الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

شكاك: مبدأ التفريع يلزم توضيحه في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية كي لا تسوده الضبابية

شكاك: مبدأ التفريع يلزم توضيحه في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية كي لا تسوده الضبابية الدكتور سعيد شكاك
يعد مبدأ التفريع من مبادئ القانون الدولي العام، حيث أستعمل لأول مرة في هذا الإطار كمعيار لتوزيع الاختصاصات بين المجموعة الأوروبية والدول الأعضاء في معاهدة ماستريخت سنة 1992.
وقد أقرت فرنسا هذا المبدأ بدون التنصيص عليه في الدستور، حيث يعني إسناد الاختصاصات لمستوى من مستويات الجماعات الترابية الأكثر قربا من الساكنة.
فمبدأ التفريع يقصد به توفر الهيئات الترابية على سلطة اتخاذ القرار الترابي دون الرجوع للمركز. فهو يعزز سياسة القرب ويضمن الجودة، والسرعة والفعالية، ويعطي الأسبقية والأفضلية للوحدات الترابية (الأسبقية للقاعدة على القمة في ممارسة الاختصاص) في اتخاذ قراراتها وتقديم الخدمات العمومية دون انتظار توجيهات السلطة المركزية. علاوة على أن مبدأ التفريع يعتبر من أهم المبادئ الضابطة لتنازعية وتنافسية الاختصاصات بين الدولة والجهات وبين الجهات فيما بينها.
في نفس السياق، يساهم مبدأ التفريع بالمغرب في توزيع الإختصاصات بين الدولة ومصالحها اللاممركزة، في إطار اللاتركيز إداري وكذا بين الدولة والوحدات الترابية في إطار اللامركزية. كما يعتمد مبدأ التفريع على فكرة إعطاء كل الوحدات الترابية، اختصاصات واضحة تحدد وتوزع بتراتبية. مع الإشارة إلى أنه لا يمكن تفعيل هذا المبدأ دون وجود موارد مالية ومستقلة للوحدات الترابية.
وبالرجوع لمنطوق الفصل 140 من دستور فاتح يوليوز 2011 نجده أكد على هذا المبدأ، وجعله كفلسفة مؤطرة لعملية توزيع الاختصاصات. إضافة إلى أن القانون التنظيمي رقم 14.111 المتعلق بالجهات من خلال مقتضياته عمل على تنزيل هذا المبدأ فالفصل 140 من الدستور نص بشكل صريح على أن للجماعات الترابية، وبناء على "مبدأ تفريع" اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها من هذه الأخيرة. تتوفر الجهات والجماعات الترابية الأخرى في مجالات اختصاصاتها وداخل دائرتها الترابية، على سلطة تنظيمية لممارسة صلاحياتها ،كما أكد القانون التنظيمي14.111 المتعلق بالجهات في مادته السادسة على أنه: " طبقا للفقرة الأولى من الفصل 140 من الدستور، وبناء على مبدأ التفريع، تمارس الجهة الاختصاصات الذاتية المسندة إليها بموجب أحكام هذا القانون التنظيمي والنصوص المتخذة لتطبيقه، وتمارس أيضا الاختصاصات المشتركة بينها وبين الدولة، والمنقولة إليها من هذه الأخيرة وفق الشروط والكيفيات المنصوص عليها في الأحكام المذكورة. وطبقا للفقرة الثانية من الفصل 141 من الدستور، يتعين، عند نقل كل اختصاص من الدولة إلى الجهة، تحويل الموارد اللازمة التي تمكنها من ممارسة الاختصاص المذكور.
ما يمكن استخلاصه هو أن مضمون مبدأ التفريع يلزم توضيحه وتفصليه أكثر في القوانين التنظيمية المؤطرة للجماعات الترابية والدستور لكي لا يبقى تسوده الضبابية.
 
الدكتور سعيد شكاك/ أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية  جامعة شعيب الدكالي