Sunday 7 September 2025
خارج الحدود

مراهقون جزائريون يصلون إلى إيبيزا بقارب مسروق انطلاقًا من العاصمة

مراهقون جزائريون يصلون إلى إيبيزا بقارب مسروق انطلاقًا من العاصمة المراهقون الجزائريون الثمانية

في حادثة أثارت جدلًا واسعًا، تمكّن ثمانية مراهقين جزائريين من الوصول إلى جزيرة إيبيزا الإسبانية على متن قارب صغير تمت سرقته من ميناء تامنفوست (لابيروز) بالجزائر العاصمة، وفق ما كشفت عنه مصادر إعلامية إسبانية وناشطون على مواقع التواصل.

وأكد الناشط الإسباني فرانسيسكو خوسي كليمنتي، المعروف بتتبعه لحالات الهجرة غير النظامية، وصول المجموعة إلى سواحل جزر البليار، مشيرًا إلى أن أعمار المراهقين تتراوح بين 14 و17 عامًا، كما نشر صورًا للقارب ومعلومات حول تفاصيل الرحلة.

لاحقًا، تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر لحظة مغادرة القارب وانطلاق الرحلة من الجزائر، إضافة إلى مشاهد توثق الوصول إلى إيبيزا. وظهر في التسجيلات المراهقون وهم يرددون أغاني جماهيرية شهيرة تتضمن رسائل احتجاج على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.

وقال أحدهم في مقطع مصوّر: "انطلقنا من لابيروز. استخدمنا تطبيقًا يحدد المسار، وكان المحرك يتعطل بشكل متكرر لكننا تمكّنا من إصلاحه. كنا نملأ الوقود باستخدام دراجاتنا النارية". وأضاف: "ما دفعنا إلى الهروب هو الميزيرية"، في إشارة إلى ضيق العيش.

جدل حول الدوافع والتأثيرات

الحادثة فتحت باب التساؤلات حول أسباب إقدام هؤلاء القُصّر على مثل هذه الخطوة، وسط تباين الآراء بين من اعتبرها تعبيرًا عن أزمة اجتماعية حادّة، ومن رأى أنها نتيجة لتأثير محتويات وسائل التواصل الاجتماعي.

وكتب الناشط مصطفى بونيف، الذي قال إنه يعرف بعض أفراد المجموعة، إنهم "مجرد تلاميذ في المرحلة الثانوية" تأثروا بموجة من الفيديوهات على تطبيق "تيك توك"، والتي، حسب تعبيره، "تُروّج لبطولات وهمية للحراقة ومغامراتهم في البحر وأوروبا"، محمّلًا المنصة مسؤولية هذا النوع من السلوك.

على مواقع التواصل، تنوّعت التعليقات بين من أدان سرقة القارب والمغامرة بحياة الأطفال، وبين من اعتبرها مؤشرًا على انسداد الأفق أمام جيل بأكمله. وكتب أحد المستخدمين: "لم يسرقوا فقط قاربًا.. بل حاولوا الهرب من مستقبل مسروق أصلًا".

أبعاد أوسع ومؤشرات مقلقة

الحادثة تأتي في ظل تصاعد ظاهرة الهجرة غير النظامية من الجزائر، وخصوصًا عبر ما يُعرف بـ"الطريق الجزائري" نحو إسبانيا. وسبق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن أشار، في خطاب ألقاه قبل أيام خلال افتتاح معرض التجارة البينية الإفريقية، إلى أن "معالجة ملف الهجرة تمرّ عبر خلق فرص عمل حقيقية للشباب في إفريقيا".

وفي سياق متصل، حذّرت منظمة "كامنندو فرونتيراس" الإسبانية في تقريرها الأخير من ارتفاع أعداد الضحايا على الطريق البحري الرابط بين الجزائر والسواحل الشرقية لإسبانيا، حيث تم تسجيل 517 وفاة في عام 2024، بزيادة قدرها 19% عن العام السابق. كما صنّف التقرير هذا المسار كثاني أخطر طريق بعد طريق المحيط الأطلسي المؤدي إلى جزر الكناري، الذي شهد وفاة ما يقرب من 10 آلاف شخص خلال الفترة نفسها.

وتشير المنظمة إلى أن 40% من المهاجرين عبر هذا الطريق لم يعودوا فقط من الجزائر، بل من دول الساحل الإفريقي، وغرب وشرق إفريقيا، إضافة إلى مهاجرين من دول مثل سوريا وفلسطين واليمن.

تساؤلات للسلطات

مع اتساع رقعة الظاهرة لتشمل فئات عمرية غير معتادة كالأطفال والنساء، تتعالى الدعوات لتقييم شامل للسياسات الاجتماعية والاقتصادية، والبحث في أسباب الانجراف نحو الهجرة في سن مبكرة، خصوصًا عندما تصبح "اللعبة الخطرة" وسيلة للهروب من واقع متأزم.