الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

ادريس المغلشي: الوجه الخفي للعبث السياسي

ادريس المغلشي: الوجه الخفي للعبث السياسي ادريس المغلشي
دعك من الشعارات الرنانة سواء تلك التي تزين مقرات الأحزاب أو تلك التي تؤطر برامجها ..! فأغلبها يشبه لحد بعيد وصلات الإشهار بتلفزتنا الموقرة، كثير منها لاعلاقة له بالواقع، لأنها لم تخرج من رحم واقعه المعيش ومن معاناته اليومية لم تعدمرتبطة بالمواطن المغربي الذي لم يعد له القدرة على تتبع الأحداث السياسية، بعدما اربكت عدة عوامل ظروفه المعيشية، من خلال إجراءات غير مفهومة، تتجه نحو مصادرة حقه في الفهم والمشاركة والاستيعاب. أيضا لأحداث كثيرة تتسارع دون أن يقف لها على محدد.

كل الإجراءات المتخذة أصبحت واقعا وحقيقة تضيق الخناق على مستواه عيشه. لكن أشد وضعية غموضا في الشق السياسي ما أصبحنا نعيشه اللحظة من خلط للأوراق بين مكونات هجينة تقدم أسوأ نموذج في تدبير السياسة بالبلد. لم نعد نسمع عن أغلبية ببرنامجها الواضح ولا معارضة بمرافعاتها القوية التي تشكل قوة اقتراحية تفند اطروحات الحكومة وتقدم البدائل.

أبرز ملامح الخلط التي شابت المواقف السياسية تتجسد بوضوح في قبة البرلمان وفي أمثلة واضحة ومتناقضة، اثناء نقاش البرنامج الحكومي والميزانية، ونحن نعلم هندسة العدد بين أغلبية مريحة قادرة على التصويت بسرعة البرق، ومعارضة ضعيفة تبحث عن موقع لإبراز ذاتها دون أن تحدث تغييرا مأمولا في المسار. 
ما شدني في مداخلاتها نموذجين مستفزين لحد الغرابة.

أوزين ذاك الفتى الذي ولد وفي فمه ملعقة من ذهب متسلقا في كل مرحلة منصبا ف "لي عندو جداه فالعرس فعندو علاش إخاف ". جاء للبرلمان وهو يزاوج بين لباس تقليدي العريق وآخر صيحات " الكوستيمات" العصرية، وكأنه عارض ازياء بامتياز . متسلحا بمعجم من المفردات، رغم قوتها تبدو خافتة فاقدة للقوة. وأتساءل ماسر هذا الفتور؟ ليس عيبا أن تتسلح بمفردات قوية لكن تلزمك الشجاعة لتتحمل قوتها وتبعاتها. وأنت تحاول رفع وثيرة النقاش. غير خاف على كل متتبع أن الأفكار مهما كانت وجيهة تحتاج لمن يلقيها ويتماهى مع مضمونها. في الحقيقة لم اشعرلحظة سماع مرافعته بانها بنات افكاره ومن عنديته. تلعثمه.. وعيه.. وارتباكه في الالقاء جعل منها بعيدة عن مضامينها الحقيقية، ليس بالسهل أن تكون مرافعا شرسا. بين كلمات مجاملة مدهونة بالعسل وأخرى تبدو جرعتها زائدة لحد الإبتذال، خصوصا أنها خرجت كأسرار ومعلومات ممن غادروا قطاع التعليم بعدما فشلوا في تدبيره سابقا. "والفاهم يفهم" وكخلاصة تبدو واضحة يصعب تصديق نصائح الفشلة سوى الاستفادة من سقطاتهم .

في الشق الآخر والذي يشكل وجها من  الغرابة لحدود الاستفزاز  في سياستنا المصونة، أن يصبح صوت من الأغلبية أقوى من معارضة هجينة فاقدة للثقة والمبادرة. المهاجري كبرلماني ينتمي للأغلبية  شكل صوتا مشاكسا للكل وهو ينقل هموم المواطن داخل قبة البرلمان بطريقته المعتادة غير أنه وضعنا في مأزق سياسي لم نفهم مراميه وهو يحرج الكل ليرفع السقف عاليا ويشكل نقطة ضوء وسط عتمة جاثمة على النقاش العمومي، وامام العديد من علامات الإستفهام والأسئلة، أهمها أغلبية تؤيد وتعارض من؟ ومعارضة خارج السياق، ماهو دورها؟..
فعلا، نعيش سابقة لم نشهدها من قبل.  مادمت في المغرب فلاتستغرب.