الخميس 25 إبريل 2024
رياضة

مصطفى يخلف: هذا ما ينتظر فريقنا الوطني من عمل بعد مونديال قطر 2022

مصطفى يخلف: هذا ما ينتظر فريقنا الوطني من عمل بعد مونديال قطر 2022 عناصر المنتخب الوطني المغربي ومصطفى يخلف
وقعت أسود الأطلس على إنجاز تاريخي خلال مشاركتها بمونديال قطر 2022 من شأنه أن يحدث تغيرا جدريا في المنظومة الكروية الوطنية.
في هذا الصدد تواصلت
"أنفاس بريس" مع مصطفى يخلف، محامي باحث في سلك الدكتوراه في المجال الرياضي، للتسليط الضوء على ما ينتظر كتيبة المنتخب الوطني بعد مونديال قطر 2022.
 
ما‭ ‬تداعيات‭ ‬الحضور‭ ‬المشرف‭ ‬لأسود‭ ‬الأطلس‭ ‬في‭ ‬مونديال‭ ‬قطر‭ ‬202؟
استطاع‭ ‬المنتخب‭ ‬المغربي‭ ‬القفز‭ ‬من‭ ‬فريق‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬رمز‭ ‬للحلم‭ ‬العربي‭ ‬والإفريقي‭ ‬في‭ ‬أمل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬نقطة‭ ‬في‭ ‬المنافسة‭ ‬العالمية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬لعبه‭ ‬مقابلة‭ ‬الترتيب‭ ‬مع‭ ‬كرواتيا‭ ‬بعد‭ ‬الإقصاء‭ ‬غير‭ ‬المستحق‭ ‬أمام‭ ‬نصف‭ ‬النهائي‭ ‬ضد‭ ‬فرنسا‭.
 
ويعتبر‭ ‬وصول‭ ‬المنتخب‭ ‬المغربي‭ ‬للمربع‭ ‬الذهبي‭ ‬إنجازا‭ ‬فريدا‭ ‬واستثنائيا‭ ‬لم‭ ‬يسبقه‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬فريق‭ ‬عربي‭ ‬أو‭ ‬إفريقي‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1930‭ ‬إلى 2022، ‬وهو‭ ‬بمثابة‭ ‬علامة‭ ‬التفوق‭ ‬والحضور‭ ‬الجدي‭ ‬والمنافسة‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬اعتمدت‭ ‬على‭ ‬منطق‭ ‬الأسرة‭ ‬والتعاون‭ ‬والتضامن‭ ‬وتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬اللاعبين‭ ‬والطاقم‭ ‬الفني‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تخاذل‭ ‬أو‭ ‬تقاعس،‭ ‬وهي‭ ‬القيم‭ ‬المغربية‭ ‬التي‭ ‬أبهرت‭ ‬العالم‭ ‬بشكلها‭ ‬ونمطها‭ ‬التنافسي‭ ‬وروح‭ ‬الفريق‭ ‬المؤسس‭ ‬على‭ ‬فلسفة‭ ‬كوارديولا‭ ‬العرب‭ ‬والأفارقة‭ ‬الكوتش‭ ‬الركراكي،‭ ‬الذي‭ ‬استمد‭ ‬من‭ ‬خصوصية‭ ‬و‭ ‬ثقافة‭ ‬المغاربة‭ ‬القوة‭ ‬والسند،‭ ‬واستطاع‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬حسن‭ ‬الظن‭ ‬بالله‭ ‬مفتاح‭ ‬النجاح،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬عبارة‭ ‬«ديرو‭ ‬النّية»‭.‬
 
 ولا‭ ‬تعتبر‭ ‬هذه‭ ‬الملحمة‭ ‬المغربية‭ ‬المشرفة‭ ‬كرويا،‭ ‬هي‭ ‬أهم‭ ‬تداعيات‭ ‬مشاركة‭ ‬أسود‭ ‬الأطلس،‭ ‬وإنما‭ ‬حصد‭ ‬المغرب‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أضخم‭ ‬وكالات‭ ‬التسويق‭ ‬السياحي‭ ‬والثقافي‭ ‬العالمي‭ ‬الوصول‭ ‬إليه،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬خصصت‭ ‬لها‭ ‬ميزانية‭ ‬دولة، ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬أصبح‭ ‬معروفا‭ ‬في‭ ‬بقاع‭ ‬الأرض‭ ‬بطولها‭ ‬وعرضها،‭ ‬وثقافته‭ ‬الشعبية‭ ‬والوطنية‭ ‬أصبحت‭ ‬قدوة‭ ‬حيرت‭ ‬الصحافيين‭ ‬والمهتمين‭ ‬الرياضيين‭ ‬والإعلاميين،‭ ‬وأسست‭ ‬لفلسفة‭ ‬التعاقد‭ ‬والتضامن‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بالخصوصية‭ ‬المغربية‭ ‬التي‭ ‬ينصهر‭ ‬و‭ ‬يندمج‭ ‬فيه‭ ‬المسؤول‭ ‬مع‭ ‬المواطن‭ ‬مع‭ ‬الرياضي‭ ‬مع‭ ‬الصحفي‭ ‬مع‭ ‬الأسرة‭ ‬مع‭ ‬العائلة،‭ ‬خدمة‭ ‬للوطن‭ ‬وحبا‭ ‬فيه‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬سواه‭.‬

فالمغرب‭ ‬بعد‭ ‬مونديال‭ ‬2022‭ ‬ليس‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬قبله،‭ ‬لا‭ ‬تسويقا‭ ‬(السياحة‭ ‬الوطنية)‭ ‬ولا‭ ‬سلوك‭ ‬(ثقافة‭ ‬المغاربة)‭  ‬ولا‭ ‬طموحا‭ ‬(أصرار‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬كسب‭ ‬الالقاب‭ ‬الدولية)،‭ ‬وهو‭ ‬أهم‭ ‬إنجاز‭ ‬يستحق‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬أسود‭ ‬الأطلس‭ ‬التكريم‭ ‬والإفتخار‭ ‬بهم‭ ‬لأنهم‭ ‬أصبحوا‭ ‬قدوة‭ ‬وعلامة‭ ‬متميزة‭ ‬في‭ ‬الرفع‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬وطنهم،‭ ‬وخلق‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬الأجيال‭ ‬الصاعدة،‭ ‬والروح‭ ‬في‭ ‬الأوطان‭ ‬العربية‭ ‬والإفريقية‭ ‬لتحلم‭ ‬بأن‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬أفضل‭ ‬مما‭ ‬تحقق‭ ‬بمونديال‭ ‬قطر‭ ‬باللمسة‭ ‬المغربية‭.‬

فالمغرب‭ ‬المعروف‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭ ‬بأرض‭ ‬الكرم‭ ‬والشرفاء،‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يغزوا‭ ‬العالم‭ ‬بأرض‭ ‬الوفاء‭ ‬والإحسان‭ ‬بالوالدين‭ ‬والشكر‭  ‬والسجود‭ ‬حمدا‭ ‬لله‭ ‬في‭ ‬الهزيمة‭ ‬والنصر‭.‬
 
والمغرب‭ ‬المظلوم‭ ‬من‭ ‬الجيران‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يسوق‭ ‬بأنه‭ ‬يستطيع‭ ‬خلق‭ ‬السلم‭ ‬والسلام‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬فرض‭ ‬عليه‭ ‬الإنهزام‭ ‬بالحكم‭ ‬وليس‭ ‬بالقدم‭.‬
 
لكن‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يؤرق‭ ‬المراقبين،‭ ‬هو‭ ‬تحديات‭ ‬الفريق‭ ‬الوطني‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬مونديال‭ ‬قطر‭ ‬2022؟
المغرب‭ ‬اليوم‭ ‬مطالب‭ ‬بتطبيق‭ ‬حكمة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬ضمن‭ ‬التصنيف‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬خوله‭ ‬المرتبة‭ ‬الرابعة‭ ‬في‭ ‬مونديال 2022، ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬إعادة‭ ‬التّفكير‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الرياضية‭ ‬بالمغرب‭ ‬ومفهوم‭ ‬التكوين‭ ‬والمعاهد‭ ‬والأكاديميات‭ ‬الموازية‭ ‬والتي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تقتبس‭ ‬من‭ ‬أكاديمية‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬النموذج‭ ‬والفلسفة‭ ‬والهدف‭.‬
 
ولأن‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬رياضي‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬العالي‭ ‬يحتاج‭ ‬لميزانية‭ ‬خاصة‭ ‬وأطر‭ ‬وقوانين‭ ‬وأنظمة‭ ‬مصاحبة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬والتفكير‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬هيئة‭ ‬عليا‭ ‬للرياضة‭ ‬كمؤسسة‭ ‬مستقلة،‭ ‬مهمتها‭ ‬وأهداف‭ ‬التأصيل‭ ‬والتأطير‭ ‬ورسم‭ ‬خطة‭ ‬الطريق‭ ‬القصيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬والبعيدة‭ ‬الأمد‭ ‬لجعل‭ ‬الرياضة‭ ‬عموما‭ ‬وكرة‭ ‬القدم‭ ‬خصوصا‭ ‬قاطرة‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية،‭ ‬ومجالا‭ ‬واعدا‭ ‬للاستثمار‭ ‬المخضرم‭ ‬الوطني‭ ‬والأجنبي‭ ‬وتسويق‭ ‬نموذجه‭ ‬عربيا‭ ‬وأفريقيا‭ ‬ولما‭ ‬لا‭ ‬دوليا‭.‬
 
فالمغرب‭ ‬الذي‭ ‬نجح‭ ‬جناحه‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬مونديال‭ ‬قطر 2022‭، ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬مرجعا‭ ‬احترافيا‭ ‬قابلا‭ ‬للتسويق‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المؤسسة‭ ‬المغربية‭ ‬لتنظيم‭ ‬وتأمين‭ ‬التظاهرات‭ ‬العالمية،‭ ‬بكل‭ ‬أبعادها‭ ‬البشرية‭ ‬واللوجيستيكية‭ ‬والإعلامية‭ ‬والأمنية،‭ ‬وهي‭ ‬فرصة‭ ‬لتوفير‭ ‬أطر‭ ‬شابة‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬التنظيم‭ ‬والترفيه‭ ‬والتشجيع‭ ‬والأمن‭ ‬الرياضي‭ ‬الميداني،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقتضي‭ ‬اعتماد‭ ‬المسلك‭ ‬العلمي‭ ‬والمعرفي‭ ‬الجامعي‭ ‬والمتخصص‭ ‬للدفع‭ ‬بهذا‭ ‬المولود‭ ‬الجديد‭ ‬نحو‭ ‬استجماع‭ ‬أركانه‭ ‬وتثبيت‭ ‬مؤهلاته،‭ ‬وتنزيل‭ ‬مهاراته‭ ‬التي‭ ‬ستتطور‭ ‬مع‭ ‬توالي‭ ‬المنافسات‭ ‬والتظاهرات‭ ‬الوطنية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والدولية‭.‬
 
مصطفى يخلف/ محامي باحث في سلك الدكتوراه في المجال الريّاضي