الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

الجزائر: عدم الاستقرار السياسي يديم القطيعة مع المغرب.. كتاب جديد للطيب دكار

الجزائر: عدم الاستقرار السياسي يديم القطيعة مع المغرب.. كتاب جديد للطيب دكار الطيب دكار ومؤلفه الجديد
أصدر الطيب دكار، مدير الإعلام سابقا بوكالة المغرب العربي للأنباء، ومدير مكتبها بالجزائر العاصمة من 1989 إلى 1995، ثم من 2002 - 2006، كتابا جديدا حول الجزائر تحت عنوان: "الجزائر: عدم الاستقرار السياسي يديم القطيعة مع المغرب".
 
يتناول المؤلف الجديد أهداف الحراك الذي انطلق في شهر فبراير 2019، وتداعياته السياسية في بلد  يحكمه الجيش منذ عام 1962، إذ تعمل المؤسسة العسكرية على تجديد واجهة النظام باستمرار مع الحفاظ  على موقعها في الخلف. وقد واجهت المؤسسة العسكرية بشراسة الانتفاضات الشعبية ومطالب التغيير التي دفع الشعب من أجلها ثمناً باهظا، من أجل الاستقلال في البداية، ثم من أجل الديمقراطية والحرية والعدالة.
 
ويعتبر هذا الكتاب نتاجا لمتابعة الوضع في الجزائر منذ انطلاق الحراك في شهر فبراير 2019 إلى غاية شهر أبريل 2022 وكذا التطورات التي عرفتها العلاقات المغربية الجزائرية خلال هذه الفترة والتي أفضت إلى قطع العلاقات بين البلدين، من خلال نشر عدة مقالات وتحليلات في مواقع إخبارية إلكترونية مغربية منها  " أنفاس بريس" ، إذ تم تجميعها في 436 صفحة وطبع الكتاب لدى  منشورات  " فكر"  في الرباط. 
 
ويجدر التأكيد بأن العلاقات بين البلدين، إذا استثنينا عهد بومدين، لم تبلغ أبدا ذروة التدهور الذي نعرفه اليوم، وهذا يبدو غريبا في سياق "الجزائر الجديدة" التي أعلن عنها النظام الجديد التي حل محل عبد العزيز بوتفليقة، منذ عام 2019. توقفت المظاهرات الشعبية، التي حشدت ملايين الجزائريين، لمدة عامين تقريبًا، دون انقطاع، كل جمعة وكل ثلاثاء، بسبب انتشار وباء فيروس كورونا، ولكن أيضًا بسبب القمع الذي مورس ضد مختلف النشطاء وقادة هذه الحركة، الذين سُجن البعض منهم وتمت محاكمتهم وإدانتهم.  كان الحراك قد أرغم النظام على إقالة الرئيس بوتفليقة. الجيش الجزائري، الذي يحكم البلاد، برز دوره الرئيسي في المشهد السياسي للبلاد، بطريقة لا تدع مجالاً للشك من خلال تدبير وتنظيم المرحلة الانتقالية. 
 
ليس هناك دولة واحدة في العالم، باستثناء الجزائر، تسمح لنفسها الاستغناء عن خدمات ثلاثين جنرالا من الجيش، تم إيداعهم السجن، و محاكمتهم وإدانتهم، إلا أن هذا البلد يمتاز بخاصية أخرى - استثناء جزائري آخر – وهي أن بعض المدانين رغم كل شيء. تم إطلاق سراحهم في ظروف غامضة والسماح للبعض منهم للعودة إلى البلاد من منفاهم بالخارج على متن طائرة الرئاسة. إثنان من رؤساء الحكومات السابقين وحوالي عشرين وزيراً سابقاً تم إيداعهم السجن ومحاكمتهم، في قضايا تتعلق باختلاس الأموال العامة أو الفساد، في عملية يهدف منها الجيش إلى تجميل واجهته، في محاكمات نفذت بأوامر من الجيش. كما يتميز القادة الجزائريون الجدد، الذين لا يعترف الحراك بشرعيتهم، عن أسلافهم، بعدائهم الجيني والوبائي للمملكة. لم يسبق أن استعملت مجلة "الجيش"، وهي جهاز إعلامي للجيش، يعتب بمثابة "البرافدا" الجزائرية , لغة حادة وخطيرة غير دبلوماسية، ومهينة ضد المملكة. ولم يحدث هذا التحول العدواني في الخطاب إلا بعد تعيين قائد الجيش الجديد، الجنرال سعيد شنقريحة، بينما كان في السابق، ينحصر دور المجلة كجهاز إعلامي للجيش الجزائري في تغطية أنشطتها، والتدريب، والتعاون العسكري الدولي. شنقريحة كان قائدا للمنطقة العسكرية الثالثة (الحدود الجنوبية الغربية مع المغرب) وكانت مخيمات البوليساريو في تندوف تحت نفوذه. هكذا يكون  شنقريحة بصدد نقل البوليساريو إلى قلب تاكارين بالجزائر العاصمة (تسمية الحي الذي تتواجد فيه وزارة الدفاع). اقترن تعيين شنقريحة بانتخاب مثير للجدل لعبد المجيد تبون رئيسا للجزائر، وهو رجل "تسكنه" كراهية أبدية ضد المملكة. قاد هذا الثنائي الجزائر إلى قطيعة كاملة مع المملكة.
يجب الاعتراف بأن تجربة التطبيع مع الجزائر عام 1988 لم تكن في نهاية المطاف مجدية. وسوف ننتظر طويلا أن تركب الجزائر قطار الديمقراطية ليعود الأمل من جديد في تطبيع حقيقي بين البلدين. بالتأكيد لن يكون الأمر سهلا.