمال بالتوفر على أدوات العمل.
هذا الإطار التعاقدي المختل – يضيف الأزرق - كرس ضعف وضعية عامل المنصة في مقابل تقوية وضع المنصة التي منحت لها يمنح سلطات إضافية كالمرونة في تسريح العمال، فهي غير ملزمة بتعويضهم، وكذلك امكانية التنصل من مسؤولياتها الاجتماعية، وعدم تحمل تبعات حوادث الشغل والتهرب من أداء الضرائب، والتحرر من أي شكل من أشكال الفعل النقابي الذي قد يشكل ضغطا عليها من أجل تحسين أوضاع العمال، هذه " الامتيازات" أغرت عددا من المنصات على توسيع أنشطتها وساعدتها على خفض تكلفة الإنتاج ومضاعفة الأرباح.
اختلال التوازن التعاقدي والفراغ التشريعي دفع بعمال المنصات الى التوجه نحو القضاء من أجل ضمان حقوقهم، خاصة حين يتعرضون لحوادث الشغل أو حين يتم تسريحهم بشكل تعسفي، وقد حاول القضاء بدوره إعادة تكييف هذه العلاقة التعاقدية رغبة في حماية الطرف الضعيف، بالاستناد الى تتبع رابطة التبعية التي بمجرد إثباتها نصبح – يوضح الأزرق - أمام علاقة تعاقدية خاضعة لقانون الشغل بصرف النظر عن الإطار التعاقدي الذي وضعته المنصة.