الجمعة 7 فبراير 2025
فن وثقافة

بنيونس المرزوقي: مكانة كتاب "البرلمان وحقوق الإنسان: مرجعيات وممارسات"ضمن القانون البرلماني (15)

بنيونس المرزوقي: مكانة كتاب "البرلمان وحقوق الإنسان: مرجعيات وممارسات"ضمن القانون البرلماني (15) بنيونس المرزوقي، أستاذ القانون البرلماني بجامعة محمد الأول بوجدة
صدر مؤخرا كتاب: «البرلمان وحقوق الإنسان: مرجعيات وممارسات» للباحث عبدالرزاق الحنوشي، وقد حظي المؤلف باهتمام لافت عكسته اللقاءات المتعددة التي نظمت في عدة مدن (نحو 20 لقاء في ظرف أربعة أشهر)، وكذا القراءات النقدية والتحليلية التي أنجزتها العديد من الفعاليات الأكاديمية والحقوقية. وسبق لنا في «الوطن الآن» و«أنفاس بريس» أن نشرنا بعضها. ومواكبة للدخول الثقافي الجديد، نواصل نشر مساهمات جديدة. في هذا العدد ننشر مساهمة بنيونس المرزوقي، أستاذ القانون البرلماني بجامعة محمد الأول بوجدة.
 
ان‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬لنا‭ ‬عبد‭ ‬الرزاق‭ ‬الحنوشي‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‭"‬البرلمان‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان:‭ ‬مرجعيات‭ ‬وممارسات"،‭ ‬يُعتبر‭ ‬أداة‭ ‬عمل‭ ‬ذات‭ ‬ميزات‭ ‬مُتعددة‭..‬
لقد‭ ‬تطورت‭ ‬الدراسات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالقانون‭ ‬البرلماني،‭ ‬ومعه‭ ‬تطورت‭ ‬نوعين‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬أو‭ ‬التخصصات:
فمن‭ ‬جهة‭ ‬أولى،‭ ‬الدراسات‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬العام،‭ ‬والتي‭ ‬تهتم‭ ‬بمواضيع‭ ‬تُعالج‭ ‬تاريخ‭ ‬القانون‭ ‬البرلماني،‭ ‬مصادره،‭ ‬خصائصه،‭ ‬مكانته‭ ‬داخل‭ ‬الدراسات‭ ‬الدستورية‭....‬؛
ومن‭ ‬جهة‭ ‬ثانية،‭ ‬هناك‭ ‬دراسات‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬الخاص،‭ ‬والتي‭ ‬تهتم‭ ‬بقضايا‭ ‬جزئية،‭ ‬قضايا‭ ‬أكثر‭ ‬تخصصا،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬البحث‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬البرلمان،‭ ‬المسطرة‭ ‬التشريعية،‭ ‬أشكال‭ ‬الرقابة‭ ‬البرلمانية‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي،‭ ‬صياغة‭ ‬النصوص‭ ‬التشريعية‭...‬؛
وبين‭ ‬هذا‭ ‬وذاك،‭ ‬تتم‭ ‬معالجة‭ ‬مختلف‭ ‬المواضيع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أمثلة‭ ‬تطبيقية،‭ ‬متنوعة،‭ ‬حسب‭ ‬حاجيات‭ ‬الموضوع‭.‬
إلا‭ ‬أن‭ ‬الملاحظ،‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬تخصص‭ ‬يهم‭ ‬كيفية‭ ‬معالجة‭ ‬البرلمان‭ ‬لموضوع‭ ‬مُعين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مختلف‭ ‬الزوايا‭.‬
الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬بين‭ ‬أيدينا‭ ‬يسمح‭ ‬لنا‭ ‬بذلك‭..‬
إنه‭ ‬يمنحنا‭ ‬إمكانية‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الممارسة‭ ‬البرلمانية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الزوايا:
-‭ ‬المجهود‭ ‬التشريعي‭ ‬للبرلمان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬النصوص‭ ‬التشريعية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والتي‭ ‬وافق‭ ‬عليها‭ ‬البرلمان،‭ ‬وبما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تُبين‭ ‬لنا‭ ‬الممارسة‭ ‬البرلمانية،‭ ‬ومن‭ ‬خلالها‭ ‬الممارسة‭ ‬الحكومية،‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الالتزامات‭ ‬الدولية؛
-‭ ‬المجهود‭ ‬الرقابي‭ ‬للبرلمان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أسئلة‭ ‬أعضاء‭ ‬البرلمان‭ ‬الموجهة‭ ‬للحكومة،‭ ‬وذلك‭ ‬بتمحيصها،‭ ‬وترتيبها،‭ ‬ودراستها‭.‬
ومن‭ ‬خلال‭ ‬هذين‭ ‬المحورين‭ ‬الرئيسيين،‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬ينبغي‭ ‬الإدلاء‭ ‬بملاحظتين‭ ‬أساسيتين،‭ ‬من‭ ‬خلالهما‭ ‬يُمكن‭ ‬لأي‭ ‬باحث‭ ‬(ة)،‭ ‬أن‭ ‬يحكم‭ ‬على‭ ‬الممارسة‭ ‬البرلمانية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان:
الملاحظة‭ ‬الأولى،‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬كتاب‭ ‬عبد‭ ‬الرزاق‭ ‬الحنوشي،‭ ‬يُمكننا‭ ‬من‭ ‬القطع‭ ‬مع‭ ‬التحليل‭ ‬السياسي‭ ‬العام،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬التحليل‭ ‬"السياسوي"،‭ ‬المتميز‭ ‬بالذاتية‭ ‬التي‭ ‬ليست‭ ‬إلا‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬أحكام‭ ‬عامة‭ ‬وجاهزة‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬سند‭ ‬توثيقي،‭ ‬ويتم‭ ‬ترويجها‭ ‬على‭ ‬أوسع‭ ‬نطاق‭.‬
إن‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬الأحكام،‭ ‬لا‭ ‬تُساهم‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬"تأليب"‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬ضد‭ ‬المؤسسة‭ ‬التشريعية‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬مجالات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التشاركية،‭ ‬نظرا‭ ‬للقوة‭ ‬الاقتراحية‭ ‬الكبرى‭ ‬للجمعيات‭ ‬الحقوقية‭ ‬ببلادنا؛
الملاحظة‭ ‬الثانية،‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬كتاب‭ ‬"البرلمان‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان:‭ ‬مرجعيات‭ ‬وممارسات"،‭ ‬سيُمكننا‭ ‬من‭ ‬اعتماد‭ ‬إطلاق‭ ‬الأحكام‭ ‬الدقيقة،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬فيها‭ ‬للمزايدات‭ ‬السياسية‭. ‬إن‭ ‬لغة‭ ‬الأرقام‭ ‬والإحصائيات‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬والتوثيق‭ ‬والدراسة،‭ ‬ستجعل‭ ‬أحكامنا‭ ‬أكثر‭ ‬موضوعية،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يهم،‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬ملاحظات‭ ‬إيجابية‭ ‬أو‭ ‬سلبية،‭ ‬لأن‭ ‬مسألة‭ ‬التقييم‭ ‬تختلف‭ ‬باختلاف‭ ‬المنطلقات‭ ‬والأسس‭. ‬فالأساسي‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الحكم‭ ‬هنا‭ ‬سيكون‭ ‬مبنيا‭ ‬على‭ ‬وقائع‭ ‬وحقائق،‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬أحكام‭ ‬عامة‭.‬
إن‭ ‬المنهجية‭ ‬التي‭ ‬اعتمدها‭ ‬صاحب‭ ‬الكتاب،‭ ‬عبد‭ ‬الرزاق‭ ‬الحنوشي،‭ ‬فرضت‭ ‬عليه‭ ‬بدوره‭ ‬أن‭ ‬ينضبط‭ ‬للأسس‭ ‬التي‭ ‬انطلق‭ ‬منها،‭ ‬لذك،‭ ‬حدد‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أولى‭ ‬المرجعيات‭ ‬قبل‭ ‬الممارسات،‭ ‬كما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬العنوان‭ ‬نفسه،‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬تبينت‭ ‬له‭ ‬أوجه‭ ‬النقص‭ ‬في‭ ‬الممارسة‭ ‬البرلمانية،‭ ‬اقترح‭ ‬اعتماد‭ ‬الممارسات‭ ‬الفضلى‭ ‬بخصوص‭ ‬تجارب‭ ‬مختلف‭ ‬البرلمانات،‭ ‬وأساسا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مرجعيات‭ ‬الاتحاد‭ ‬البرلماني‭ ‬الدولي‭.‬
وهكذا،‭ ‬كانت‭ ‬اقتراحاته‭ ‬وتوصياته،‭ ‬متكاملة:‭ ‬ممارسات‭ ‬فضلى‭ ‬وفق‭ ‬معايير‭ ‬دولية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ملاحظات‭ ‬دقيقة‭ ‬مستندة‭ ‬على‭ ‬تجربة‭ ‬وممارسات‭ ‬الكاتب‭ ‬نفسه‭. ‬لقد‭ ‬جعلنا‭ ‬نكتشف‭ ‬إيجابيات‭ ‬وسلبيات‭ ‬الحياة‭ ‬البرلمانية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وحدد‭ ‬لنا‭ ‬أوجه‭ ‬القصور‭ ‬والثغرات‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬معالجتها،‭ ‬وقدم‭ ‬لنا‭ ‬التوصيات‭ ‬والاقتراحات‭ ‬اللازمة،‭ ‬وأمدنا‭ ‬بالمعطيات‭ ‬اللازمة‭.‬
إن‭ ‬خلاصتي‭ ‬الرئيسية‭ ‬من‭ ‬قراءة‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب،‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يُمكنني‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أقترح‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إدراج‭ ‬مادة‭ ‬"الممارسة‭ ‬البرلمانية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان"‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دراسات‭ ‬الماستر‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالقانون‭ ‬البرلماني‭ ‬أو‭ ‬الدستوري،‭ ‬أو‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬
شكرا‭ ‬صديقي‭ ‬عبد‭ ‬الرزاق‭.. ‬مع‭ ‬متمنياتي‭ ‬بتحيين‭ ‬الكتاب‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬كل‭ ‬ولاية‭ ‬تشريعية‭.‬
 
بنيونس المرزوقي، أستاذ بكلية الحقوق بوجدة