الثلاثاء 7 مايو 2024
فن وثقافة

من اغتصب حق الفارسات المغربيات ومنعهن من المشاركة في إقصائيات دار السلام؟ (ح/1)

من اغتصب حق الفارسات المغربيات ومنعهن من المشاركة في إقصائيات دار السلام؟ (ح/1) انخراط سَرْبَاتْ العنصر النسوي في منافسات التبوريدة بدار السلام كان قد انطلق سنة 2003

في الحلقة الأولى من مقالنا هذا سنسلط الضوء على ملف منع فارسات التبوريدة من المشاركة في منافسات دار السلام، ملف طاله النسيان أكثر من 12 سنة، ولم يوليه القائمون على حقل الفروسية التقليدية أي اهتمام يذكر. وكأن التبوريدة حكر على الرجال لوحدهم دون النساء في الوقت الذي أرّخت خطابات ورسائل الملك محمد السادس وانتصرت لضرورة الاهتمام بالموروث التراثي والثقافة الشعبية، وإبرازها كمعمار إنساني يصون الهوية المغربية.

إن إقصاء وتهميش وإبعاد المرأة /الفارسة من فن التبوريدة بشكل رسمي من منافسات دار السلام لن يقبله أي عقل يؤمن بالمنطق والحكمة. وإلا كيف لنا أن نعيش ونحيا دون المرأة، وهل يستقيم أن نصون تراثنا دون إشراك نصف المجتمع في قرار الصيانة والتثمين من خلال ربط النظرية بالممارسة والتطبيق؟

حركت جريدة "أنفاس بريس" مياه البركة الراكضة أكثر من عقد من الزمن، لعل وعسى تتم تنقيتها وتصفيتها من الشوائب، ولم لا يراجع القيّمون على شؤون موروث تراثنا الثقافي الشعبي المتعلق بالفروسية التقليدية، سواء بأجهزة الجامعة الملكية المغربية لفنون التبوريدة أو بوزارة الثقافة والشباب، وقطاعات أخرى ذات الصلة، (يراجعون) قرار توقيف ومنع مشاركة فارسات بلادي وحرمانهن من المساهمة في إبراز قوة وشهامة وجمالية التبوريدة بصيغة المؤنث في محارك الخيل والبارود بإقصائيات دار السلام منذ ما يقارب 12 سنة.

فما هي الأسباب المعروفة والمجهولة؟ وماذا حدث؟ ومن قرر توقيف نساء المغرب "اَلْبَّارْدِيَّاتْ" من المنافسات؟ وهل يعقل أن يتم بثر (إعدام) نصف المجتمع وتهميشه من دائرة تحصين وتثمين تراث التبوريدة؟ وما هي وصفة المسؤولين في الجامعة لمعالجة هذا المشكل الذي طال واستطال؟ ومتى يتم رد الاعتبار للفارسات "اَلْبَّارْدِيَّاتْ" المغربيات اللواتي سجلن أروع الملاحم في محارك المواسم والمهرجانات؟ ومتي أيضا سيتم وإغلاق ملف المنع بالشكل ألأنسب والأليق، وعودتهن لخلق الفرجة والفرح وإسعاد جمهور دار السلام وصالون الفرس؟ وهل يستقيم قرار منع "اَلْبَّارْدِيَّاتْ" من المشاركة في دار السلام والسماح لهن بتقديم عروض التبوريدة بالمواسم والمهرجانات الوطنية؟.

من المعلوم أن انخراط سَرْبَاتْ العنصر النسوي في منافسات التبوريدة بدار السلام كان قد انطلق سنة 2003، ودام حضور "اَلْبَّارْدِيَّاتْ" سبع سنوات حققت من خلالها المرأة الفارسة حضورا جميلا ومتميزا بدار السلام إلى أن وقع المنع سنة 2010، بدون أن يصدر أي توضيح أو بلاغ رسمي في الموضوع... لكن طال الانتظار؟

 في اعتقادنا أن الترافع عن مطلب عودة فارسات التبوريدة لدار السلام ومشاركتهن في صالون الفرس تمليه عدة متغيرات فرضت نفسها على كل القطاعات ذات الصلة بالهوية والتراث والثقافة والفنون الشعبية في سياق الديبلوماسية الموازية، خصوصا بعد أن تم الاعتراف بفن التبوريدة المغربية كمكون ضمن قائمة التراث الإنساني الكوني من طرف منظمة اليونيسكو.

في هذا السياق استضافت جريدة "أنفاس بريس" اَلْعَلَّامَةْ/ لَمْقَدْمَةْ أمال أحمري ابنة مدينة القنيطرة، التي ترتبط ذاكرتها منذ نعومة أظافرها بدار السلام بالرباط، بذكريات جميلة تستحضرها بحنين وعشق كلما هَلَّ (موسم) وقت إقصائيات ومنافسات "فَنْ التّْبَوْرِيدَةْ" على جائزة الحسن الثاني وكذا جائزة محمد السادس بصالون الفرس، على اعتبار أن التبوريدة بصيغة المؤنث كانت "تسير بخطى حثيثة نحو التميز والتألق والعطاء والمثابرة رغم الإكراهات والصعوبات الموضوعية والذاتية، إلى حين صدمة توقيف سُرَبْ الفارسات من المشاركة في الإقصائيات سنة 2010 ". حسب قول ضيفة الجريدة

امتطت لَمْقَدْمَةْ أمال أحمري صهوة الحصان في سن مبكرة من طفولتها وعشقت ركوب الخيل حد الثمالة، وتحققت إرادتها في الولوج لفضاء دار السلام في البداية ضمن العديد من الفارسات اللواتي يستحضرن اليوم لَمْقَدْمَةْ أبو الليث الزاهية ممثلة منطقة دكالة (بسيدي بنور) ولَمْقَدْمَةْ إسمهان حمو الحاج (الخميسات)، وجهاد بن أبيه (لفقيه بن صالح)، وصوفيا بلوق (تمارة)، وهدى بوسونة (دكالة)، وحليمة البحراوي (المحمدية)، وبشرى نباتة (الرباط)، وميلودة الراجي (بن سليمان)، وكلثوم حمو الحاج (لخميسات)...

لقد كانت قيم الإخلاص والوفاء والتلقائية والاحترام تسود بين الفارسات ورئيسات كتائبهن: "كلما ذُكِرَتْ كلمة دار السلام إلا وهزني رفقة زميلاتي الشوق والحنين لذكريات جميلة رافقتنا خلال المنافسات رغم صغر سننا. أما اليوم بعد هذا التهميش والإقصاء غير المستساغ، فحقيقة نشعر بالظلم والحكرة. وأجدد طرح سؤال لماذا تم توقيف سُرَبْ فارسات الوطن من المنافسات بدار السلام؟ ومن يتحمل مسؤولية تصحيح هذا الخطأ ورد الاعتبار للفارسات المغربيات". تسأل أمال أحمري

بالنسبة للمقدمة أمال أحمري فسنة 2008 ستظل محطة راسخة في ذهنها رفقة أسرتها بعد أن حصلت على الميدالية الذهبية حيث أكدت أن لحظة الفوز لا يمكن مقارنتها إلا بلحظة ولادة جديدة: "كانت الفرحة عارمة. لا تتصور حجم السعادة ونحن نعيش أجواء تسليم الميدالية الذهبية تحت أنظار الرأي العام الوطني، ونتوج كفارسات بطلات المغرب حافظن على تراثهن، وعشقن خيولهن، وأبدعن في الحفاظ على الطقوس والعادات والتقاليد والقيم المرتبطة بفن التبوريدة...إنها قمة السعادة في حضرة دار السلام التي تتميز بطابعها الخاص والمتفرد على مستوى التنظيم والاستقبال..".

وعن سؤال للجريدة قالت أمال أحمري: "بصراحة كل الفارسات (اَلْبَّارْدِيَّاتْ) اشتقن لدار السلام ولأجواء الخيل والبارود، خصوصا الفارسات اللواتي لم تتح لهن الفرصة للمشاركة في المنافسات، بحيث أننا نناقش الأمر كل حين خلال تواصلنا على منصات مواقع التواصل الاجتماعي (مجموعة واتساب)، ونطرح أسئلة كثيرة عن مصير التبوريدة بصيغة المؤنث؟ ونتبادل الآراء في الموضوع ونحاول البحث عن أنجع الوسائل والطرق لإسماع صوة المرأة/الفارسة التي تم اقصائها وتهميشها في زمن التغني بمقاربة النوع والمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق...".

في حديث لَمْقَدْمَةْ أمال أحمري هناك إحساس بالغبن وشعور بالحزن مثلها مثل سائر "اَلْبَّارْدِيَّاتْ" المغربيات اللواتي يشعرن بالظلم، حيث يتطلعن ويحلمن بالعودة إلى دار السلام والتنافس على جائزة الحسن الثاني لذلك قالت أمال أحمري "الفارسات يحلمن برفع المنع عن مشاركتهن بدار السلام. لا فرق بين الفرسان الرجال والفارسات النساء، الجميع يملك الخيول، وكلنا نتوفر على مستلزمات فنون التبوريدة، (سلاح، مكحلة، سيف وسكين ودليل وتماك وألبسة..)... لقد عملنا بمجهوداتنا الخاصة على ترسيخ ثقافة الخيل والبارود في أوساط الفتيات والنساء من خلال الممارسة والاحتكاك مع أقوى سَرْبَاتْ الرجال/الفرسان بالعديد من المواسم والمهرجانات وكنا في المستوى المطلوب، وحققنا أهداف حماية التراث وتحصينه وتعليمه للأجيال..".

يتبع