الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: الحنين لزمن التعليمات

إدريس المغلشي: الحنين لزمن التعليمات إدريس المغلشي
تتحول التعليمات إلى بيروقراطية حين تخرج عن سياق القانون وتنسف كل القرارات وتقوض معالم الاستقرار بمؤسسة ما. إذا لم تكن تلك التوجيهات معززة للحلول والتوافق حول آليات التدبير فتلك طامة كبرى. لكن هناك من يحلوله الاجتهاد خارج النص. مثل صاحبنا الذي قيل له:
" واش كتعرف تفتي في العلم ؟ "
فأجاب: " لا ...أنا كنعرف نزيد فيه. والزيادة من راس ..."
في سياق الأحداث المتواترة ونحن نعيش أجواء الخامس من أكتوبر نتساءل هل لازالت طقوس الاحتفال بيوم عيد المدرس قائمة مع كل ما نلاحظه من استهداف للمدرسة بكل مكوناتها؟ فرحة العيد منبعثة بالضرورة من مكاسب وإنجازات ووضع اعتباري ورمزية تليق بالدور الريادي الذي تقوم به مكونات المنظومة التربوية بإصرار ونكران الذات متحدية كل الظروف وفي ظل لحظة التباس وغموض ومسار تحوم حوله كثير من الأسئلة وكذلك في غياب انفراج حقيقي يدشن لمرحلة جديدة تعزز الثقة بين كل المكونات وتشكل حافزية للعطاء والإنجاز. كيف نحتفل في ظل كل هذه الأجواء المشحونة والتي تستهدف مؤسساتنا في رمزيتها ودورها الريادي. لا نريد ترديد لأزمة الشاعر أحمد شوقي بشكل ببغائي تفتقد إلى روح المقصد النبيل. ولا نريد بطائق تحايا مجاملة لاأثر لها في الواقع. نريد إجراءات عملية توقف النزيف وتعطي انطلاقة جديدة وحقيقية. لم تعد الشعارات تستهوينا ولا الخطابات تغرينا فكثير منها يكذبها الواقع.
صراحة لم تكن لدي رغبة تعكير صفو يوم يتيم من السنة مخصص للمدرس. كما أني لا أجيد رمي الملح على الجرح ولا أصطنع الأحداث من أجل إثارة الانتباه كما قد يتبادر لذهن البعض. لكن أمورا اعتملت في الساحة تحتاج منا لكلمة وموقف فلا يمكن ان نتابع احداث مستفزة ونلوذ بالصمت.
من مصادر متعددة وموثوقة خرج علينا خبر مفاده أن مؤسسة ابتدائية تقع في هامش المدينة وبقرار انفرادي انقلب على اتفاق اجتماع بداية السنة الدراسية تم فيه توزيع الأقسام واستعمالات الزمن بدعوى التعليمات الفوقية. مما يطرح أكثر علامة استفهام حول الارتجالية وسوء التدبير المفضية إلى نسف كل الاتفاقات السابقة والتي لا تتعارض مع منطوق المذكرة الوزارية 157/18، إذ كيف أن التعليمات الشفوية تلغي قرارات تمت في اجتماع مسؤول.
المؤسسة تحتضن مجموعة من تلاميذ العالم القروي القادمين من مناطق قروية أكثر هشاشة ويسري عليها ما يسري على مؤسسات مشابهة ومجاورة لها.
لقد نتج عن هذا الإشكال دخول الآباء والأمهات على الخط بعدد كبير في ظل عدم وجود جمعية تؤطر الموضوع وفق ما ينص عليه القانون. صورة الفوضى العارمة داخل فضاء المؤسسة وعدم احتواء الوضع في شقه التربوي جعل الأمور تخرج عن السيطرة فانفرط العقد كما يقال وخرج عن سياق الاختصاص حين أصبح الاستفسار عن الوضعية والسبب يتم من طرف عون السلطة الذي يستنطق الأساتذة وأجهزة الأمن المدرسي.
السؤال أين المديرية من كل هذا والتي لم تكلف نفسها عناء التنقل والتدخل واحتواء المشكل من بدايته بمقاربة متدرجة تبدأ اولا بالتفاهم الداخلي المؤطر بالنصوص القانونية واحترام القرارات. لقد ظهر عجز الإدارة أمام هذه المطبات.
إن إخراج نظام مؤسسة عن النص والمحيط يعتبر أكبر تعسفا يطالها دون مبرر قانوني. مما يفتح الباب أمام الشطط في استعمال السلطة والاستفراد بالقرار ودفع كل الأجواء إلى مزيد من الاحتقان والتوتر بين مكونات المؤسسة عوض البحث عن الحلول بشكل فاعل وإيجابي يضمن النجاعة وبشكل مسؤول يراعي ظروف الجميع ليضمن سير المرفق.