الأحد 24 نوفمبر 2024
فن وثقافة

هل حققت قناة محمد السادس للقرآن الكريم المصالحة مع المشاهد؟

هل حققت قناة محمد السادس للقرآن الكريم المصالحة مع المشاهد؟

مرت حوالي 8 سنوات على إطلاق قناة محمد السادس للقرآن الكريم، وهي القناة التي راهنت عليها الدولة بقوة لمواكبة الإصلاح الديني حماية للأمن الروحي للمغاربة، والترويج لنموذج التدين المغربي القائم على التعددية والتسامح ومواجهة اكتساح الفضائيات المشرقية ذات الخلفيات الوهابية والسلفية والشيعية لبيوت المغاربة، حيث رصدت لها لهذا الغرض ميزانية مهمة تقدر بمليار و600 مليون سنويا، ليتضح أن قناة السادسة عاجزة تماما عن الاضطلاع بهذه المهمة التي أنيطت بها في ظل غياب برامج مباشرة تتفاعل مع قضايا المشاهد المغربي، وانفصال معظم البرامج التي تبثها القناة عن معالجة القضايا التي تشغل المجتمع من قبيل: الفساد الإداري، الرشوة، بطالة الخريجين، هجرة الأدمغة، العنف الأسري، الإجرام ..

 

إعداد: هشام ناصر

 

إذا كان المغاربة قد حافظوا طيلة قرون طويلة على استقلاليتهم الدينية، إذ وصل العثمانيون حتى حدود المغرب الشرقي، وانضمت الجزائر إلى نظام الخلافة العثمانية، بينما ظل المغرب مستقلا في قراره الديني والسياسي، فيبدو أن هذا الموروث التاريخي على مستوى الممارسة الدينية في المغرب لا يستحضره القائمون على شؤون الإعلام الديني في المغرب، وعلى رأسهم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية خلال هذه المرحلة الحرجة التي غزت خلالها التيارات المتطرفة وأحدثت جرحا غائرا داخل المجتمع المغربي، إذ تم إغراق قناة السادسة في البرامج السطحية التي لا تملأ ثغرة في قلب مؤمن ولا تصحح مفهوما لديه، مما جعل العديد من المراقبين يتساءلون: ما الغاية من بث عدد من البرامج التي لا تلامس قضايا الناس بمقاربة دينية؟

مشكلة الإعلام الديني -يقول بعض المراقبين- أنه لا يراعي غالبا احتياجات المجتمع. فبعض الخطابات التي تمرر عبر «السادسة» وعبر إذاعة محمد السادس توجه إلى شريحة محدودة، وفي بعض المرات تقدم بلغة لا يفهمها المتلقي، وهو ما يستدعي إجراء دراسات ميدانية ذات مصداقية تقيس آراء الناس ومعرفة ردود فعلهم حول ما يبث على الشاشة وإعداد برامج تلبي هذه الإحتياجات وتعمل في الوقت ذاته على الارتقاء بالوعي الديني.

 

من المستهدف بخطاب السادسة؟

بعض المراقبين يرون أن البرامج التي تقدمها القناة تغرق في السطحية ولا تساهم في الارتقاء بالوعي الديني والثقافي لدى المشاهد، ونذكر منها: «في ضيافة إمام» الذي بث في الفترة السابقة، إذ تم استدعاء بعض الأئمة من العالم القروي يفتقدون لأية رمزية ومكانة دينية، وهو ما يجعل البرنامج يغوص فقط في استعراض الحياة اليومية للإمام داخل المسجد دون أن يحمل أية قيمة مضافة تعزز الثقافة الدينية لدى المشاهد المغربي، وبرنامج «مواقع الجمال» وما يطرحه من مفاهيم ملتبسة لما يعتبره معد البرنامج وضيوفه يدخل ضمن جماليات الدين الإسلامي: الدبلوماسية، زخرفة المساجد، المقابر، التنمية، التصوف، فنون التفكير، الماء.. في أجواء تطبعها الرتابة والضعف الكبير للإخراج الفني وجمالية الديكور، في حين كان من الأجدر بقناة السادسة تخصيص حيز كاف للبرامج المباشرة ذات الطابع التفاعلي مع المشاهد المغربي على غرار قناة «اقرأ» مثلا التي تبث برنامج «مشكلات من الحياة»، والذي يستقبل فيه الشيخ معد البرنامج الأسئلة الفقهية والمشكلات الاجتماعية من مشاهدي «اقرأ» عبر العالم وضمنهم الجاليات المسلمة في الغرب عبر الهاتف، أو برنامج «السوق» بنفس القناة، والذي يتم من خلاله استضافة اثنين من شباب الأعمال المبتدئين أو ذوي الخبرة والتجربة في مجال تجاري أو مجال اقتصادي أو حتى اجتماعي أو ثقافي ليتحدثوا في موضوع أو مواضيع المال والأعمال والتنمية الفردية، في حين نجد قناة «السادسة» لا تهتم بفئة الشباب، علما بأنهم يشكلون غالبية المشاهدين بالمغرب، إلى جانب ضعف البرامج الوثائقية (برنامج يتيم: جامع القرويين)، وغياب تام للمسلسلات الدينية ذات الطابع التاريخي، والبرامج التي تروج للإبداع المغربي في مختلف المجالات.

فمن المستهدف إذن بخطاب قناة السادسة؟ ومن يقف خلف هذا التخبط؟

بعض المهتمين بالشأن الإعلامي يرون أن الإشكال يكمن في الرقابة التي تمارسها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجلس العلمي الأعلى من خلال لجنة انتقاء البرامج وخشية الوزارة الوصية على الشأن الديني من من البرامج المباشرة والتفاعلية وما قد تطرحه من أسئلة محرجة، في ظل افتقاد القناة السادسة إلى مفتٍ حكيم قادر على الإجابة عن مختلف تساؤلات الناس التي قد تكون محرجة أحيانا، علما بأن الإفتاء تختص به هيئة الإفتاء التابعة للمجلس العلمي الأعلى، بالإضافة إلى افتقاد القناة إلى إعلامي كفؤ قادر على إدارة والتحكم في هذا النوع من البرامج التي تتطلب كفاءة مهنية عالية، في حين يرجع البعض غياب البرامج المباشرة إلى خشية إدارة قناة السادسة من حدوث أمور غير متوقعة في البرامج المباشرة، ولهذا فمن باب سد الذرائع يتم التحفظ على إنتاج برامج مباشرة.

 

غموض صفقات الإنتاج الخارجي

إغراق «السادسة» بالإنتاج الخارجي يظل من جملة الأعطاب التي تعانيها هذه القناة. فمعظم البرامج تنتجها شركات الإنتاج في ظل الغموض الذي يطبع توقيع صفقات الإنتاج الخارجي، وفي ظل حديث البعض عن استغلال بعض شركات الإنتاج للمعدات التقنية لقناة محمد السادس للقرآن الكريم، وهو الأمر الذي تنفيه بشدة إدارة القنوات القرآنية. في حين يرى آخرون، أن تعدد المتدخلين وتداخل الإختصاصات داخل القناة هو السبب الرئيسي في تردي وضع القناة.

فمدير القنوات القرآنية إدريس ألحيان مثلا موظف تابع للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، في حين تظل وزارة الأوقاف هي المتحكم في رسم الخط التحريري للقناة. فمن المسؤول عن تردي أوضاع قناة «السادسة»؟ وما هو التفسير الذي يمكن أن يحمله الخبر الذي شاع على نطاق واسع بأروقة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بخصوص تلويح رئيس مصلحة الإنتاج...

بالإستقالة احتجاجا على تداخل الاختصاصات -تتساءل نفس المصادر- وإن كان نفس المسؤول ينفي تلويحه بتقديم استقالته. «السادسة» بحاجة أيضا الى تعزيز مبادئ الحكامة والشفافية من خلال الإعلان عن صفقات الإنتاج بكل شفافية في وسائل الإعلام وفتح المجال لتكافؤ الفرص بين مختلف شركات الإنتاج وتعيين ثلاثة تقنيين، مكلفين بالإنتاج بدل تركيزها في يد شخص واحد.

 

«مجلة السادسة»

تظل «مجلة السادسة» من جملة البرامج التي تتلقى انتقادات واسعة من طرف المشاهدين. فهذا البرنامج الذي يحمل الطابع الإخباري يعاني من الرتابة الى جانب اقتصاره على تغطية أنشطة المجالس العلمية رغم الجهود المبذولة من طرف رئيس التحرير الجديد الذي تم استقدامه على خلفية الانتقادات التي تلقاها في الفترة السابقة من طرف وسائل الإعلام الوطنية. «مجلة السادسة» تعاني من البطء في متابعة الأنشطة الدينية، علما أنها برنامج يحمل الطابع الإخباري يفرض المواكبة الآنية وخير مثال هو تغطيتها لإجتماع اللجنة الملكية للحج لهذه السنة الذي لم تتم تغطيته إلا بعد مرور أسبوع على هذا الحدث، دون الاكتراث بلهفة المواطن لمعرفة الجديد في أثمنة الحج، القرعة، الإجراءات المفروضة من طرف المملكة العربية السعودية..

فما الذي يحول دون تخصيص تغطية آنية لاجتماع اللجنة الملكية للحج تعاد عدة مرات في اليوم؟ وماذا عن تغطية المجلة للمعرض الدولي للكتاب؟ والتي وصفها البعض بـ«الباهتة»، خصوصا أن دورة هذه السنة شهدت حضورا مهما للكتاب الديني؟ لماذا امتنعت القناة عن بث تغطيات يومية مواكبة للحدث على غرار باقي القنوات الوطنية؟ هل يعود الأمر إلى تداخل الاختصاص؟ وماذا عن الخطأ التقني الفادح الذي تجسد في بث ربورتاج عن اختتام التظاهرة تلته ربورتاجات تغطي أنشطة المعرض، في حين أن التغطية المهنية تفرض البدء بروبورتاجات تغطي أنشطة المعرض الدولي للكتاب وصولا إلى بث ربورتاج الاختتام.

 

النقد الموجه لاستطلاع وزارة الاتصال

إذا كان القائمون على الإعلام الديني يفخرون باحتلال قناة السادسة المرتبة الخامسة ضمن قائمة القنوات الأكثر مشاهدة في المغرب، استنادا إلى دراسة أجرتها وزارة الاتصال السنة الماضية، فإنها تبقى فاقدة للمصداقية، خاصة أن معظم الدرسات التي تهم قياس نسبة مشاهدة الإعلام الديني في المغرب يتم إجراؤها في شهر رمضان بما يتميز به من أجواء روحانية وطقوس دينية وتعبدية، بما فيها تلاوة وتفضيل سماع القرآن بصوت إمام مسجد الحسن الثاني عمر القزابري، وإذا علمنا أن القزابري يؤم أكثر من 200 ألف شخص في صلاة التراويح أدركنا حقيقة الأرقام التي تقدمها وزارة الاتصال عن نسب مشاهدة «السادسة»، خاصة أن صلاة التراويح تبث مباشرة عبر «السادسة» في الشهر الفضيل، ناهيك عن الجهل التام للعديد من المواطنين ببرامج القناة، فعادة ما يخلطون بين برامج إذاعة محمد السادس وبرامج القناة.

 

إدريس ألحيان، مدير القنوات القرآنية

فوق مكتبي 20 طلب التحاق من قنوات أخرى

من يتابع قناة السادسة سيقف على حقيقة توفر القناة على علماء كبار من قبيل سي الروكي وسي بن المدني وسي بنحمزة وسي النابلسي وغيرهم الذين يحظون باحترام كبير، حيث نتلقى طلبات لأشرطتهم من القنوات المشرقية، ويكفي أن تزوروا القناة لكي تطلعوا على الرسائل والإرساليات التي نتلقاها من الخارج ومن القنوات التي تطلب التعاون معنا، ففي هذه اللحظة التي أتحدث معك اتصلت بي قناة أم المساجد وقناة أهل القرآن من أجل الحصول على برامجنا.

أما بخصوص الحديث عن ضعف نسبة المشاهدة فأحيلكم على الدراسة التي أجرتها وزارة الاتصال السنة الماضية التي احتلت فيها قناة السادسة المرتبة الخامسة في القنوات التي تحظى بنسب مشاهدة في المغرب، ونحن نعمل طيلة شهور السنة ولا نشتغل بشكل موسمي، ولا أتصور أن تكون القناة السادسة مثل القناة الأولى أو القناة الثانية أو «ام بي سي». فالسادسة قناة دينية ويعرفها المغاربة جيدا علما أنها تغطي المغرب ككل ولديها جمهور في أوروبا أما بخصوص غياب البرامج المباشرة فالأمر يتطلب استوديوهات وموارد بشرية وإمكانيات كبيرة نفتقر اليها حاليا، وليس لدينا اي تخوف من البث المباشر علما ان إذاعة محمد السادس هي الإذاعة الوحيدة التي تبث 6 ساعات يوميا من البث المباشر والخط التواصلي مفتوح لعموم المستمعين، أما بخصوص التلفزيون فالإمكانيات الحالية -كما ذكرت- لاتسمح البث المباشر، لكن رغم ذلك يرتقب أن تبث القناة برنامج يومي يجيب على أسئلة المشاهدين، ويخصص حلقة خاصة في نهاية كل أسبوع موجهة للمغاربة المقيمين بالخارج، وبالتالي فالقناة تسير في المنحى الصحيح علما أننا اعتمدنا كلية على الوجوه المغربية ولا نعتمد على بث أشرطة الفضائيات الأجنبية، لأن المغرب والحمد لله لديه كفاءات علمية مهمة منهم علماء ورؤساء مجالس علمية.

وقد أخذنا الوقت اللازم لتكوينهم إعلاميا بحكم اعتيادهم على القاء المحاضرات، وأكيد أن السنة المقبلة ستكون سنة التلفزيون فبعدما اتبتث إذاعة محمد السادس وجودها في المشهد السمعي البصري سننكب الآن على تحسين أداء التلفزيون، صحيح أن القناة دينية ووسط الدين هناك التنوع : برامج فكرية، برامج ثقافية برامج وعظية، برامج موجهة للشباب واليافعين مثل «منبر للشباب»، «ساعة للتواصل» والتي ناقشنا فيها عدد من المواضيع التي تهم المجتمع مثل الرشوة، الإنترنيت..جميع المواضيع تناقش في القناة بدون أي رقابة، علما أنني أتوفر الآن على 20 طلبا للإلتحاق بقناة السادسة من قنوات أخرى، ولايعقل ان تقدم طلبات للإلتحاق بقناة ليس فيها الوضع على مايرام.

 

ماذا تعرف عن قناة محمد السادس للقرآن الكريم ؟

مواكبة للإصلاح الديني بالمغرب تعزز المشهد الإعلامي سنة 2005 بقناة دينية متخصصة أطلق عليها «قناة محمد السادس للقران الكريم»، وأعطى انطلاق بث برامجها يوم الأربعاء 29 رمضان 1426ه الموافق 2 نونبر 2005. ويأتي إنشاء هاته القناة تطبيقا لبنود الاتفاقية المبرمة بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة الاتصال والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.

قناة محمد السادس للقرآن الكريم مختصة في الشأن الديني المغربي والثقافة الدينية الإسلامية المغربية وللعلماء والوعاظ دور كبير في تقديم مواد القناة، وتضم 56 عنصرا من الإداريين والتقنيين والصحفيين والمتعاونين.

- عدد ساعات بثها 12 ساعة، وتربط إدارة القناة هذا النقص بضعف الامكانيات، علما أن القناة لا تحظى بحصة مهمة من الإشهار طبقا لدفتر التحملات.

- دعم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: 14 مليون درهم، ويتوقع مسؤولو القناة القرآنية أن تتحسن مداخليها مع انتهاء البث الأرضي وبداية تطبيق البث الرقمي عام 2015.

- «الكراسي العلمية»: يعتبر البرنامج الوحيد الذي يحظى بنسب مشاهدة مهمة ويغطي البرنامج أنشطة المجالس العلمية من خلال إلقاء الدروس العلمية في الفقه والعقيدة والنحو والتفسير والقراءات والسيرة النبوية والتصوف السني، ويؤطره علماء من قبيل عبد الرحيم نبولسي، مصطفى البويحياوي، الحسن اد سعيد، عبد الله بن المدني، سعيد الكملي.. ويبث يوميا على الساعة 17:15

- تفتقد القناة لخلية تسجيل ويعتمد اعلاميو القناة على فضاءات تابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أو استوديوهات خاصة، بالإضافة الى التسجيل في المساجد.