قال المكتب التنفيذي لجمعية عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة أنه يتابع بقلق شديد "الهجوم السافر والممنهج على مهنة المحاماة من طرف الحكومة الحالية وذلك بكل أشكال التضييق التشريعية والضريبية في ضرب صارخ لاحترام التراكمات القائمة على احترام قواعد الحوار والتفاوض، والتي أسس لها منذ عقود وفي كل المحطات الإصلاحية الكبرى بين الحكومة بكل مؤسساتها وبين جمعية هيئات المحامين بالمغرب، بصفتها المخاطب الرسمي، حتى إبان التعديل الدستوري، وفي تهميش تام للمقاربة التشاركية التي هي أكبر دعامة لنجاح كل الإصلاحات".
وأضاف بلاغ توصلت جريدة "أنفاس بريس" بنسخة منه، موقع من قبل الأستاذة جميلة السيوري، أن المحاماة تعيش أشرس المعارك النضالية التي خاضها المحامون والمحاميات من أجل استقلال القضاء وإصلاح منظومة العدالة، وكان المحامون والمحاميات على رأس هذه المعركة قائدين لها وقائدات من مختلف مواقعهم المهنية والسياسية والتشريعية والحقوقية.
ومما جاء في البلاغ:
وإننا اذ نذكر وزير العدل بما نساه أو يتناساه:
- إن استقلال المحاماة يقوم ويتعزز في دولة القانون التي يسود فيها احترام حقوق الإنسان، الذي يستوجب احترام حماة هذه الحقوق وعلى رأسهم المحامون والمحاميات.
- إن حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، تقتضي استقلال السلطة القضائية واستقلال المحاماة بصفتهما شركاء في إدارة نظام العدالة، وإعلاء صرح الحق في الدولة التي يتوجب أن تحترم وتكفل حقوق الإنسان للجميع.
- إن استقلالية مهنة المحاماة واحترام قدسيتها منوط بالأساس بالمحامين في سعيهم للحفاظ على استقلاليتهم وهيبة مجالس هيئاتهم، وفي فرض احترام الغير للمهنة سواء كان هذا الغير أشخاصا أو سلطات أو جهاز القضاء وغيره من الأجهزة والجهات التي يباشر المحامون عملهم أمامها.
- إن استقلاليتها وحمايتها واجب على مجالس الهيئات الممثلة للمحامين المناط بها تدعيم مكانة المهنة والارتقاء بكفاءة ومعارف منتسبيها والحفاظ على كرامتهم.
- إن حماية واحترام استقلالية المحاماة أولا وأخيراً مسؤولية الدولة وسلطاتها الثلاث وعلى عاتقها توفير الظروف الملائمة للمحامين في أدائهم لوظيفتهم المهنية دون عائق أو تدخل، وتوفير ضمانات حمايتهم من كل اعتداء واحترام علاقتهم بموكليهم وسرية مكاتبهم وملفاتهم وأعمالهم واتصالاتهم.
- أن الاستقلالية هي أن تحترم سائر المؤسسات والسلطات التي يمارس المحامي مهامه أمامها، حريته ومكانته والتعاون معه وإتاحة كل فرصة له للقيام بواجبات الدفاع عن موكليه، وتقتضي ألا يتعرض المحامي للملاحقة أو القبض عليه جراء ما يقوم به من أعمال في خدمة موكله، ويتعين أن ينال الرعاية والاحترام الكافيين أمام أجهزة الشرطة والنيابة العامة وجهات التحقيق.
- إن المحامي مستقل في ممارسته لواجبات مهنته عن القضاء، ومقتضى هذه الاستقلالية عدم خضوعه لأي تدخل من جانب أي كان بما في ذلك القضاء.
- إن مشروع مسودة قانون مهنة المحاماة المسرب، يتضمن في العديد من مقتضياته انتهاكا سافرا لمبدأ استقلال المحاماة وللحقوق المكفولة دستورياً ولكل قواعد ومبادئ الاستقلالية المشار اليها أعلاه.
- إنه وسيلة لاستخدام السلطة التي يركب على جوادها الجامح وبدون لجام، لتمرير مخططات ترنو إلى إهدار استقلال المحاماة وتهميش دورها التاريخي في الدفاع على حقوق الإنسان وإرساء دعائم الحق والقانون.
- إنه مشروع تبدو فيه وبشكل فادح استغلال السلطة التنفيذية لدورها التشريعي بنية مبيته للتأثير على السلطة التشريعية، والإجهاز على وظيفتها التشريعية من خلال تمرير قانون يقزم دور المحاماة واستقلاليتها.
- أن كل مشاريع القوانين التي سارع الوزير وهبي إلى وضعها بشكل انفرادي وبأسلوب بيزنطي، دون إعمال قواعد وأسس المقاربة التشاركية، ومن بينها قانون المسطرة المدنية، القانون الجنائي وكذا فتاواه التي افتى بها بشكل فردي على وزير المالية بخصوص التعديل الضريبي.. تؤكد فشل تدبيره لقطاع العدالة، وعدم صلابة سياسته وعدم استيعابه المطلق لمفهوم العدالة الضريبية، وافتقاده لرؤية إصلاحية من شأنها إحداثه للتغيير المزعوم الذي تفوه به من كل مواقعه المهنية والسياسية والوزارية، والذي يجب أن يرتكز على بعد النظر والسعي إلى خلق الانسجام بين القوانين وروح الدستور والمواثيق الدولية، وعدم تجزيء إصلاح القوانين حتى لا يفرغها من قيمتها التشريعية والسياسية من جهة، ومن جهة أخرى، على اعتماد مقترحات المجتمع المدني الذي ما فتئ يوسع قاعدة النقاش حول الإصلاحات القانونية والتشريعية ويساهم في ضمان الالتقائية بين مختلف الفاعلين، ويلعب دورا محوريا في إرساء ثقافة الحوار وترسيخ قواعد التشاركية الديمقراطية.
- أن المقتضيات الضريبية التي جاء بها قانون المالية لسنة 2023 من شأنها المساس بالحق في الولوج المستنير للعدالة، وبحق المواطنين في الحصول على حقوقهم دون عراقيل مادية، وذلك يتجلى في الأداء المسبق والرفع من الضريبة على القيمة المضافة.
وأكدت جمعية عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة:
- دعمها المبدئي واللا مشروط لموقف كل من جمعية هيئات المحامين بالمغرب ولكل الإطارات التنظيمية والشبابية المهنية الأخرى، الرافضة لمشروع مسودة القانون المسربة.
- تضامنها مع كل الأشكال النضالية المزمع القيام بها والإعلان عن مشاركتها فيها.
معلنة إطلاق حملة ترافعية من اجل استقلال المحاماة حسب خطة عمل التالية:
- تشكيل جبهة مدنية حقوقية لدعم نضالات جمعية هيئات المحامين بالمغرب وباقي الإطارات التنظيمية.
- عقد موائد مستديرة حول الإصلاح الهادف والشامل لقانون المنظم لمهنة المحاماة وللقانون الضريبي، بما يضمن العدالة الضريبة ولا يمس بحق الفئات الهشة في الولوج إلى العدالة.
- إعداد مذكرة ترافعية ورفعها إلى كل الجهات المعنية.