السبت 20 إبريل 2024
فن وثقافة

"كتاب البرلمان و حقوق الإنسان فرصة لرد الاعتبار لأدوار البرلمان"

"كتاب البرلمان و حقوق الإنسان فرصة لرد الاعتبار لأدوار البرلمان" عبد اللطيف بكور، أستاذ التعليم العالي بالكلية المتعددة التخصصات - أسفي
صدر مؤخرا كتاب: "البرلمان وحقوق الإنسان: مرجعيات وممارسات" للباحث عبدالرزاق الحنوشي، وقد حظي المؤلف باهتمام لافت عكسته اللقاءات المتعددة التي نظمت في عدة مدن (نحو 20 لقاء في ظرف أربعة أشهر)، و كذا القراءات النقدية والتحليلية التي أنجزتها العديد من الفعاليات الأكاديمية والحقوقية وسبق لنا في "الوطن الآن" و"أنفاس بريس" أن نشرنا بعضها، ومواكبة للدخول الثقافي الجديد نواصل نشر مساهمات جديدة.
 
هذا الكتاب الذي نحن بصدد مناقشة مضامينه ومتنه اليوم، والمعنون بـ "البرلمان وحقوق الإنسان : مرجعيات وممارسات" والذي أصدره الأستاذ الباحث: عبد الرزاق الحنوشي خلال هذه السنة، أي سنة 2022 عن مطبعة دار المناهل، ساهم في إنجازه مجموعة من الباحثين والمهتمين والخبراء المتخصصين في الشأن البرلماني ومجال حقوق الإنسان، وذلك من خلال ملاحظاتهم وتوجيهاتهم وإضافاتهم وتصويباتهم، الشيء الذي  جعل هذا  المرجع ذي  قيمة علمية إضافية.
ومن بين هؤلاء الباحثين نذكر:
الأستاذ محمد بوعزيز الذي تفضل بتقديم هذا الكتاب، والأستاذ محمد بوعزيز هو مدير الشؤون البرلمانية سابقا بالوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، والأمين العام السابق للمجلس الدستوري.
الأستاذة خديجة مروازي، وهي أستاذة باحثة بجامعة ابن طفيل والتي ساهمت هي الأخرى بكتابة تصدير  هذا المؤلف،
والأستاذين جمال المحافظ ومصطفى الناوي اللذان ساهما في مراجعة وتجويد هذا العمل.
وخلال قراءتنا المتأنية لهذا المنتوج العلمي، نسجل على أن هذا المرجع يستجيب في تقديرنا المتواضع لكافة الشروط والضوابط الأكاديمية والعلمية المتعارف عليها في الكتب والمراجع المقدمة للطلبة الباحثين وكذا الممارسين والمؤسسات والفاعلين السياسيين.
وإذ نؤكد من جهة أخرى، على أن هذا العمل يتميز بالجودة الفكرية والدقة العلمية والعمق في التحليل والتمحيص، كما يتضمن بيانات وأفكار ومعارف ومدارك ومعطيات أثبتت تأثيثا منهجيا لتضفي قيمة مضافة مقارنة مع ما تم مراكمته في الموضوع سواء على المستوى الوطني أو على مستوى الدراسات المقارنة.
فالمتأمل بين صفحات هذا لكتاب، والقارئ المتأني لمحتواه تبرز له قيمة هذا العمل وذلك انطلاقا من العديد من الاعتبارات، نذكر منها:
 
الاعتبار الأول: إن أهمية الكتاب تستمد من أهمية الموضوع ذاته، فموضوع الكتاب يرصد حصيلة البرلمان المغربي خلال الولاية التشريعية العاشرة في علاقة بحقوق الإنسان، الأمر هنا إذن يتعلق بمؤسسة دستورية، وكلنا نعلم أن دستور 2011 بوأ المؤسسة التشريعية المغربية مكانة مهمة في الهندسة الدستورية حيث خصص لها بابا بأكمله، هو الباب الرابع  من الدستور، وجاءت مباشرة  من حيث الترتيب بعد الباب الثالث المخصص للمؤسسة الملكية والباب الخامس المخصص للسلطة التنفيذية ، كما خصص المشرع الدستوري لهذه المؤسسة 27 فصلا من الفصل 60 إلى الفصل 86.
كما أن دستور 2011 منح صلاحيات مهمة للمؤسسة البرلمانية في الحياة السياسية البرلمانية، من شأنها إن تم تفعيلها، أن تعيد رسم صورة جديدة عن هذه المؤسسة، التي ارتبط اسمها بالفساد المالي والانتخابي، والغياب، والترحال السياسي. لكن الجدل حول المؤسسة التشريعية لم يقتصر على الجانب الأخلاقي، بل طال كذلك طبيعة المنظومة القانونية التي كان يتحرك فيها البرلمان المغربي، حيث حدّت من سلطاته الاختصاصات الواسعة للملك في المجال التشريعي، وتدخل الحكومة بشكل مستمر في مجال اختصاصه، مما كان يجعله الطرف الأضعف في  المعارضة السياسة.
كما أن حجم الإكراهات والعوائق التي تعترض البرلمان حالت وتحول دون قيام مجلس النواب على أكمل وجه بمراقبة الحكومة وقياس نجاعتها وبلورة توجيهاتها واختياراتها وبرامجها ومخططاتها وسياساتها على أرض الواقع، في ظل نظام موسوم بما يسمى بالعقلنة البرلمانية.
انطلاقا من هذه المعطيات الأساسية، واستحضارا لما جاء من أفكار في المرجع الذي نحن بصدده لاسيما الباب التاسع والعاشر منه، نستطيع أن نقول على أنه يبدو من خلال الدستور الجديد أن هناك فرصة تاريخية لرد الاعتبار إلى هذه المؤسسة من خلال الأدوار التي أوكل إلى البرلمان ونخبه وأطره القيام بها، ومن بين هذه الاختصاصات:
تقوية دور المعارضة البرلمانية (الفصل 10)؛
منع الترحال السياسي؛
محاربة ظاهرة الغياب؛
تحديد عدد أعضاء مجلس المستشارين والتخفيض من ولايته من 9 سنوات إلى ست سنوات.
على مستو آخر، هذا المؤلف يتناول بالدرس والتحليل موضوعا لا يقل أهمية عن موضوع البرلمان، هذا الموضوع هو موضوع حقوق الإنسان، وكلنا تعلم على أن هذا لموضوع أضحى في وقتنا الراهن يثير اهتمام الرأي العام العالمي كما الوطني، كما أصبح من المواضيع الذي تنشغل به مختلف المنظمات الحقوقية العالمية.
فموضوع حقوق الإنسان، هو موضوع لم يعد موضوعا وطنيا وشأنا داخليا فحسب، بل هو موضوع أضحى عالمي، فهو مؤطر بالعديد من المواثيق والإعلانات العالمية والاتفاقيات الدولية كما جاء في الباب الأول والثاني والثالث من هذا المنتوج العلمي، أيضا هذا الموضوع تقره مجموعة من والقوانين الوطنية، حيث تكتسي هذه الحقوق أهمية بالغة بالنسبة للأفراد والشعوب.
مما لا مراء فيه، أن موضوع حقوق الإنسان أصبح في وقتنا الراهن أكثر من أي وقت مضى، موضوعا كونيا يهم جميع شعوب الدنيا بشكل عام، لا يعترف بالمجال الترابي ولا بسيادة الدول، فهو مثله مثل المواضيع الأخرى التي تشكل المشترك الإنساني والبشري، حيث أضحى مؤطرا بالعديد من الإعلانات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية والجهوية، كما أصبح منصوصا عليه في مختلف الدساتير العالمية.
ومن بين الإعلانات والمعاهدات والاتفاقيات المؤطرة لموضوع حقوق الانسان، سواء الحقوق المدنية والسياسية (حقوق الجيل الأول)، أو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (حقوق الجيل الثاني) أو حتى حقوق الجيل الثالث، نذكر التالي:
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948؛
المعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966؛
المعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية 1976؛
إعلان طهران الدولي حول حقوق الإنسان لعام 1968؛
الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري 1996؛
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 1979؛
أما بالنسبة للمصادر الإقليمية المؤطرة لهذا الموضوع، نذكر:
الميثاق العربي لحقوق الإنسان لسنة 2004؛
إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام لعام 1990؛
الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لسنة 1981؛
إعلان الاتحاد الإفريقي بشأن مبادئ الانتخابات الديمقراطية في افريقيا لعام 2002؛
الميثاق الافريقي للديمقراطية والحكم والانتخابات لسنة 2007.
هذه المصادر تنص على مجموعة من الحقوق والحريات: حرية الرأي والتعبير وحرية الإشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية، وحق الانضمام إلى الأحزاب والنقابات، وحرية التنقل، وحرية التمتع بكافة الحقوق والحريات دون تميز وحق اللجوء إلى القانون وغيرها من الحقوق الأخرى.
 
الاعتبار الثاني: الذي يجعل هذا العمل موضوع اهتمام بالغ ويعطي أهمية متزايدة لهذا الاصدار، هو أنه أتى من جهة كخلاصة التأمل، انطلقت من قراءة "الواقع المتحركّ" للحياة البرلمانية وتتبع ورصد حصيلة العمل البرلماني في مجال حقوق الإنسان، وكذلك لما أصبح يطرحه هذا الأخير (موضوع حقوق الإنسان) من قضايا وإشكالات.
ومن جهة ثانية هذا العمل أتى كثمرة أو كخلاصة تجربة مهنية وعملية تنم عن صدقية وجدية المنتوج العلمي الذي يعرضه اليوم على القارئ، حيث أن تواجد الأستاذ الباحث عبد الرزاق الحنوشي في قلب المؤسسات والهيآت العمومية والمدنية التي يؤول إليها الاختصاص في كل من مجال البرلمان ومجال حقوق الإنسان منذ الثمانينات وإلى اليوم. فعبد الرزاق الحنوشي، هو إطار بمجلس النواب  لسنوات عديدة حيث:         
     - التحق سنة 2011 وإلى حدود 2018 بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان على رأس ديوان السيد إدريس اليزمي؛
     -  مكلف بالدراسات بالمؤسسة التشريعية؛
       -  كان مسؤولا عن الشؤون البرلمانية في دواوين بعض الوزراء؛
       -  متطوع في إحدى الجمعيات المدنية المهتمة بحقوق الإنسان.
فكما أسلفلنا القول، إن تواجد الأستاذ الباحث عبد الرزاق الحنوشي  في قلب هذه المؤسسات والهيآت العمومية والمدنية التي تعنى بضرورة احترام حقوق وحريات الانسان المغربي وعدم خرقها، وتتبع ومواكبة مسيرها على المستوى التشريعي والمؤسساتي، لم يجعله يتوارى ويتراجع إلى الخلف، ولم يدفعه إلى التشاؤم والانسحاب بصمت وهدوء، كما فعل العديد من الفاعلين، بل فضل تدوين هذه التجربة المهنية – الشخصية لتنضاف إلى الرصيد المعرفي النظري. وهو ما أدى بالأستاذ الباحث عبد الرزاق الحنوشي ليكون أقرب من خلق نقطة التقاء يدرك فيها كل من الممارس والمنظر ضالته.
 
الاعتبار الثالث: الاعتبار الآخر الذي يجعل هذا العمل عملا متميزا، هو أن استثمار (توظيف) الباحث لتجربته الميدانية في هذا المنتوج العلمي من شأنه أن يسد ثغرة في الخزانة الوطنية المغربية والعربية بشكل عام، وليكون منهلا ومرجعا للباحثين والمهتمين بموضوع البرلمان في علاقة بحقوق الإنسان، سيما أن هذا  الموضوع جاء بنسخة عربية.
 
الاعتبار الرابع: كذلك من الأسباب الأخرى التي تجعل هذا المنتوج العلمي يكتسي أهمية بالغة إن على المستوى النظري أو التطبيقي، هو أن الباحث حاول الغوص في أعماق موضوع يطرح أكثر من إشكالية ويتداخل فيه البعد القانوني والحقوقي والاجتماعي مع البعد الإنساني والسياسي والأمني... إلخ. لكن بالرغم من التشعبات الكبيرة التي يطرحها الموضوع، فالباحث جازف بدراسته في هذا المؤلف ساعيا من ورائها إلى الجمع بين الجوانب ذات الطبيعة المعيارية والعلمية والعملية.
أما بالنسبة للأسلوب الذي حرّر به الموضوع، فالملاحظ أنه يبقى إلى حد ما أسلوبا علميا واضحا ومبسطا وسليما، يسهل الفهم والاستيعاب بالنسبة للمطلع على الموضوع. كما أن الكتاب خال من الأخطاء اللغوية والمطبعية التي يمكنها أن تتسرب عن قصد أو بدون قصد إلى الكتاب. كما أن فقرات هذا الكتاب لم تحمل في طياتها ركاكة وهذا أمر عادي جدا ما دام الكتاب تمت قراءته من بين باحثين كثر – كما ذكرنا سابقا.
أما على مستوى المراجع المعتمدة من لدن الباحث في هذا المنتوج العلمي، فالملاحظ أنها قليلة وقليلة جدا. وهذا أمر عادي وطبيعي، ما دام أن جزء كبير من هذا الإصدار مخصص للجوانب ذات الطبيعة التطبيقية والمهنية، حيث استثمر عبد الرزاق الحنوشي أحسن استثمار تجربته الميدانية في هذا المنتوج العلمي
من ناحية المحتوى أو المضمون: فقد شمل الكتاب 285 صفحة موزعة ما بين المقدمة، وصلب الموضوع الذي يشمل عشرة محاور وستة ملاحق، ثم الخاتمة.
صفحات هذه المحاور حاول من خلالها المؤلف أن يؤصل للموضوع على مستوى الجوانب المرتبطة بالسياقات والمراجع والأصول المفاهيمية والنظرية والتأصيلية لموضوع حقوق الإنسان، بعبارة أوضح حاول الكاتب تقديم أهم الوثائق والنصوص المرجعية الأساسية المؤطرة لموضوع حقوق الإنسان وهي بالتتابع:
الاعلان العالمي لحقوق الإنسان؛
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛
العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الذي دخل حيز النفاذ سنة 1976، حيث أصبحت 164 دولة طرفا فيه، في نهاية أكتوبر 2016، ويتضمن ديباجة أو تصدير  و30 مادة)؛
إعلان الحق   في التنمية؛
إعلان طهران لحقوق الإنسان 1968؛
كما تضمن هذا الكتاب مجموعة من المؤسسات والهيآت والمنظمات الدولية والوطنية التي تضع ضمن أولوياتها واهتماماتها موضوع الحقوق والحريات التي تهم الإنسان أينما وجد، كمجلس حقوق الإنسان الذي يعتبر هيئة حكومية دولية داخل منظومة الأمم المتحدة، مسؤولة عن تدعيم وتعزيز جميع حقوق الإنسان وحمايتها، وكذلك اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان.
أما بالنسبة للمحاور العشرة المشكلة لهذا الكتاب، فقد خصصت المحاور الأولى منه، للإطار المرجعي الذي يؤسس لعلاقة البرلمانات بحقوق الإنسان ورصد محدداته وسماته على المستوى الدولي والأوربي، والإفريقي، والمتوسطي والعربي.
كما تضمنت صفحات المحور الثاني: الإطار المرجعي لعلاقة البرلمان بحقوق الإنسان، ومفهوم هذا الحق وتطوره والسياق العام الذي ظهر فيه، ومبادئ باريس وضمانات استقلالية المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ومبادئ بلغراد بشأن العلاقة بين البرلمانات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وكذا مبادئ بلغراد في السياق المغربي. أما المحور الثالث: فقد خصصه الباحث للديمقراطية وحقوق الإنسان والبرلمانات العالمية.
أما بالنسبة للمحاور الأخرى المتبقية ( من الرابع حتى العاشر)، فقد خصّصها المؤلف لتقديم معطيات وإحصائيات ومؤشرات تهم  ما تم إنجازه من قبل البرلمان المغربي بمجلسيه خلال الولاية العاشرة 2016-2021، حيث قدّم الباحث في هذه المحاور بعض عناصر التحليل لتيسر الفهم والاستيعاب، سواء في مجال المبادرة  التشريعية أو في مجال الأسئلة البرلمانية أو مجالات أخرى للعمل البرلماني. كما توقف الباحث وبنوع من التفصيل عند بعض القضايا ذات الأهمية الخاصة في الحياة البرلمانية.
وفي نهاية هذه الدراسة، توصل الباحث إلى بعض الاستنتاجات والملاحظات الاستشرافية بغاية المساهمة في تطوير الأداء وتقوية دور البرلمان في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، ومن بين هذه المقترحات نذكر على سبيل المثال:
العمل على مواصلة عملية مراجعة وتطوير النظام الداخلي لمجلس النواب ومجلس المستشارين، بشكل لا يقف فقط عند ملائمة شكلية، ولكن أيضا ملاءمة المضامين وتقاسم الجوانب الإيجابية الواردة في النظامين، وكذلك إدماج مقتضيات جديدة من شأنها أن تساهم في تطوير أداء المجلسين؛
إحداث لجنة متخصصة في قضايا وحقوق الإنسان بمجلسي البرلمان؛
المساهمة بشكل أكثر فعالية في الحوار المفتوح دوليا والمشاورات بشأن   تكريس دور البرلمان كطرف أساسي في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان؛
تدارك أسباب تفعيل الفصل 160 من الدستور خلال الولاية العاشرة، والتعاطي الإيجابي مع قرار المحكمة الدستورية بشأن كيفية تقديم وتنظيم مناقشة التقارير التي ينبغي أن تقدمها المؤسسات الدستورية للبرلمان مرة واحدة في السنة على الأقل؛
تطوير ومأسسة علاقة مجلسي البرلمان مع منظمات المجتمع المدني، ولاسيما المنظمات العاملة في مختلف مجالات حقوق الإنسان؛
دعم قدرات البرلمانيات والبرلمانيين والأطر الإدارية في مجال تعميق معرفتهم بمختلف مجالات حقوق الإنسان، ومواكبة كل المستجدات وطنيا وجهويا ودوليا؛
تطوير اهتمام الفرق البرلمانية بمواضيع حقوق الإنسان، وبشكل خاص على مستوى آلية الأسئلة بمختلف أشكالها وأصنافها.
 
ثالثا: ملاحظات توجيهية - تصويبية
لنبدأ أولا بالعنوان: العنوان دائما يجب أن يعكس الإشكالية المطروحة أو التي يطرحها الموضوع، كما أن العنوان ينبغي أن يكون منسجما مع مضمون ومتن الكتاب، أيضا العنوان في المجال الأكاديمي يجب أن تتوفر وتتوافر فيه مجموعة من الشروط الأخرى التي تواضع عليها الباحثون في مجال البحث العلمي.
وهكذا، بالرجوع إلى عنوان الكتاب: "البرلمان وحقوق الإنسان: مرجعيات وممارسات"، أعتقد أن صيغته احترمت كثيرا المتطلبات المنهجية المتعارف عليها في مثل هذه الأعمال الأكاديمية – العلمية التي تبقى على درجة كبيرة من الأهمية حيث:
- تم اختيار مصطلحات عادية وغير معقدة يسهل استيعابها وفهمها دون الحاجة للبحث عن مضامينها ودلالاتها في معاجم اللغة والحقول المعرفية المتخصصة؛
- إضافة إلى محاولة استجماعها في فكرة واحدة عامة تحمل في طياتها مضامين الكتاب، ولا يوجد من بينها مصطلح غامض؛
-  كما أن العنوان لم يكن عبارة عن سؤال مركزي؛
-  أيضا العنوان لم ترد صياغته على شكل جملة فعلية؛
- لكن ما يلاحظ، هو أن هذا العنوان لا يخضع وغير قابل للقياس من حيث المكان والزمان، فنحن نعلم أن الدراسة ركزت على البرلمان المغربي كحالة للدراسة، هذا الأمر غير واضح في العنوان. من جهة أخرى، ومن خلال قراءتنا لهذا العمل قراءة متأنية فهمنا أن الدراسة همت الولاية التشريعية العاشرة الممتدة من 2016 إلى 2021، لكنها هي الأخرى غير واضحة في العنوان لذلك ومن أجل أن يحصل انسجام بين العنوان والاشكالية المطروحة من جهة، والعنوان ومتن الدراسة من جهة ثانية، نقترح أن يكون عنوان هذا المؤلف هو:
-  "حصيلة البرلمان المغربي في مجال حقوق الإنسان خلال الولاية التشريعية العاشرة (2016-2021)"؛
- أو   "دور البرلمان المغربي في مجال حقوق الإنسان: خلال الولاية التشريعية العاشرة 2016-2021"
- أو  "حصيلة البرلمان المغربي في مجال حقوق الإنسان خلال الولاية التشريعية العاشرة (2016-2021)".
 
الملاحظة التوجيهية الثانية:  هي أنه كان من الأصوب دمج المحور الثاني من الدراسة والمخصص للإطار المرجعي  لعلاقة البرلمان بحقوق الإنسان مع المحور الأول المخصص للمنظومة الدولية  لحقوق الإنسان، مع دمج كذلك المحور الثالث المخصص للديمقراطية وحقوق الإنسان والبرلمانات في المحور الأول . نظرا  للترابط الموجود بين مختلف هذه المحاور إذ لا يمكن أن نفصل بينها. وبناء على هذا الأساس، كان من الأجدر تجميع جميع هذه المحاور في القسم الأول أو الباب الأول ويخصص له عنوان: " الإطار النظري  - المفاهيمي لموضوع حقوق الإنسان"
في نفس السياق، وانسجاما مع نفس الملاحظة السابقة، كان ينبغي كذلك إدماج المحاور المتبقية، أي من المحور الرابع وحتى المحور العاشر، في محور واحد يهم او ينصب على الحصيلة البرلمانية في مجال حقوق الإنسان خلال الولاية التشريعية العاشرة ويكون بالتالي هذا الشق من الدراسة، شق له ارتباط وثيق بالجانب العملي.
وهذا يعني أن الكتاب يمكن أن يقسم إلى محورين: محور نظري مفاهيمي تأصيلي ومحور تطبيقي عملي  ويكون هذا أهم، خاصة إذا تضمن الشق الأول منه، علاوة على الجوانب المرتبطة بالسياقات والمراجع والأصول المفاهيمية والنظرية والتأصيلية لموضوع حقوق الإنسان، وأهم الوثائق والنصوص المرجعية الأساسية المؤطرة لهذا الموضوع، الحديث عن تطور البرلمان في الدساتير المغربية والحديث عن مختلف الصعوبات (القانونية والأخلاقية والواقعية) والتحديات التي اعترضت هذه المؤسسة وهي تؤدي عملها، لينتهي هذا القسم أو هذا الشق بأهم المداخل الممكنة لتجاوز مختلف هذه المعيقات.
فهذا الكتاب حاول من خلاله المؤلف أن ينقل لنا حصيلة البرلمان بغرفتيه في مجال حقوق الإنسان، لكن ما أحوجنا إلى معرفة الواقع الذي تعيش عليه هذه المؤسسة على مستوى النواقص الموجودة في إطار القانون الداخلي للبرلمان، وكذا إشكالية النخبة السياسية. وبعض الظواهر والسلوكيات السلبية التي طبعت وتطبع تدبير العمل البرلماني، فنحن نتطلع إلى معرفة  ما يدور وما يجري داخل هذه المؤسسة الدستورية التمثيلية معرفة حقيقية.
 
الملاحظة التصويبية الرابعة: هو أن الكتاب يضم مجموعة من الجداول تتعلق بمشاريع القوانين ذات الصلة بحقوق الإنسان خلال الولاية التشريعية العاشرة 2016-2021 (من ص 123 -156 وكذلك من الصفحة 179-190 و أيضا الملاحق" 6 ملاحق من  الصفحة 221- 283)، هذه الجداول هي مهمة على مستوى المضمون، بذل مجهود كبير من لدن الأستاذ الباحث من أجل تجميع كل هذه المعطيات والأرقام لتكون رهم إشارة الباحثين والمهتمين والمتتبعين للشأن البرلماني، وهذا أمر يحسب للباحث صاحب هذا المنتوج العلمي، هنا أريد أن ألتمس منه فقط، امكانية الاستزادة في شرح وتحليل هذه المعطيات والاحصائيات.   
الملاحظة الخامسة: هو أن الكتاب يجب أن يتضمن مقدمة شاملة جامعة لجميع المحتويات الأساسية والعناصر المنهجية التي ينبغي ان تتوافر في جميع المنتوجات العلمية المقدمة للإصدار، وهذه العناصر هي:
- تحديد الموضوع، من خلال تحديد المفاهيم الأساسية التي يتكون منها عنوان الكتاب؛
- مبررات اختيار الموضوع وصيرورته؛
- أهمية الدراسة العلمية والعملية؛ 
– الإشكالية؛
– الفرضيات؛
-  المقاربة والمنهج؛
- صعوبات الدراسة ومنطلقاتها وحدودها؛
- الخطة أو التقسيم.
 إجمالا، يمكن القول بعد قراءتنا لهذا الكتاب وتقييمهه على المستوى المنهجي والتناول العلمي الأكاديمي الرصين، فإننا نعتبر هذا المؤلف التي بين أيدينا، عمل فيه جهد ظاهر كما يتضح من خلال محاوره، فهو بالتالي يستجيب للشروط والضوابط الأكاديمية والعلمية المتعارف عليها. أيضا هذا الكتاب يجمع بين دفتيه ما تفرق وغاب في غيره، سيغني الخزانة المغربية وسيفيد الطالب والأستاذ ورجل الدولة والبرلماني والممارس للقانون والمؤسسات التي تعنى بجوانب وقضايا حقوق الإنسان، وهو إصدار كتب بحرفية وموضوعية وتحليل عميق يجمع بين العمق الجامعي الأكاديمي وبين الجانب التطبيقي، وهما الجانبان اللذان لا مفر منهما في أي دراسة مرجعية في هذا الباب.
في الأخير وككلمة ختامية في حق هذا الكتاب أو هذا العمل، لا يسعنا إلا أن نؤكد على جدية العمل لما امتاز به من شدة الحرص والمحافظة على روح الموضوع دون إهمال العناصر التي تربط محاوره، أي محاور الموضوع ببعضها في حلقات متصلة تجذب لها القارئ وتشد بناصيته دون ملل أو عناء لما لسياق الكاتب من انسجام ووحدة وسلاسة في التعبير.