الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

البدالي: الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أمام هذه التحديات

البدالي: الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أمام هذه التحديات صافي الدين البدالي
أعلن يوم الاثنين 24 أكتوبر 2022، عن تعيين الأعضاء الأربعة للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، الذين يخول القانون المنظم للهيئة للملك حق تعيينهم.
وتهدف هذه التعيينات إلى استكمال تركيبة هذه المؤسسة الوطنية وتمكينها من النهوض بالمهام التي يخولها لها الدستور، لاسيما في مجالات التصدي للفساد والمساهمة في تخليق الحياة العامة؛ وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وثقافة المرفق العام وقيم المواطنة، وستكون المسؤولة، طبقا لما جاء في أحكام دستور2011؛ و القانون الجديد المنظم لهذه الهيئة الدستورية، على التصدي لكل حالات الفساد التي تكون قد علمت بها، كما يمكنها القيام بالبحث أو التحري في الأفعال التي تبت أنها لها ارتباط بالفساد، واتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل ترتيب الجزاءات القانونية على ضوء النتائج المتوصل إليها.
إلا أن المشكل ليس في الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ولا في اعضاءها،
إنما المشكل أولا هو في أصل انتشار الفساد وشيوع الرشوة حتى أصبحت جذورهما تضرب في أعماق المؤسسات العمومية وغير العمومية، وفي المؤسسات الدستورية، مما جعل المواطن يفقد الثقة في هذه المؤسسات. إذ أصبح الفساد والرشوة يشكلان إرهابا حقيقيا على المجتمع المغربي وعلى أية تنمية مرجوة. إن المشكل ليس في الهيئة وإنما المشكل الأول في القرار السياسي الذي يجب اتخاذه كي يضمن لهذه المؤسسة الدستورية هيبتها وقوتها واستقلاليتها، والأخذ بقراراتها.
والمشكل الثاني يتجلى في الجسم القضائي الذي لا زال يفتقر إلى الكفاءة اللازمة والنزاهة والاستقلالية. لأن بعض الأحكام التي تصدر في ملفات الفساد أو الرشوة هي غالبا ما تعرف التماطل والبطء في إجراء المساطر، مما جعل المواطنين و المواطنات يفقدون الأمل من فعالية القضاء.
إن المغرب عرف منذ بداية الاستقلال عدة مجالس ومكاتب وهيئات وطنية صرفت عليها أموال طائلة دون تحقيق نتائج تذكر، ولنضرب مثلا بالمجلس الأعلى للتعليم، والمجلس الأعلى للحسابات، ومجلس المنافسة. فهل غير المجلس الأعلى للتعليم مما أصاب هذا القطاع من عجز بل من عقم تعليمي / تعلمي؟ ومن تخلف تربوي وفني ؟ وهل غير المجلس الأعلى للحسابات من الفساد من شيء؟ إذ ظل يكتفي بالتوصيات وبالنصائح ويظل تحت الطلب لتصفية حسابات سياسية من خلال الانتقائية في الملفات؟ وهل استطاع مجلس المنافسة الحد من التلاعب في أسعار المحروقات وفي إسناد الصفقات العمومية طبقا للفصل 166 من الدستور؟ رغم أنه يعتبر هيئة مستقلة ومكلفة بتنظيم منافسة حرة ومشروعة لضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية، وذلك من خلال تحليل واقعي لضبط عمليات المنافسة في الأسواق الوطنية، ومراقبة الممارسات المنافية؟ وأيضا الوقوف على الممارسات التجارية غير المشروعة وعمليات الاحتكار.
انه بالرغم من وجود هذه الهيئات وهذه المجالس، فإن الفساد والرشوة أصبحا ضرورة ملحة لدى الإقطاعيين الجدد والاحتكاريين كي يظلوا متربعين على كراسي الهيمنة والاحتكار والإستبداد. لقد أصبح للفساد وللرشوة أرباب يحمونهما من العقاب أومن الزوال، لأنهما مفتاح البرلمان والجماعات الترابية و الوظائف السامية والريع و الإثراء غير المشروع .
إنه في غياب قرار سياسي حازم وفي غياب ربط المسؤولية بالمحاسبة، وفي استمرار الإفلات من العقاب فإن الوضع سيظل على ما هو عليه.