الجمعة 26 إبريل 2024
مجتمع

هل أصبحت محكمة الاستئناف بالعيون مقبرة لقضايا الأسرة؟

هل أصبحت محكمة الاستئناف بالعيون مقبرة لقضايا الأسرة؟ مختلف الهيئات الحقوقية تراقب ما ستؤول إليه نباهة واجتهاد القضاة الجدد بمحكمة الاستئناف بالعيون
إن ما أصبح يميز محكمة الاستئناف بالعيون اليوم من كثرة التأجيل والتأخير والتمديد للكثير من قضايا الأسرة، يدخل الشك والريبة حتى عنونت من طرف الجسم الحقوقي والإعلامي والمناصر للمرأة جهويا بكونها أصبحت تعتبر مقبرة للقضايا، من قبيل ملفات الأسرة التي رغم طابعها الإستعجالي وخاصة الحالات التي يتواجد بها أطفال صغار مع حاضنتهم، يؤدون الثمن غاليا في هدا التأخير غير المبرر للأحكام القضائية التي قد تنصفهم أحيانا، أو تجعل منهم مشردين بين أزقة وأحياء المدن خاصة مع ضعف مضمونها ورغم التوصيات والخطب الملكية، التي تحث في معظمها على إنصاف المرأة وأطفالها وتمكينهم من كامل حقوقهم التي تكفلها الشرائع الدينية والوضعية بكونهم الحلقة الأضعف.
ولعل ما بات يعرف اليوم بإستئنافية العيون بملف السنة ومحط أنظار الرأي العام، في ما يتعلق بالقضية التي رفعت من خلالها إحدى النساء بمقال لمحكمة النقض تبين فيه تظلمها من حكم استئنافي، اعتبرته جائرا في حقها وفي حق أبنائها، بحيث أثارت فيه الطاعنة بأنها تعيب فيه لمحكمة النقض في الوسيلة الأولى بالخرق الجوهري للفصل1 و142 من قانون المسطرة المدنية، ذلك أن القرار الإستئنافي قضى بعدم قبول الإستئناف لتقديمه المقال الإصلاحي خارج الأجل القانوني، دون توجيه إنذار لها وبإصلاح المسطرة داخل أجل تحدده طبقا للفصل 1 من قانون المسطرة المدنية. ومن جهة ثانية خرق المادة 32 من قانون المحاماة والفصل 45 من قانون المسطرة المدنية. ذلك أن المحكمة قضت بعدم القبول للأسباب المضمنة بمنطوق قرارها بعلة أن المقال الإصلاحي جاء بعد مرور أجال الطعن، والحال أن هذا التعليل مخالف للمادة 32 من قانون المحاماة الذي استثنى قضايا الحالة المدنية وقضايا النفقة من تنصيب محام والتمس نقض القرار. علما أنها استوفت الشروط التي تقدمت بها بصفة شخصية خاصة الفصل 142 من قانون المسطرة المدنية، والذي اعتمدته محكمة النقض في قرارها الصادر عنها بقبولها النقض. 
وعن أهمية تنصيب محام للدفاع عنها، فهو بذلك يعتبر غير مرتبط بأجل، وبذلك يصبح الحكم الاستئنافي الصادر عن الهيئة بالعيون، بأنه لم يرتكز على أساس قانوني، وقد خرق مقتضيات الفصل 142 المذكور. وهو ماجاء في القرار الصادر من محكمة النقض بإعادة البت في القضية المتعلقة بهذا الحكم الإستئنافي وبهيئة جديدة طبقا للقانون وبنفس محكمة الإستئناف بالعيون.
فمختلف الهيئات الحقوقية تراقب ما ستؤول إليه نباهة واجتهاد القضاة الجدد بمحكمة الاستئناف بالعيون بعد إصدارها لحكمها في هذا الملف في هذه الأيام والذي تأرجح بدهاليز المحكمة الإبتدائية بالعيون كدرجة أولى، وكان حكما كارثيا بكل المقايس والاستئناف بالعيون درجة ثانية هي بدورها جعلته خارج الأجال ومحكمة النقض بالرباط درجة ثالثة، وهي التي أنصفته وردت له اعتباره وذلك منذ ثلاث سنوات إلى الآن وخاصة في حكمها الأخير الذي جاء واضحا بإعادة النظر في هذا الملف وما لفه من غموض وتحريف للقواعد القانونية. فقد سجل مرة أخرى بإستئنافية العيون يوم 14.04.2022 ومرت تسع جلسات أخرها جلسة 19.10.2022 حوالي 7 أشهر بعد حكم محكمة النقض فيه ولم يتم صدور حكم في هدا الملف ويحسم فيه مكتفين بالقرارات (إعطاء، مهلة، تمديد، إخراج من المداولة قصد إزالة التنافي، مداولة، التأمل، التأخير..) وكأن هذا الملف لم توجد له صيغة قانونية تراعي القوانين والأحكام الموجودة بالنصوص. علما أن هذا الملف أخذ الوقت الكافي من الوقت والزمن، وما يتميز به بكونه يحتوي على دلائل وحجج وبراهين كافية لإنصاف الأطفال من تملكهم من كامل حقوقهم المكتسبة، وأيضا يعتبر محط أنظار من مناصري حقوق النساء كالمراكز ضد تعنيف النساء والعديد من الشبكات الحقوقية الوطنية التي تنتظر الحكم النهائي لهذا الملف، وما سينعكس من وراءه لإنصاف العديد من القضايا النسائية بجهة العيون الساقية الحمراء وعلى المستوى الوطني.
فالملك محمد السادس في خطابه الأخير بمناسبة عيد العرش، دعا إلى ضرورة تفعيل المؤسسات الدستورية، المعنية بحقوق الأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية، للنهوض بوضعيتها، مبرزا في الوقت نفسه أنه رغم بلوغ مدونة الأسرة لمستوى عالي ومرموق، لكنها اليوم غير كافية نظرا للتطورات الحالية التي أصبحت تعرفها الوضعية المعيشية للأسر والمرأة بالخصوص.
كما هو الشأن فقد عرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال الأشهر الماضية بحركية واسعة شملت مختلف المحاكم بالمملكة، بين الترقية والتأديب والعزل والتعيين لمختلف قضاة المملكة، وهو الأمر نفسه الذي شهدته محكمة الإستئناف بالعيون التي شملتها هده التغيرات الجذرية، والتي من المؤكد بأنها ستعطي ثمارها في مختلف القضايا النسائية بهده الجهة، وبشكل خاص هذا الملف الذي يعلق عليه أمال كبيرة لتأخذ قضايا الأسرة منحى آخر مغاير عن ما كانت تعرفه سابقا من أحكام قضائية لا تمت بصلة إلى ما وصل له المغرب من تقدم دستوريا وتشريعيا في حقوق النساء، وحتى على مستوى الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها والتزم بها، والتي تعتبر مناصرة وداعمة لها ولحقوقها الكاملة ولأطفالها.