الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد الحق غريب: ما هو الحل لإسقاط مشروع قانون إصلاح التقاعد؟

عبد الحق غريب: ما هو الحل لإسقاط مشروع قانون إصلاح التقاعد؟ عبد الحق غريب
من المرتقب أن تعقد اللجنة الخاصة بإصلاح التقاعد (ممثلين عن الحكومة والنقابات والاتحاد العام لمقاولات المغرب) اجتماعا في الأيام القادمة، ستعرض خلاله الحكومة رؤيتها لإصلاح مشروع قانون إصلاح التقاعد. وعلى ما يبدو فإن حكومة أخنوش عازمة ومُصِرّة على تمرير هذا النظام المشؤوم والخطير هذه السنة.
في هذا السياق واستحضارا لما يجري هذه الأيام في فرنسا بخصوص إصلاح التقاعد على سبيل المثال لا الحصر، يمكن القول أن هناك خلل ما في العمل النقابي بالمغرب. كيف ذلك؟
بمجرد أن كشفت رئيسة الوزراء الفرنسية يوم الثلاثاء 10 يناير 2023 عن الرفع من سن التقاعد القانوني إلى 64 عاما بحلول 2030، حتى أعلنت نقابات العمال بفرنسا تنفيذها إضرابا وطنيا في 19 من نفس الشهر... نعم قرروا خوض إضراب وطني بعد تسعة أيام فقط من كشف رئيسة الوزراء الفرنسية عن الرفع من سن التقاعد فقط (وليس حزمة إصلاح: رفع السن والرفع من الاشتراك وخفض راتب التقاعد و70% كحد أقصى للمعاش).
وردا على ذلك، قال لوران برجيه، الأمين العام للكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل “إن جميع النقابات العمالية اتفقت على توجيه دعوة مشتركة للإضراب ومظاهرات يوم 19 يناير للاحتجاج على الإصلاح الحكومي المقترح”.
بالنسبة للمغرب، لن أتكلم عن كيف تم تمرير أسوأ قانون لإصلاح التقاعد في تاريخ المغرب سنة 2016، ولا عن حزمة مضامينه، ولا عما وقع إبان المصادقة عليه في مجلس المستشارين ولن أتكلم عن الحزمة الخطيرة للإصلاح الثاني للتقاعد، والذي تصر حكومة أخنوش على تمريره هذه السنة، أي بعد 6 سنوات فقط على تمرير إصلاح حكومة بنكيران المشؤوم، ولا عن كونه أخطر وأشدّ ضررا على الطبقة العاملة والموظفين من إصلاح 2016...
لن أتكلم عن كل هذا، بيد أنني سأقف عند ما صرح به بنكيران في الكلمة الافتتاحية لمجلس الحكومة الأسبوعي آنذاك، حيث قال: “تغمرني سعادة خاصة لأن مشروع قانون إصلاح التقاعد صادق عليه البرلمان.. وهذه المصادقة تؤكد أن الشعب المغربي كبير وكريم ويستحق التنويه”، مضيفا على أن مشروع إصلاح التقاعد مؤلم للمغاربة. ماذا يعني هذا الكلام؟ كلام بنكيران هذا وبصفته رئيس الحكومة آنذاك، يعني بكل بساطة أن الدولة لم تكن تتوقع تمرير أسوأ وأخطر قانون بتلك السهولة وبدون خسارة.
لا ننكر الدور الذي لعبته وما زالت تلعبه بعض النقابات الجادة بالمغرب دفاعا عن حقوق ومصالح الشغيلة والمعارك التي خاضتها والمكاسب التي حققتها لصالح الطبقة العاملة، ولكننا اليوم نحن أمام أخطر مشروع قانون وأشدهم ضررا على الطبقة العاملة، ولهذا يمكن القول أن البيانات المشتركة والضغوط التي يمكن أن تمارسها هذه النقابة أو تلك هنا أو هناك، أو خلق لجنة خاصة بإصلاح التقاعد، وجولات الحوار الاجتماعي وهلم جرّا، لن تجدي في شيء، لأن الشارع والعمل الوحدوي الحقيقي هما السبيل الوحيد والأوحد، أولا لمعرفة أين ذهبت أموال صناديق التقاعد وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وثانيا من أجل إسقاط هذا المشروع الخطير إلى دون رجعة. وأما دون ذلك فإن الباب سيُفتح أمام التأويل والتشكيك ومزيدا من فقدان الثقة في النقابات.
إن الفرق بين فرنسا والمغرب، على مستوى الفعل النقابي، هو أنه بمجرد إعلان الحكومة الفرنسية عن أي إصلاح يمس بحقوق الطبقة العاملة وغيرها، فإن النقابات تنتفض وترد بشكل سريع وقوي وتدعو إلى الاحتجاج في الشارع، ثم تجلس للتفاوض مع استمرار القواعد في الاحتجاجات والإضرابات للضغط على الحكومة.
أما عندنا، فإن ما يحصل هو استنزاف للوقت والجهد من أجل التنسيق، ثم بيان مشترك يمرّ من عين الإبرة يعبر عن الرفض، ثم الجولة الأولى والثانية والثالثة من الحوار وخلق لجنة أو لجن وأخذ ورد. وفي الأخير يأتي الاجتماع الرسمي أمام الكاميرات ينتهي بالمصافحة والعناق والتقاط الصور.
إن الدفاع عن حقوق ومكتسبات الشغيلة ليس فقط أمانة ومسؤولية وكلام، بل أساسا تضحية ونضال وفعل. والتعبير عن الرفض والتحذير يكون بالضغط وليس بالبلاغات أو البيانات او تصريح هنا أو هناك أو تسجيل موقف في هذه القبة أو تلك.
وأما ما يسمى بالحوار الاجتماعي؛ فإنه يعتبر هدية على طبق من ذهب لحكومة لا ديمقراطية ولا شعبية وباطرونا جشعة، وفخ سقطت فيه النقابات ربما بحسن النية... وتحية تقدير واحترام لكل المناضلين الشرفاء والنقابات الجادة والخزي والعار لكل من يتاجر في عرق جبين أبناء وبنات الشعب المغربي.