الأربعاء 8 مايو 2024
كتاب الرأي

محمد صلحيوي: اليسار المغربي بين كلفة الاجتهاد وبين مهاوي التكرارية للتجربة...

محمد صلحيوي: اليسار المغربي بين كلفة الاجتهاد وبين مهاوي التكرارية للتجربة... محمد صلحيوي
هناك دائماَ جمل وعبارات ترد وتكون بمثابة مفاتيح الخطاب، ويكون "منطق عقلية الفعل"هو الموجه للممارسة العملية.
يمكن مقاربة تبلور أطروحة النضال الشعبي من خلال الجمل المفتاحية التالية:
1--"من الإرادة الشعبية، إلى السيادة الشعبية" عبارة طرحتها الأمينة العامة للحزب الاشتراكي ألموحد الدكتورة نبيلة منيب في الندوة السياسية الوطنية 2013 بالهرهورة، والتي عبرت، وبتكثيف نظري عن ما سمي "بروح حركة20فبراير، تلك الروح التي احتاجت لتجربة شعبية أرقى.
2--" أحدث الحراك الشعبي بالريف ثقباَ في السقف السياسي اليساري المنخفض". لقد شكلت هذه العبارة الواردة في أرضية تيار اليسار المواطن والمناصفة، والمقدمة إلى المؤتمر الوطني الرابع للحزب الاشتراكي الموحد، وشكلت بهذا الشكل أو ذاك، مفتاحاَ لرؤية الأرضية.
3--"دعم النضالات الشعبية من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية" وهو شعار المؤتمر الوطني الرابع للحزب، والذي حسم الارتباط بالحركة الاجتماعية بحراكها الشعبي وبمختلف دينامياتها".
4--"الوحدة الشعبية" العبارة التي كثفت الرد النظري وبمضمونها الأدائي على سؤال موقع الشعب في أي تصور.
إن تكامل وتظافر مفعول العبارات الاربع وبتميز قيادي، هو الذي أنقد الحزب الاشتراكي ألموحد من خطة قرصنتة باندماج عددي قسري والمناوئ لخيار "الفعل الشعبي" الذي ناوأته من قبل، أحزاب يسار التدبير الحكومي، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية باختيارهما طريق الاندماج السلبي في الدولة؛ وغفل الذين كانوا معنا عن مقدمات العمل الجماعي الحامي لوحدة الحزب، فداهمتهم النتائج العكسية لما كانوا يظنون أنه تحصيل حاصل، فاجاتهم وحدة حزبية لرأي وتصور فارق للمرحلة والمستقبل.
بالتأكيد كانت 2002-2021، وضمنها مرحلة 2007-2021 مرحلة مضنية وقاسية، وفرضت تأمل ماهية قولنا: "الأحزاب الوطنية والتقدمية واليسارية المغربية" الذي قاد إلى الخلاصة والقناعة التالية: إذا دفعت منطق تفكير أغلب مناضلي ومناضلات التعددية المغربية، بمافيها الحساسيات الأكثر راديكالية، إلى حدوده القصوى، ستجد حزب الإستقلال ساكن مخيلتهم/ن وممارساته/ن. وتكتشف أن الاختلاف في الدرجة وليس في الطبيعة.
المهمة الكبرى إذن هي إحداث القطيعة الفكرية مع هذا المخيال ومع أساس الممارسة الناتجة عنه.
هناك مؤشرات حقيقية في هذا الاتجاه، لكنها محتاجة لإرادة قوية لتحويلها إلى رؤية فاعلة.
ترجمت الإرادة الجماعية للحزب، المعتبرةأنه حان الوقت للوضوح المفاهيمي والإصطلاحي لرؤية الحزب،إعلامياً، وبالقطيعة مع مفاهيم التعويم والغموض والتردد التي ذهبت مع ذهاب أصحابها، فكان المنطلق:
"لا للوصاية والتعالي على النضال الشعبي السلمي الحضاري، ونعم لتبنيه والتعلم منه دينامياته لصياغة مستقبل الوطن المتجدد"، جاء الوضوح في صيغة منظومة شارحة :
1-لاتفكر بمنطق الأقواس (فتح القوس وإغلاق القوس) في وصف سلوك الدولة،
بل، باستراتيجية النضال الشعبي الديموقراطي السلمي الحضاري، كاختيار لمواجهة اختيار الطبقة السائدة.
2-تبنى مضمون العدالة الاجتماعية والجهوية والمناطقية وتجاوز للمصطلحات المضببة.
3-الإنفتاح السياسي التأسيسي لتكريس التعدد والاختلاف داخل الحقلين السياسي والاجتماعي،(لا نناشد ونتوسل بشعار الانفراج والانفجار ).
4- لا ندعو إلى مجرد إصلاحات ترقيعية من موقع الاعتدال كما روج لها ؛نحن ندعو لتعاقد جديد وشامل ومن موقع يساري، بين الدولة والمجتمع، يحدد وطن الغد.
5- الدعوة لإحداث القطائع مع الماضي، وبنقد وقراءة راديكالية لتجربة الحركة الوطنية و التقدمية واليسارية المغربية.
6- النضال من أجل حرية معتقلي الحراك الشعبي بالريف وكل المعتقلين السياسيين والصحافيين والمدونين، وفتح ورش المصالحة التاريخية الحقيقية مع الريف ومع كل الجهات المهمشة.
7-حزب يساري شعبي وليس شعب اليسار الوهمية.
8-تغيير أسس الممارسة السياسية وليس إنتاج خطاب جذاب يدغدغ المشاعر ولا ينتج فعلاَ سياسيا تغييرياَ.
ما سبق باعتماد بيان المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد لدورته الثامنة.
فداخل المجتمع يصنع مستقبل الوطن، محركه القوي هو الحراك الشعبي كما يقول المؤرخ إبراهيم ياسين وإشعاعه مختلف الديناميات. ولسنا أمام ظرفية عابرة.
لنلاحظ أن الحزب الاشتراكي الموحد قد التقط روح حركة 20فبراير خلال مؤتمره الثالث2012، ويصدر في نهاية عشرية الظرفية بيان مئوية أنوال الخالدة (6غشت 2021)، والذي يؤكد -البيان- من حيث الجوهر الفكري، تاريخ بداية مسلسل "تضييع الفرص" الذي كان الموقف السلبي من خط الخطابي التحرري بدايته، موقف الحركة الوطنية-آنذاك- يؤكد أنها مساهمة في ضياع الفرص وعلى طول قرن من الزمن.
إن الإمساك قدر المستطاع بجوهر حمولات الحركة الاجتماعية كتيار عام، طرح، بديناميات مختلفة، أقواها وأبرزها الحراك الشعبي بالريف، أجوبته على الاختلالات الأربعة: الطبقية والنوعية والبيئية والمناطقية، مترجماَ ذلك بالعدالة بمختلف مستوياتها؛ إلا أن المفارقة تكمن في مواجهة دولة غير مستعدة للتغيير، وفي نفس الوقت "إنكسار" العلاقة مع قوى سياسية رافضة؛ المطلوب لتجاوز إرث سياسي وفكري متمنع عن تجديد مقولاته وتصوراته، والمطلوب الاختيار الحاسم بين طريقين أمام نخب التغيير وبمختلف مستوياتها:
إما الإمساك بالمضمون اليساري الكامن في الحركة الاجتماعية وبلوزته سياسيا وأدائياً وبعقلية ممارسة جديدة، وإما الاستقرار في وضعية "البقاء كهدف" والسير البطيئ صوب فرصة للتدبير.
إن ترديد معادلة "الإنفراج أوالإنفجار" تتضمن موقفاً حيادياً من تنامي النضال الشعبي، وبذلك يعاد إنتاج موقف قيادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بعد إقالة حكومة عبد الله إبراهيم سنة1960، عندما راهنت على تفسخ الأوضاع، ما سيؤدي إلى سقوط النظام، ولعبد الله العروي موقف حاد من هذا الموقف.