الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

عماد عادل:المغاربة يدفعون ضريبة الحرب في أوكرانيا وضرائب الحكومة في الرباط

عماد عادل:المغاربة يدفعون ضريبة الحرب في أوكرانيا وضرائب الحكومة في الرباط عماد عادل
6.7 مليار درهم هو المبلغ الذي جنته خزينة الدولة حتى الآن من إيرادات الرسم الداخلي المفروض على استهلاك المواد الطاقية والتي يشكل الغازوال والبنزين عمودها الفقري. وخلال الشهور المتبقية من العام الجاري، خططت الحكومة لمضاعفة هذا المبلغ المحصل من جيوب المواطنين إلى 17.2 مليار درهم، وذلك في تجاهل تام للانعكاسات الكارثية التي خلفتها الزيادات الفاحشة على الأوضاع الاجتماعية لشريحة واسعة من المغاربة.
وبينما تشعل الزيادات المتوالية أسعار المحروقات في محطات الوقود لتلهب جيوب المغاربة، وتجهز على ما تبقى لهم من قدرة شرائية، تواصل حكومة أخنوش تجاهل نداءات الاستغاثة، مستفيدة من المداخيل التي تجنيها الخزينة على شكل ضرائب ورسوم تكاد تشكل نصف ثمن الغازوال والبنزين اللذين حطمت أسعارهما اليوم كل التوقعات: 18 درهما للبنزين و 16.60 درهما للغازوال!
غير أنه في وقت تشهد أسعار النفط في الأسواق الدولية تراجعا ملحوظا بسبب مخاوف متزايدة من الركود، حيث انخفضت قيمة البرميل من المزيج برنت نهاية الأسبوع دون 110 دولارات، فيما تراجعت قيمة البرميل من النفط الخام إلى 105 دولارات، فإن أسعار المحروقات في المغرب لم تعرف منذ عدة أشهر إلا منحنى واحدا في اتجاه الصعود، وهو ما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول من المستفيد من هذه الوضعية؟ ومن هو الخاسر الأكبر في عاصفة الأسعار التي لا يبدو أنها ستهدأ قريبا؟
على رأس المستفيدين طبعا، تتربع شركات استيراد وتوزيع المحروقات التي راكمت منذ بداية تحرير القطاع أرباحا خيالية تفوق 45 مليار درهم، تليها الخزينة الحكومية التي يرأسها واحد من أكبر تجار النفط في البلاد، والتي كلما زادت أسعار المحروقات كلما زادت مداخيلها من الرسوم الضريبية المفروضة على هذه المواد، في حين يظل المستهلك هو الخاسر الأكبر في هذه العملية، وهو بذلك يدفع من جيبه ضريبة الحرب في أوكرانيا وضرائب الحكومة في الرباط.
وحين سارعت الحكومات التي تحترم مواطنيها في العديد من البلدان إلى إطلاق حزمة من التدابير المالية والجبائية لدعم القدرة الشرائية للأسر وحمايتها في هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة، لم تجد حكومة أخنوش من جواب غير هذه العبارات التي وردت على لسان الناطق الرسمي باسمها حين قال «الحكومة كانت واضحة منذ البداية، نحن نشتغل على تقديم الدعم للمهنيين.. أما من يملك سيارة فليتحمل تكاليفها».
وعندما يقول الناطق الرسمي باسم الحكومة هذا الكلام، فهو يوجهه بالضبط لأزيد من 5 ملايين أسرة مغربية، ضمنها 3.3 ملايين أسرة تملك سيارة خاصة وأزيد من 1.8 مليون أسرة تملك دراجة نارية (دون احتساب مئات الآلاف من الدراجات النارية التي مازالت لم تخضع للتسجيل ولا تتوفر على لوحة ترقيم)، حيث إن حظيرة السيارات في المغرب تفوق حاليا 4.8 مليون سيارة، 70 في المائة منها عبارة عن سيارات خاصة، 30 في المائة عبارة عن سيارات نفعية، بينما يتجاوز عدد الدراجات النارية بكثير عتبة 2 مليون دراجة. وهكذا فإن الحكومة قررت ألا تنشغل بكل هؤلاء المغاربة، لكونها مقتنعة بأنهم وإن كانوا يعدون بالملايين، غير أنهم لا يتوفرون على وسائل ضغط قوية كتلك التي يتوفر عليها المهنيون على أقليتهم، أي 180 ألف عربة معظمها مملوك لشركات كبرى مسنودة من طرف نقابات تستعمل تارة ورقة الزيادة في تعريفة الأسعار وترفع تارة أخرى فزاعة الإضراب ملوحة بشل حركة النقل الطرقي في البلاد، كلما شعرت أن مصالحها مهددة.