الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

فيراشين: الحكومة أخلفت وعودها الانتخابية في مناخ سياسي توفرت فيه على كل الصلاحيات

فيراشين: الحكومة أخلفت وعودها الانتخابية في مناخ سياسي توفرت فيه على كل الصلاحيات يونس فيراشين، عضو المكتب الننفيذي للكنفدرالية الديمقراطية للشغل (يمينا) ورئيس الحكومة عزيز أخنوش
أي تقييم موضوعي لأداء حكومة أخنوش هو مدى التزامها بالوعود الانتخابية للمكونات الحزبية المشكلة لها، وما تضمنه التصريح الحكومي كذلك، من برامج وأهداف ينبغي لنا التوقف عند مدى تحققها، ومع ذلك هناك عدة مؤشرات تعطينا الحق في تقييم الأداء الحكومي على الأقل خلال الفترة الأخيرة التي مرت من عمرها.
طبعا نحن اليوم أمام حكومة لها أغلبية عددية مريحة، لها أغلبية كذلك على مستوى عدد من الجماعات الترابية وفي كل الجهات. بمعنى أننا أمام حكومة لا يمكن أن تدعي بأنها تشتغل في سياق سياسي صعب أو تحت الضغط أو غيره.. بل لها كل الشروط لتفي بوعودها.
الحقيقة أن هذه الوعود الحزبية لم تنعكس حتى في التصريح الحكومي، أساسا مشكل الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، والحال أن حزبين من الحكومة قدما وعدا بإدماجهم في الوظيفة العمومية، لكن اليوم أصبحنا نسمع خطابا آخر، وقس على ذلك الرفع من أجور الأساتذة ودعم الفئات التي لا تتوفر على تقاعد ومسألة التشغيل والرفع من معدل نشاط المرأة.. لحد الساعة ليست هناك مؤشرات لتنزيل هذه الوعود، بل توجه نحو ضرب هذه الوعود بالمطلق، وأن شعار الدولة الاجتماعية الذي تصدر التصريح الحكومي هو من باب «الهضرة» ولم يتجسد من خلال قانون المالية لسنة 2022 الذي حافظ على نفس التوجهات الحكومية السابقة، والذي استحضر بالأساس مصلحة الرأسمال وغيب مصالح الأجراء والفئات الاجتماعية الأخرى، خصوصا الطبقة المتوسطة، بل زاد من الثقل عليها عبر الضرائب، مقابل تخفيض الضريبة على الشركات، وقدم لها عددا من الامتيازات، كل هذا زاد من تقهقر الوضعية الاجتماعية أمام الارتفاع الصاروخي للمواد الغذائية ومادة المحروقات وتضرر كثيرا المواطن، الذي لا حول له ولا قوة، وفقد الكثير منهم مصادر الدخل أمام تفشي جائحة كورونا، وبرزت وضعية صحية هشة وبنيات غير ذات أساس. كما بينت الجائحة تعليما هشا، وكان من المفروض أن تأتي حكومة أخنوش، بما أنها حكومة أكفاء، كما تدعي، بأجوبة عملية لهذه الأسئلة الحارقة، لا أن ترمي الكرة لملعب الحكومة السابقة، ما دام أن الحزب الذي يترأس الحكومة كان شريكا في الحكومة السابقة. للأسف لحدود اليوم لم تظهر آثار النموذج التنموي الجديد الذي من المفروض أن يعيد النظر في الأساليب الحكومية السابقة، وأصبحنا اليوم أمام نفس الاختيارات الحكومية السابقة، حيث زادت الاختيارات النيوليبرالية.
كذلك من مؤشرات محاكمة الحكومة هو مجال الحقوق والحريات، للأسف هناك تضييق كبير على الحق في التظاهر وضرب الحريات النقابية وتحريك المتابعات القضائية في حق بعض النشطاء..
ما يحسب لحكومة أخنوش كنقطة ضوء في ظل هذا الظلام الدامس هو مسألة الحوار الاجتماعي مع النقابات الأكثر تمثيلية والوصول إلى اتفاق اجتماعي ينتظر تنزيله لأرض الواقع بشكل يعود بالنفع على المواطنين، طبعا الاتفاق لم يجد منا رضا كثيرا، لأنه دون ما نأمل وما نطمح له لصالح الطبقة العمالية، لكننا اعتبرناه خطوة أولى تتضمن عددا من الالتزامات الحكومية، وأول امتحان سنقيس به مدى احترام الحكومة لالتزاماتها هو دورة شتنبر الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بالزيادة العامة في الأجور وكذلك مراجعة الضريبة على الدخل ومجموعة أخرى من الالتزامات. وبالتالي ستكون جولة شتنبر 2022 من الحوار الاجتماعي أول امتحان حقيقي لمصداقية حكومة أخنوش ووفائها بالتزاماتها.
يبقى أن ارتفاع الأسعار وارتفاع نسبة التضخم ونسبة البطالة بشكل غير مسبوق يبقى من النقط السوداء لحكومة أخنوش، في الوقت الذي لم تلجأ لأي إجراءات من شأنها تخفيف الضغط الاجتماعي على المواطنين، بالمقابل نحن في المجموعة الكنفدرالية قدمنا مقترحا عمليا في مجال ارتفاع اسعار المحروقات، وكذا مقترح قانون لإعادة تشغيل محطة «سامير» كآلية لضمان الأمن الطاقي بالبلاد، في وقت العالم ومنه بلادنا مقبل على عدد من الأزمات والصدمات. وبالتالي ينبغي من الآن الاكتفاء بالتشخيص كما هو ملاحظ في خطابات رئيس الحكومة، ولكن اتخاذ إجراءات عملية استباقية، واستحضار الموازنات الاجتماعية قبل الموازنات المالية، لأنها هي أساس السلم الاجتماعي.