الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

ادريس المغلشي: ما أعظمك من شعب ..!

ادريس المغلشي: ما أعظمك من شعب ..! ادريس المغلشي
لاتكتفي مباريات كرة القدم في كأس العالم بتوفير فرجة بين منتخبات عريقة في اللعبة واخرى حديثة العهد فقط بل هناك من ذهب لوضع معادلة مفادها أن الحضور القوي في الرياضة إنما هو ترجمة حقيقية لنهضة في مجالات اخرى كالقوة الاقتصادية والحضور الدولي. قد لاتستقيم هذه الاطروحة في كل الحالات  لكن يبدو ان مجمل الدول النامية والهاوية في هذا المجال لاتسجل خطوات متقدمة في هذه المحطات. بل يبقى طموحها محدودا في المراحل الأولى كأبعد تقدير . لكن لعبة كرة القدم تعتبر اختبارا حقيقيا بين الهواية والاحتراف وبين العشق كممارسة والترفيه وهي امور تظهر خصوصا بين دول لها تاريخ زاخر بالانجازات واخرى تحاول أن تسجل إنجازات لأول مرة واخرى تسير بخطى ثابثة نحو اثباث الذات وهي معطيات فندتها محطة قطر من خلال نتائج غير متوقعة. فمن كان يتوقع تغلب السعودية على الارجنتين وتونس على فرنسا واليابان على إسبانيا كلها نتائج شكلت مفاجآت هذه الدورة.
لكن ماتميزت به الدورة الكم الهائل من المشاعر الإنسانية التي بثثها شاشة التلفزة عبر لحظات ذات حمولة عاطفية مؤثرة .قد تشدك إليها شدا من خلال مقاطع تأثرت لها كثيرا وهي تستوقفني كخلاصة  أن بين الشعوب اكثر مما نتصور مهمااختلفنا.اسوق بعضها لقوتها بما يذكي الشعور الإنساني لدى الجميع .المقطع الأول صورة بين النشيد الوطني لبلاد الغال ونهاية المباراة بإقصاء منتخبها تتجسد صورة معبرة. مما أثارني في الموضوع طريقة انضباط الفريق والطاقم التقني أثناء ترديد النشيد الوطني شيء لايصدق وفي نهاية المباراة  تتجه المجموعة بكاملها نحو الجمهور لتصطف امامه كأنها لحظة محاسبة فيتقاسم الجميع الإحساس بالانتماء للوطن وينشدون سويا والدموع لاتفارق الكل. لحظة جد مؤثرة. المقطع الثاني بالنسبة للجماهير   الاسيوية كوريا الجنوبية واليابان على وجه الخصوص  وقد قدموا نماذج استثنائية في التواصل مع الفريق وتبادل الرسائل  حب واحترام في المدرج وعطاء وقتالية في الملعب .ممانتج عنه انجاز غير مسبوق ينبئ بأن الفرق الآسيوية قادمة لامحالة فيما يستقبل من السنوات. والأكيد انها ستقول كلمتها.
الشعب المغربي فتلك قصة أخرى لايمكن مقارنته بالباقي . فقد تابع الجميع كيف انتفض في بداية الأمر على الناخب السابق خاليلوزيتش رغم تأهل المنتخب وضغط على الجامعة من أجل فسخ العقد ووضع الثقة في الإطار الوطني الركراكي رغم أن المدة المتبقية عن انطلاق المونديال شهرين فقط  . بل وتدخل كذلك في التشكيلة وطالب بالتحاق حمد الله وزياش وغيرهم من اللاعبين.صحيح ان الجامعة تصرفت بذكاءواستجابت لهذه المطالب فحازت اجماعاوطنيا ومساندة منقطعة النظير بالقياس مع ماوقع في روسيا 2018 حيث انعدمت هذه الشروط رغم الآداء المتميز . وربما نسخة قطر جاءت لتصحح ماسبق . لعل من ابرز ما شهده مونديال الكم الهائل من الجمهور من حيث الحضور حيث  سافر مساندا لمنتخبه في محطة لاتتكرر إلا مرة واحدة كل اربع سنوات . لقد أثبث حبه لوطنه كما هو شغفه للعبة وساند في كل المباريات واعتبره شخصيا جمهورا استثنائيا ساهم بشكل كبير في كل هذه الفرحة التي نعيش اجواءها الآن.وهي رسالة للمسؤولين والقائمين على امورنا ان يستحضروا مسؤولياتهم امام هذا الشعب العظيم الذي كلما حلت مناسبة تقتضي حضوره الفعلي إلا وبرهن على مستوى عالي من النضج والمسؤولية وما محطة كورونا منا ببعيدة . 
أتمنى أن يلتقط الجميع الرسالة من أجل استثمار جيد لهذه اللحظة التاريخية وهذا الفوز المشرف . فكرة القدم استطاعت أن تعيدنا للحمة الوطنية بمنسوب أقوى.  من مسؤوليتنا جميعا الحفاظ عليها .