الثلاثاء 16 إبريل 2024
مجتمع

رفقي يكشف الحقيقة المسكوت عنها حول الرسوم القضائية

رفقي يكشف الحقيقة المسكوت عنها حول الرسوم القضائية إن الرسوم القضائية المؤداة لصندوق المحكمة تعتبر زهيدة، إذ لم تتم مراجعتها منذ فترة طويلة
تنشر "أنفاس بريس"، ورقة الأستاذ م. رفقي، الذي اشتغل طويلا في السلك القضائي، التي يكشف فيها عن جوانب خفية متعلقة بالرسوم القضائية والتي تخدم دائما ذوي النيات السيئة:
  
إن القاعدة القانونية شيء  بديهي في حياة الإنسان، حتى أن فقهاء الرومان قالوا بشأنها، إن القانون شيء طبيعي تعرفه حتى الطيور في السماء، و الأسماك في البحار. بمعنى أن الانسان يعرفه و لو كان أميا. ورغم هذه الخاصية التي يتسم بها القانون فإن تشريعه ليس بالأمر الهين، إذ لا يتسنى إلا لمن له دراية و اختصاص بالموضوع. ففي البداية تشكل لجنة من فقهاء القانون وأساتذة القانون الجامعيين وكبار القضاة والمحامين بوضع مشروع للقاعدة القانونية. ثم تأتي المرحلة الثانية لدراسة هذا المشروع ومناقشته من جميع الجوانب ولتنقيحه وإدخال بعض التعديلات عليه قبل التصويت عليه في البرلمان بمجلسيه، لتجنب أي خطأ قد يتسرب إليه. وعلة ذلك أن القاعدة القانونية تؤثر تأثيرا كبيرا في حياة المواطنين
ويحق للمغرب أن يفتخر بترسانته القانونية الشاملة والواسعة والموغلة في التاريخ والتي عرفت عدة تعديلات على مختلف الدرجات عبر مرور الزمن مسايرة لمتطلبات المجتمع.
ومن خلال هذه النافذة، أريد أن أدلى بدلوي بنقد بناء خدمة للصالح العام في قطاع العدل و يتعلق الأمر بما يلي:
 
أولا: انفخاض الرسوم القضائية 
إن الرسوم القضائية المؤداة لصندوق المحكمة تعتبر زهيدة، إذ لم تتم مراجعتها منذ فترة طويلة، وهي بهذه الحالة تشجع المتقاضين سيئ النية المتلذذين برفع الدعاوى الكيدية هدفهم إزعاج الغير. وأضحى ملحا رفعها إلى الحد المناسب للخلاص من هؤلاء المزعجين ولحماية الغير ذوي النيات الحسنة من شرهم ولضمان راحة المحكمة من ملفات غير المجدية.
 
ثانيا: القسط الجزافي 
إن القانون الذي ألزم ضحايا الجرائم بأداء القسط الجزافي من أجل أن ينتصبوا كأطراف مدنية للمطالب بالتعويض المستحق عن الضرر اللاحق بهم من جراء الجريمة، هو قانون مجحف وغير عادل بالنسبة لهؤلاء الضحايا. اذ لم يراع الحالة المزرية لهم كضحايا مصابين بأضرار خطيرة، وقد سلبت منهم أموالهم و أملاكهم وهم الأحوج لتقديم المساعدة لهم أمام المحكمة بجبر الضرر الملحق بهم بدل الزامهم بأداء الرسوم القضائية المرتفعة..

وبالنظر إلى ما سبقت الإشارة اليه اعلاه، فهؤلاء الضحايا هم أشبه بالأجراء في القضايا الإجتماعية، وكذا بالقسوة في قضايا الأحوال الشخصية والذين أعفاهم القانون من أداء الرسوم القضائية من أجل التقاضي.

ومن المؤكد أن المتهمين المدانين من طرف المحاكم الزجرية لا تنفذ في حقهم الغرامات والتعويضات المدنية ومصاريف الدعوى المحكوم بها لعسرهم عن أداء ذلك وعدم وجود أي محجوز لهم.
 
ثالثا: سار العمل القضائي على عدم اعتبار أتعاب الدفاع من مشمولات مصاريف الدعوى عند عملية تنفيذ الاحكام وهو اتجاه يمكن قبوله قبل صدور قانون المحاماة الحالي، لأن المتقاضين في هذه الفترة كانوا يترافعون شخصيا إلا فئة قليلة كانت تنصب محاميها للدفاع عنها، و المنطق أن من اختار هذا المنحى يتحمل أتعابه. أما بعد صدور قانون المحاماة الحالي الذي منع حق الترافع  الشخصي للمتقاضي وألزمه بتنصيب محام عنه، فانه من غير العدل والمنطق ان يتحمل أتعاب الدفاع هذه، بما أن هذه الأتعاب أصبحت جزءا من مصاريف الدعوى وبامتياز وبقوة القانون، سيما انه وبمقارنة في الرسَوم المدفوعة لصندوق المحكمة وأتعاب الخبير و أجرة التنقل عن إجراء المعاينة من جهة مع قيمة اتعاب المحامين من جهة أخرى نجد هذه الاخيرة أكبر قيمة من مصاريف الاولى وبأضعاف مضاعفة.

إن اعتبار أتعاب المحامي من مصاريف الدعوى تخدم عدة مصالح منها تحقيق العدالة بالنسبة للمتقاضي الذي يربح الدعوى، وردع خاسر الدعوى باعتباره شخصا لا يحترم القانون و لايطبقه بل أنه يتطاول عليه، لان المناطق التي يعرف ساكنوها بالانضباط واحترام القانون ... لا تعرف محاكمها ملفات و نزاعات كثيرة و العكس صحيح.
 
ناهيك على أن ظهير 19 ذي الحجة / 1356 موافق 19/2/1938 نص على أن الضامن يتحمل الفوائد وصوائر المرافعة و غيرها و أتعاب المحامي. كما أن قرار وزير المالية رقم 070.65 المؤرخ في عدة 25/1/1965 المتعلق بالشروط النموذجية لعقد التأمين في الفصل 28، نص على أن كل طرف يتحمل صائر و أتعاب حكمه... وهذا سند قانوني صريح ومنطقي و يحقق العدل في اعتبار أتعاب المحامي تعتبر من مصاريف الدعوى التي يتحملها خاسر الدعوى.