الأربعاء 24 إبريل 2024
فن وثقافة

ياسين قونين: خلقنا بورززات لمشاهدة المسرح وليس لممارسته

ياسين قونين: خلقنا بورززات لمشاهدة المسرح وليس لممارسته ياسين قونين

نواصل رحلة الإضاءة على المشهد المسرحي المغربي بمختلف جهات المملكة، ومدى تأثير سنتين من التوقف الإجباري، نتيجة تفشي فيروس "كورونا"، على النشاط المسرحي ومبدعي أب الفنون، وفي هذا الصدد تواصت "أنفاس بريس" مع ياسين قونين، رئيس جمعية الوسام للمسرح بمدينة ورززات، التي تأسست منذ 1979، مسجلة مشاركتها في العديد من المهرجانات خلال فترة الثمانينيات، فضلا عن تنظيمها آنذاك لعدد من الملتقيات.

 

ما هي الإكراهات التي تواجه الفرق المسرحية بمدينة ورززات؟

تواجه المسرح بمدينة ورززات العديد من الإكراهات، تأتي في مقدمتها افتقار جهة ذرعة تافيلالت لقاعات العرض المسرحي، إذ لا يتعدى عدد القاعات بالجهة ثلاث قاعات، المتمثلة في كل من قاعة زاكورة وقاعة قلعة مݣونة، إلى جانب قاعة بمدينة الراشدية.

فبالرغم من الحركة المسرحية التي عرفتها مدينة ورززات منذ سبعينات وثمانينيات القرن الماضي، إلا أننا نعاني من مشكل كبير بسبب قلة قاعات العرض، لكون العروض المسرحية تستمد قيمتها من دور العرض التي تحتضنها.

وبالإضافة إلى كون جهة الجنوب الشرقي للمملكة لا تتوفر على بنايات لإقامة العروض، فهي أيضا تعاني من حيف كبير جدا، يدفعني في بعض الأحيان إلى الاعتقاد بأننا خلقنا فقط لمشاهدة المسرح وليس لممارسته، فإنتاج عمل مسرحي وممارسة أب الفنون بورززات، بالرغم من العلاقة الوطيدة التي تربط ساكنتها بهذا الأخير منذ فترة الاستعمار، إذ ولدت المدينة أسماء لها وزنها في المسرح خلال فترة السبعينيات والثمانينيات، ثم ظهرت جمعيات مسرحية كجمعية "أنفاس المسرح" وغيرها، تلتها جمعية "المنار" التي ضمت بدورها فنانين بارزين في المسرح، وصولا إلى القرن 21، أي فترة مسرح الشباب، التي عاش خلالها المسرح المغربي نوعا من الازدهار وحركة مسرحية في دور الشباب، تميزت بمشاركة مجموعة من الأندية، نذكر من بينها نادي ذرعة ونادي "ألف باء".

فإذا قارنا بين قيمة العرض بالنسبة للسبعينات وقيمته حاليا، من حيث الموضوع، نجد أن هناك فرق كبير، وفيما يتعلق بمسرح الهواة ومسرح الشباب، فنلاحظ أن هناك تقارب ما بينهما، إلا أن هذا الأخير كان بإمكانه أن يرتقي لمستوى أفضل، لولا الصعوبات التي واجهته في الفترة الأخيرة.

ومن بين الإكراهات التي تعيق حركة المسرح بمدينة ورززات هو عدم استفادة الفرق المسرحية من الدعم، فأنا على سبيل المثال لا الحصر، حصلت جمعية "فوانيس"، التي أعد أحد مؤسسيها، على الدعم لمرة واحدة، ويعود سبب ذلك إلى صعوبة المسطرة القانونية، التي يشترط على الراغبين في الحصول على الدعم اتباعها، وهي مسطرة تستدعي إعادة نظر من قبل الجهات المعنية، فهذه الأخيرة مطالبة بدورها بتوفير جملة من الشروط لفائدة ممارسي المسرح بجهة الجنوب الشرقي، من بينها تنظيم دورات تكونية لصقل مواهبهم وفتح ورشات بالشكل الكافي.

ففي اعتقادي يجب أن تخصص وزارة الثقافة بالمملكة دعما خاصا بالفرق المسرحية المكونة من خرجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، ودعم آخر لفائدة الهواة، فما ذنب هؤلاء إذ لم تسنح لهم فرصة الالتحاق بالمعهد وتلقي التكوين، واكتفوا بالموهبة وتجربتهم وما تشبعوا به من خلال الممارسة المسرحية.

فبحكم تجربتي شهدت على عروض استفادت من دعم الوزارة، بالرغم من أنها لا تستحقه، فمستواها لا يرقى إلى ذلك فضلا عن كونها لا تقارن بعروض فرق الهواة، إذ تغيب فيها اللمسات الفنية، بداية من الإخراج وصولا إلى أداء الممثلين، الذي كان شبيها بقراءة إنشاء.

جهة الجنوب الشرقي بحاجة ماسة لقوة تدافع عن المسرح وتبدي اهتماما أكبر بالشق الثقافي والفني، لكون الحركة المسرحية بهذه الجهة مظلومة، رغم ما تزخر به حاليا من طاقات فنية وعروض مسرحية ذات مستوى رفيع، دون أن نغفل ما أنتجته من رواد في المسرح، فقد حصدت فرق المدينة عددا كبيرا من الجوائز نذكر من بينها جائزة المهرجان الدولي بوجدة وجائزة المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي، التي كنت قد توجت بها في نسخته العاشرة، إضافة إلى كل من جائزة الثقافة الأمازيغية لسنة 2009 وجائزة المهرجان الوطني الخامس لمسرح الشباب و فوزي بالمهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب في دورته الأولى وغيرها.

 

بما تفسر تمركز العروض المسرحية بالرباط والدار البيضاء وإقصاء باقي المناطق؟

للأسف الاهتمام الكبير يصب على مدينتي الدار البيضاء والرباط وكذا بعض المدن الكبرى الأخرى كمراكش وطنجة وفاس، لا يمكننا أن ننكر أن هذه المدن تتوفر على مواهب ذات مستوى جيد، إلا أننا ضد فكرة التمييز والحيف، فتمركز العروض في مناطق دون أخرى مشكل كبير، يدفعنا للتساؤل، هل المسرح المغربي يقتصر بالأساس على مدينتين؟

جواب السؤال المطروح لا يحتمل إجابة ثانية غير النفي، فمدينة ورززات مثلا، تضم كلية للسينما وبها مسرح، قد يكون مستوى هذا الأخير قد تراجع، لكن ذلك يعود لعدم لغياب الدعم، فتجربة مسرح الشباب خلال الفترة الممتدة ما بين 2002 و2016، تجربة رائعة بالمقارنة مع مسرح الشباب الحالي، أي مسرح الجم، إذ لا يمنح هذا الأخير للمهرجان قيمة، بالنظر إلى الوثيرة التي تعرض بها العروض، فكيف يعقل أن تعرض عروض 16 جهة في ظرف يومين، فلا أن يؤثر ذلك بشكل سلبي على جودتها ويبخس من قيمتها، وهو ما عاينته خلال مشاركتي في نسخته الأولى، ففي نظري هي تجربة فاشلة ولا تشجع على إعادة المشاركة في الدورات القادمة، نظرا لما تعاني منه التظاهرة من خلل على المستوى التنظيمي.

 

 

ما تقييمك لمستوى المسرح بالمغرب؟

عرف مسرح الهواة تراجعا كبيرا وملحوظ بالمقارنة مع فترة الثمانينات من القرن الماضي، ففي تلك الفترة كان يحظى بقيمة كبيرة لا من حيث المواضيع المتناولة ولا من حيث الإخراج المسرحي ولا على مستوى أداء الممثلين، أما حاليا ورغم التقدم الذي تعرفه الفترة الراهنة وتطور الوسائل التقنية، إلا أن العرض كقيمة شهدت نوعا من التراجع، فقد غاب الكيف وحضر الكم.