الجمعة 19 إبريل 2024
اقتصاد

خبراء عرب يقاربون بالكويت أولويات المنطقة العربية في مجال الطاقة

خبراء عرب يقاربون بالكويت أولويات المنطقة العربية في مجال الطاقة نجيب صعب، عضو ملتقى الطاقة العربي والأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية
أسدل الستار، مؤخرا، عن أشغال ملتقى الطاقة العربي المنعقد بدولة الكويت .
وفي كلمة بالمناسبة، أكدت راضية سداوي، رئيسة قسم الطاقة في مجموعة إدارة استدامة الموارد الطبيعية وتغير المناخ في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا " الإسكوا "، على وضعية الهشاشة بالمنطقة العربية بفعل تغير المناخ، فضلا عن مختلف التحديات البيئية الرئيسية، من قبيل النقص الحاد في المياه، وتلوث الهواء، والتصحر وتدهور الأراضي، والظروف الجوية الصعبة، والأضرار طويلة الأجل التي تطال المنومة البيئية والتنوع البيولوجي المحلي، رغم أن البلدان العربية أقل تلويثا من الدول مساهمة في إجمالي الانبعاثات المسببة لتغير المناخ.

وتحدثت سداوي، عن نتائج مؤتمر الأطراف للأمم المتحدة للتغير المناخي في شرم الشيخ بدورته الـ 27 (كوب 27) وآثارها على المنطقة، مشيرة ذلك أن التركيز في هذه الدورة هم الانتقال من التعهدات والالتزامات إلى التنفيذ، مشيرة إلى بعض الدول العربية  القليلة تستفيد من صناديق المناخ والتمويل الأخضر، وأن المجتمع الدولي، مع بنوك التنمية المتعددة الأطراف، يجب أن يضمن وصول التمويل والمنح والقروض الميسرة  إلى  البلدان النامية لتفادي التخلف عن الركب.

وتتوفر بعض الدول العربية على خطط لتطوير الطاقات المتجددة بشكل عام، وأنواع وقود الهيدروجين النظيفة، أو منخفضة الكربون للتصدير كجزء من برامج الانتقال في مجال الطاقة. 

وتعمل كل من  المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة والمغرب ..، إلى تنفيذ خطط واعدة لتغدو مصدرة للوقود النظيف إلى أوروبا وآسيا.

وفي السياق ذاته، أكدت سداوي أن استضافة الدورتين السابعة والعشرين والثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف (كوب) في المنطقة يعد إشارة واضحة لأهمية المشاركة في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي، ويتطلب نهج مقاربة حقوق الإنسان لضمان تمثيل الأفراد والفئات غير المهمشة. وحسب المتحدثة ذاتها، تعد التغيرات التحويلية، والمنهجية ضرورية لدفع الجهود لمعالجة تغير المناخ مع مراعاة النوع الاجتماعي، والاندماج اللذين سيؤديان في النهاية إلى السلام والاستقرار.

من جهته، أوضح أسامة الجمالي، عضو مجلس الأمناء في الكلية الأسترالية، أن الحرب في أوكرانيا أثرت سلبا على الاقتصاد العالمي، خصوصا بعد جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19)، وسلطت الحرب الروسية الاكرانية  الضوء على الجغرافيا السياسية الدولية الجديدة للطاقة لتكمل حركة العوامل الجيوسياسية الحالية في المنطقة العربية مع تأثير فوري على أسعار الطاقة والسلع الأولية، وليس فقط النفط والغاز حيث بلغ  خام برنت مؤقتا إلى 140 دولاراً للبرميل، وتجاوز سعر الغاز 70 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وأدى ارتفاع أسعار المواد الخام الى زيادة تكاليف الطاقة المتجددة. وأفاد الجمالي بأن ارتفاع أسعار الطاقة له آثار متفاوتة، إذ تتحمل الدول المستوردة لها ضغوطاً مالية عالية مقارنة بالدول المصدرة التي كانت في حالة صراع من خلال ارتفاع معدلات التضخم، مستدركا أن ارتفاع عائدات صادراتها جعلها في وضع مالي أفضل. 

و كان لتوقف سلاسل التزويد آثار مضاعفة على القطاعات الأخرى، لاسيما السلع الزراعية، مما هدد الأمن الغذائي، ومن المتوقع أن يكون التضخم عام 2022 مصدر قلق لمعظم البلدان، لا سيما للبلدان المنخفضة الدخل والأقل نموا التي تتحمل بالفعل أعباء ديونها. وتقوم العديد من البلدان بمراجعة استراتيجيات الطاقة الخاصة بها، مع التركيز بشكل أكبر على أمن الطاقة واستدامتها. 

هذا، ويقدر صندوق النقد الدولي أن دعم الطاقة وحده يمكن أن يصل إلى 22 مليار دولار للبلدان العربية المستوردة للنفط في سنة  2022، وستؤثر هذه التطورات والشكوك على مسار الانتقال في مجال الطاقة العالمي، التي بدورها قد تخلق تحديات أخرى أمام تحقيق اهداف التنمية المستدامة وأهداف صافي الانبعاثات الصفري في أفق سنة 2050.

وتدارس المشاركون أولويات المنطقة العربية في مجال الطاقة، مناخيا عبر ارتفاع في متوسط درجات الحرارة بمقدار درجتين في بعض الأجزاء، ومن المتوقع أن تشهد زيادة أعلى في المستقبل، ووجوب استقطاب، المنطقة العربية للتمويل بغية تخفيف يعادل ثلاثة أضعاف ما تلقته بهدف التكيف مع التغير المناخي.

وقدم نجيب صعب، عضو ملتقى الطاقة العربي والأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، تحليلاً للانعكاسات المتوقعة لقمة شرم الشيخ على قطاع الطاقة، منبها الى أن أهمها سيكون في أثر الإشارات السياسية على الاستثمارات في القطاعين الخاص والحكومي، كما نبه إلى ضرورة عدم اعتبار العودة الجزئية إلى الفحم الحجري والبحث عن مصادر بديلة للنفط والغاز، نتيجة للحرب الروسية في أوكرانيا، حالة ثابتة  على اعتبار أن هذا وضع عارض لن يستمر طويلاً، وقد يؤدي الى نتائج معاكسة، أبرزها التحول الى مصادر الطاقة المتجددة بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً.

وأشار إلى أنه في قمة شرم الشيخ المناخية حصل اتفاق صريح على حتمية تخفيض الانبعاثات الكربونية وصولا الى الصفر، وتوجيه استثمارات الطاقة في هذا الاتجاه، أكان في موازنات الدول المنتجة للوقود الأحفوري، أو قروض مؤسسات التمويل الدولية، ومع أن الأزمات الاقتصادية التي تضرب العالم لم تسمح بوضع المليارات المطلوبة فوراً على الطاولة في شرم الشيخ، مستدركا أن الالتزام السياسي من الجميع بخفض الانبعاثات الكربونية سريعاً كان واضحا. وحين تتبدل اتجاهات السياسات الحكومية، لن يخاطر القطاع الخاص بالاستثمار في الاتجاه المعاكس. 

وفيما يخص نتائج أزمة امدادات الطاقة، خاصة الغاز، التي أفرزتها الحرب الروسية، من خلال استخدام الطاقة كورقة ابتزاز، أكد "نجيب صعب" أنها لم تنعكس فقط على البحث عن مصادر بديلة، بل عززت التوجه نحو تسريع التحول الى مصادر الطاقة المتجددة للاستغناء عن الخضوع للابتزاز الروسي، والاعتماد على مصادر خارجية بشكل عام.

وفيما شجع على ضرورة استمرار الدول المنتجة للنفط في الاستثمار في تكنولوجيات التقاط الكربون واعادة استخدامه، أو تخزينه على نحو مأمون، دعا المتحدث ذاته إلى عدم إهمال البدائل الأخرى، مبرزا أن النجاح في إيجاد تقنيات مأمونة، واقتصادية لجمع الكربون الناجم من حرق الوقود الأحفوري مفيد للدول المنتجة وللعالم كله، إذ يسمح باستمرار استخدام هذا الوقود لأطول فترة، بلا انبعاثات كربونية.

وفي السياق ذاته، أفاد " نجيب صعب" أن هذه العملية ما زالت مكلفة جداً، عدا عن أن تطبيقاتها محصورة في محطات الطاقة المركزية، وليست عملية للاستخدامات الفردية، مثل السيارات.

وزاد قائلا:" لهذا، فعلى الدول المنتجة أن تضع في الحسبان "الخطة ب"، لئلا تضطر الى تخفيض انتاجها على نحو سريع وكبير وغير متوقع، في حال تأخرت تكنولوجيات الكربون الدائري عن إعطاء النتائج المطلوبة في الوقت المحدد".

واختصر " نجيب صعب" الرسالة من قمة المناخ إلى الدول المصدرة للنفط والغاز بضرورة تنويع الاقتصاد سريعا، والتحول السلس الى نموذج جديد في تجارة الطاقة، يستند إلى تصدير الكهرباء المولدة من الشمس والرياح، إلى جانب الهيدروجين المنتج من الكهرباء المتجددة، ومياه البحر، والمنطقة غنية بالموارد الطبيعية التي يتطلبها هذا التحول.

وفي مداخلة لها، قالت سارة أكبر، الرئيسة والمديرة التنفيذية لشركة "أويل سيرف" ،في ختام الملتقى، أن  صادرات الطاقة من المنطقة العربية تجاوزت 300 مليار دولار في عام 2020، وستستفيد اقتصادات مجلس التعاون الخليجي، على سبيل المثال، من ارتفاع أسعار النفط، بينما يتوقع أن تنمو دول أخرى لا سيما البلدان المستوردة الصافية بوتيرة أبطأ من توقعات ما قبل الأزمة. وأضافت أكبر أنه على وجه الخصوص، من المرجح أن تخسر البلدان المتوسطة الدخل 2.3 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي المتوقع عام 2022، وستخسر المنطقة العربية بشكل عام 11 مليار دولار في 2022 و16.9ملياراً في 2023.

يشار أن ملتقى الطاقة العربي، هو تجمع يضم خبراء عرب في مجال الطاقة، من القطاعين العام والخاص، يجتمع مرة في السنة لمناقشة التحديات التي تواجه قطاع الطاقة في المنطقة العربية، واتجاهات اسواق الطاقة.