الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد يسين: الهوية الذكرية للعيد

محمد يسين: الهوية الذكرية للعيد محمد يسين
كانت الفرحة تعم أرجاء المنزل الطيني، المتعددة غرفه، ضاقت الغرف بوجود الأسرة الكبيرة والأحفاد، الكل فرح بالعيد عيون الأولاد تراقب عن كثب أضحية العيد وقد فقدت بعبعتها وحيويتها بعد الذبح والسلخ والتنظيف، حين الذبح صاح الأطفال الصغار، وهم متشبثين بتلابيب أمهاتهم، لماذا قتلتم الخروف، لأيام كنا نلهو ونلعب معه، صاح حمودة، حشومة عليكوم …
كانت " السقيطة" المعلقة بعناية وسط فناء المنزل، تتمايل ذات اليمين وذات الشمال، وقطرات الدم النازلة من رقبتها ترسم لوحات من خيوط حمراء هنا وهناك في أرضية الفناء .على مقربة كانت النسوة منهمكات في تهييئ كل ما يلزم للشاي والشيِّ، بين الفينة والأخرى يصيح الكبار في الصغار" لا تقتربوا من السقيطة، حذار أن يأخذ منها أحد قطعة لحم " كان الحاج صارما في الحفاض على "السقيطة" حتى اليوم الثاني موعد التقطيع وتقسيم السقيطة، تلكم سنة لها أسباب النزول، الطبية منها والطبيعية، لا قبل للأطفال بها، وهم يسترقون غفوة الكبار للظفر بقطعة لحم للشواء فوق نار المجمر…
في غفلة من الجميع كان حمودة يشوي في ركن من الفناء قطعة طار بها هو وابن عمه قدور…
على حين غرة دخل الحاج، وكان من عادته كل عيد ألا يفطر الا بالكبد وأشياء أخرى…انزوى الأطفال وراء النسوة خوفا من الحاج، تأمل الحاج السقيطة، في جزئيات تهمه أكثر من غيرها، احمر وجهه، قلب عينيه في الأطفال والنسوة، صاح في الأولاد" الله ينعلها ماركة" صافي درتيوها تاني، ردِّتِوْ الحولي نعجة على النهار الأول"…خانته ابتسامة، انفرجت عنها شفتيه وهو ينظر خلسة للنسوة، صاح الأولاد بعد انفجارهم ضحكا، والله إنها لذيذة يا جدو…