الجمعة 29 مارس 2024
اقتصاد

مروك: لهذه الأسباب لن تقتبس حكومة أخنوش إبداعات حكومة مدريد لحماية المغاربة من لهيب الأسعار

مروك: لهذه الأسباب لن تقتبس حكومة أخنوش إبداعات حكومة مدريد لحماية المغاربة من لهيب الأسعار عزيز أخنوش يتوسط بيدرو سانشيز (يسارا) وعمر مروك (يمينا)
على هامش قرار الحكومة الإسبانية بحذف الضريبة على القيمة المضافة للمواد الأساسية رحمة بجيوب الإسبان الذين اكتووا بلهيب الأسعار إضافة إلى دفع شيك بمبلغ 200 أورو لكل العائلات، طرحنا السؤال على  "عمرمروك "وهو باحث ومحلل سياسي لماذا لم تحذو الحكومة المغربية حذو الحكومة الأسبانية في التخفيف عن المواطنين المغاربة من غلاء الاسعار؟ واتخاذ قرارات للحد من تدهور القدرة الشرائية للمغاربة  بعدما بلغ السيل الزبى ؟ فكان رده عبر الورقة التالية :

 بدايات التعافي من تبعات ازمة كورونا لم تطل، حتى حلت ازمة الحرب الروسية الاكرانية و ما ترتب عنها من أزمة تضخمية عالمية جراء إرتفاع أسعار الطاقة، واتخاذ المواد الغذائية سلاحا للضغط الإقتصادي والإستراتيجي على الخصوم، وبحكم ان ما يقع في المركز يؤثر حتما في المحيط فإن الإتجاه التضخمي العالمي مستمر في الإرتفاع ، في ظل موجة امتعاض عالمية و مظاهرات و انهيار للقدرة الشرائية، مما جعل الرؤية ضبابية حتى لدى أكثر المتفائلين حول انتهاء هذه الأزمة الخانقة على المديين القريب والمتوسط .

في ظل هذا التخبط، أعلنت بعض الدول عن إفلاسها وعجزها عن مواكبة أزمة ارتفاع الأسعار. بالمقابل عملت دول اخرى على اتخاذ عدة استراتيجيات وإجراءات مواكبة حماية للقدرة الشرائية لمواطنيها.
 
في هذا الصدد، أولت بعض الحكومات الأوروبية أهمية للفئات المصنفة ضمن الأكثر حاجة وأحيانا لعموم المواطنين من أجل دعم القدرة الشرائية، بتخفيض ثمن الطاقة أو توفير وسائل النقل بشكل مجاني، أو من خلال التخفيض الضريبي على أسعار الطاقة من أجل تخفيض تكلفته على جيوب المواطنين، أو من خلال الدعم المالي المباشر.

وفي هذا الصدد تأتي إسبانيا في المرتبة الأولى من حيث صرف خزينة الدولة على مواطنيها، رغم أزمات البلد المتتالية خلال الأعوام الماضية، تلتها فرنسا ثم إيطاليا فألمانيا.
 
المغرب بدوره يسعى جاهدا لتفادي الآثار المدمرة للتصاعد التضخمي المستمر، لكن تنقصه النجاعة والنفس الطويل. في هذا الصدد أجل البنك المركزي لوقت لابأس به قرار رفع نسبة الفائدة لكنه استقر في الأخير على رفعها لتصل لنسبة 2,5 بالمائة. والسبب هو ارتفاع معدل التضخم السنوي في المغرب لما يقرب 8.3 بالمئة. فبعد سنوات من التضخم المتحكم فيه، تعتبر نسبة السنة الحالية هي الأعلى منذ سنة 1995،علما أن معدل التضخم  خلال السنة الماضية كان في حدود 1,4 في المائة، و0,7 في المائة سنة 2020، ووصل في أدنى معدل له سنة 2019 إلى حوالي 0,2 في المائة. مما أثر سلبا على نجاعة ومحدودية تدخلات الحكومة الحالية و التي تعتبر نفسها حكومة ليبرالية اجتماعية، لم تتوفق الحكومة لإيجاد الحلول الناجعة ضد تدهور القدرة الشرائية لمختلف شرائح المجتمع ،قابله استهجان شديد أضر بمنسوب الثقة بين المكون الحكومي وعموم المواطنين ، بشكل بات يهدد السلم الإجتماعي، محدودية التدخل الحكومي تجلى في اقتصارها على تقديم دعم لمهنيي النقل الطرقي و بعض الاجراءات الهزيلة فيما يخص المتقاعدين، وهي اجراءات لم تحد بالملموس من ارتفاع المواد الغذائية حتى بضخ 16 مليار درهم إضافية في صندوق المقاصة لدعم السكر والقمح اللين و الغاز. بالمقابل لم تتجرأ على تخفيض الضريبة على المحروقات نظرا لكونها انعشت ميزانية الدولة، كما انها لم تتجرأ عن تسقيف أرباح شركات المحروقات، في ظل غياب تام لمقومات المنافسة الشريفة بين هاته الشركات. بل عملت هاته الاخيرة على التفاهم الضمني بينها لضرب المنافسة، وهو ما يمس في الصميم مقومات اقتصاد السوق والتنافسية التي تخدم مصلحة المستهلك. 
 
غياب استراتيجية واضحة لدعم القدرة الشرائية للمغاربة والتحكم في الأسعار بات يهدد السلم الإقتصادي والإجتماعي، زاده تفاقما غياب التواصل الاعلامي لتنوير الرأي العام، مما يحد من نجاعة تحليل السياسات و النقد البناء. ناهيك عن اقتصار المقاربة
 الإستشرافية للحكومة فقط لما يخص الشق الموازناتي والتحكم في ميزان الأداءات و المحافظة على التصنيف الإئتماني .
وكان بالاحرى أن تجد الحكومة بدائل من قبيل التخفيض الضريبي و محاربة المضاربة والتلاعب بالأسعار، أو اللجوء لدعم مباشر للفئات الهشة و الحفاظ على ما تبقى من القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة من خلال اما الزيادة في الأجور او من خلال تخفيض الضريبة على الدخل.
الأزمة العالمية مستمرة و لن يصل لبر الأمان إلا تلك الدول ذات الإقتصاديات  القادرة على التكيف 
والإبداع في الحلول في ظل الدولة المواطنة و ليس برفع اليد و التنكر لنبض الشارع.