الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

مؤلف جديد حول "المبنى السجني بالمغرب: الفضاءات والهندسة المعمارية"

مؤلف جديد حول "المبنى السجني بالمغرب: الفضاءات والهندسة المعمارية" واجهة سجن الداخلة
صدر حديثا كتاب "المبنى السجني بالمغرب: الفضاءات والهندسة المعمارية" لمؤلفيه الجيلالي العدناني وسليمة المنجرة، وذلك بمبادرة من المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج. 
ويروم هذا الكتاب، الصادر ضمن منشورات (bouillon de culture) في 243 صفحة من القطع الكبير والمعزز بعدة صور فوتوغرافية، تقريب القارئ من التطور الحاصل في المنظومة السجنية، وذلك خلال تقديم معطيات حول أماكن الاعتقال وتطور بنياتها ووظائفها لتحسين الخدمات المقدمة للسجناء منذ فترة ما قبل الحماية إلى الوقت الراهن. 
كما يهدف المؤلف، باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، إلى المساهمة في"التعريف بالطفرة الحقوقية النوعية التي شهدها واقع السجون بالمملكة، خاصة في العقدين الأخيرين، تنفيذا للتوجيهات الملكية الرامية إلى أنسنة الفضاء السجني وصيانة كرامة حقوق السجناء التي لا تجردهم منها الأحكام القضائية الصادرة في حقهم".
ويتضمن هذا الكتاب جزءين يتناول الأول مواضيع تهم "حول تاريخ المبنى السجني" و"من أجل تاريخ للمباني العقابية" و"سجون الحماية الفرنسية بين الاكراهات القانونية والفرص العقارية والتحديات المالية" و"المؤسسة السجنية بعد الاستقلال" والهندسة المعمارية في التفكير العقابي الحالي". 
أما الجزء الثاني فيتطرق الى مواضيع تهم "اعادة تاهيل السجن "وجسم لجسم" و"جسم إلى جدران" و "جلد لجلد" و"إعادة تأهيل السجن". 
وفي تقديمه لهذا المؤلف، أكد المندوب العام للمندوبية العامة لادارة السجون وإعادة الادماج، محمد صالح التامك، أن "وضع حظيرة للسجون في مستوى النهج الانساني الذي رسمه الملك محمد السادس يشكل محفز عمل المندوبية العامة" ، مضيفا أن "تعزيز استراتيجية وضع بنيات استقبال جديدة ، بطريقة حديثة ومتيقظة، يمكن من تحديد مواقع إقامة أماكن الاعتقال المستقبلية". 
وأبرز أن الطموح يتمثل في إقامة سجون لا تشكل أماكن لانتاج معاودي الجريمة، إنما فضاءات للعزل والتأهيل وإعادة الادماج، مشيرا الى أنه لتحقيق الغاية المزدوجة للاعتقال، والمتمثلة في قضاء فترة العقوبة والحيلولة دون حالات العود، يتطلب إحداث المنشئات السجنية تخطيطا وتعديلات مجالية خاصة. يفرض تطويرها التفكير في هندسة معمارية تجمع، بكل فعالية، بـين الضرورات القانونية والأمنية والمتطلبات الضامنة لكرامـة النزيل، وتكون مناسبة لإمكانيات البلاد.
واعتبر أن هـذا العمل سيسهم ، مـن خلال "وضع السجن بالمغرب في منظـور تاريخي، وعبر تحديد تفكير أولي لقضية هندسة السجون كعنصر محـدد لمـدى فعاليـة منظومة السجون الوطنية، في النهوض بمهمتنا المزدوجـة: الإصلاح والإعـداد لإعادة التأهيـل".
وجاء في توطئة هذا الكتاب، وهو العمـل الرابـع مـن مجموعة مخصصة لعـالم السجون بالمغرب، وهي سلسلة ترمي إلى التعريف بالشأن السجني في أبعاده السياسية والاجتماعية، أن هذا الاصدار الجديد يبدأ بالتطرق لوضع ممارسة الاعتقال بالمغرب من منظور تاريخي من خلال مختلف أنواع الأماكن المخصصة لـه. 
وحسب التوطئة فإن نـدرة الشهادات التاريخية وشبه انعدام الدراسات الأكاديميـة حـول الموضـوع لا تسمح بالمعالجة المعمقة والمثيرة التي يستحقها. ومع ذلك، فإن المعلومات المستمدة من وثائق المحفوظات، رغـم قلتهـا، توفـر لمحـة عن مسألة ماديـة الاعتقال. 
وأضافت أنه عـلى الرغـم مـن هـذا " الـلا مفكر في تدوينـه" حـول السجن، الكاشـف في حـد ذاتـه عـن قضايـا أخـرى غير مفكر فيهـا - اجتماعية وسياسية- استمرت لقـرون عـدة، فإن المؤلفين رسما تطـور فضـاءات الاعتقـال والبناءات ذات الصلة، أو بالأحـرى "عـدم تطورهـا"، مـن حيـث استمرارية شغلها واستخداماتها.
ويدعـو الجـزء الثاني من الكتاب، حسب التوطئة، القارئ إلى أن يضع نفسـه مـكان المهندس المعماري المكلف بتصميـم مؤسسة سجنية. ويقـدم هـذا النص نفسه، ودونمـا ادعـاء بإعطـاء إجابـة نهائيـة حـول الموضوع، كمسار للاكتشاف والتفكير. 
وأبرزن أن "هـذا بالتأكيـد هـو حـال أي بنـاء، بمـا أن كل بنـاء هـو استجابة لمشروع حيـاة، والأحـرى حينما يتعلق الأمـر بالهندسة المعمارية للسجون، حيث يكون الفضـاء طـرفـا فـاعـلا للعقوبة. وهـذا مـا يجعـل منـه تخصصـا منفصلا، يخضع للتحولات المتكررة لمعجمـه وغاياته. أطروحته، تحيزاته النظرية والتقنية، خياراته، رسائله، هـي بذلك أبعـاد تساهم في اعتقال النزيل وفي سيرورة حياتـه". 
يذكر أن هذا المؤلف يأتي تكميلا لاصدارات سابقة للمندوبية العامة، الأول تحت عنوان "الفنون من داخل السجون"، والثاني حول "صناع مصير مغاير"، والثالث حول "الكرامة" ترمي كلها إلى التعريف بابداعات السجناء الفنية والحرفية و تثمينها ورصد المجهودات المبذولة من أجل حفظ كرامة السجين.