الأحد 24 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

عصام خايف الله: الشباب كسفراء للتنمية المواطنة

عصام خايف الله: الشباب كسفراء للتنمية المواطنة عصام خايف الله
شكل الشباب على مر العصور فئة هامة تقوم بدور حيوي في حركية المجتمعات، وهي تعدّ مرآة تعكس الواقع الاجتماعي الذي تعيش فيه ومقياساً يحدد درجة تطوره أو تخلفه.
فالشباب إذن، في قلب المجتمع إذ يمثل رصيده الحي والمتجدد الذي يضمن استمراره وتواصله، وهو الطاقة البشرية والتنموية التي تحرك دواليبه ومؤسساته، وهو من هذا المنطلق يطرح استحقاقات وإشكاليات وتحديات يتعين إدراكها والسعي إلى العمل على ضوئها في كل ما تضعه الدول من برامج ومخططات للحاضر وللمستقبل.
فإشكالية الشباب في زمننا الذي نعيشه أصبح يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى عدة اعتبارات.
الاعتبار الأول: هو أن هذه الفئة العمرية تمثل أغلبية الساكنة بالنسبة للعديد من الدول، وبالأخص الدول العالم الثالث.
الاعتبار الثاني : هو أنه مع أغناء الأغنياء وإفقار الفقراء في هذا العالم المتغير، نجد أن هاته الفئة تعرضت للتهميش والجهل والبطالة وانعدام التغطية الصحية والاجتماعية، بالإضافة إلى ظاهرة العزوف عن السياسة بالنظر إلى أسباب تبدوا منطقية في أحيان كثيرة ( تردي المشهد الحزبي والسياسي ….) دون أن ننسى ظواهر تشكل حلقة ربط بين العديد من الدول مثل ظاهرة الهجرة السرية التي أصبحت تطال شباب خصوصا القاصرين، كل هذا أدى إلى كوارث لهذه الفئة لا تحمد عقباها.
الاعتبار الثالث : وهو نتيجة للاعتبارين السابقين . حيث أنه مع تعقد المجتمع وظواهره. أصبحت العديد من الدول والمنظمات الدولية تنادي بالاهتمام بهذه الفئة العمرية وإدماجها عبر مقاربات عديدة. الشباب والتنمية، الشباب والأمن الاقتصادي، الشباب والمواطنة. كل هذا زاد من أهمية الموضوع وجعلنا أمام معالجات تتخذ زوايا مختلفة.
وإذا كانت قضايا الشباب متعددة ومتنوعة، فإن مسألة الشباب والمواطنة: أصبحت موضوع الساعة اليوم وأكثر من أي وقت مضى
عندما نطرح السؤال، حول علاقة الشباب بقيم المواطنة. ما نقصد بالشباب؟ ماذا نريد بهذا المفهوم وهذا العنوان؟ هل نريد معرفة التوجهات، المرجعيات المتداولة بين الشباب، تمثلات الشباب لقيم المواطنة…. الشباب والتنمية:
ما هي علاقة الشباب بالتنمية؟ وهل مقاربات التنمية اليوم تأخذ بعين الاعتبار هاته الفئة؟
وتشير الإحصائيات المنجزة بمدينة مكناس من طرف هيئات مدنية إلى أن 4,13٪ من الشباب المستجوب يرون أن أفضل طريقة للمشاركة في الحياة العامة هي المشاركة المدنية والسياسية؛ في حين يرى 11,9٪ أن أفضل طريقة لذلك هي الانخراط في الجمعيات وبشكل اقل الاحزاب.
والواقع أن دراسة أوضاع الشباب والظواهر المنبثقة عنها، تتطلب التأكيد على أهمية أن نأخذ بعين الاعتبار مفهوم التحول الاجتماعي كإطار عام يوجه الفهم والتحليل واستنباط التصورات والحلول العلمية، فالمجتمعات تتحرك وتنمو وتتطور، وهي عرضة للتغير المستمر، فكل مرحلة تحمل معها مستجدات أخرى.
ــ يعيش شاب اليوم في عالم مفتوح، فهو لا يوجد فقط في بلده بل إنه متصل بالعالم ( مواقع التواصل الاجتماعي) على امتداده وبالتالي فهو عرضة للتأثيرات المختلفة؛
ــ تنوع مصادر المعرفة والإعلام والتثقيف وبالتالي لم تعد العائلة والمدرسة تحتكران هذه الوظائف، ومن ثمة تضاءل دورهما في الضبط الاجتماعي.
ــ تزايد تأثير منظومة الحقوق الأساسية للإنسان، وانتشار ثقافتها، فأصبحنا اليوم نتحدث عن مجلة حقوق الطفل والشباب، وأحدثت المكاسب في مجال حقوق المرأة وحضورها في المجتمع تطوراً في العقليات والعلاقات.
ــ تطور أساليب التعليم من أساليب التلقين إلى أساليب أقل ضبطا وتوجيها، وبالتالي حصل تحوّل في صورة المعلم ووظيفته وتأثيره.
ــ التحول الذي تشهده المؤسسات الاجتماعية الأساسية وبخاصة العائلة، التي تحولت من ممتدة إلى نووية. وما انجر عن ضغوطات الحياة العصرية من تأثيرات جديدة.
ــ التحول في مجال العمران والتحضر وظهور أنماط جديدة في تنظيم الفضاء السكني، وبخاصة البناء العمودي والجماعي الذي أنتج علاقات تتجه نحو الفردانية.
ــ تنوع الاختيارات والمرجعيات في حياة الشباب، واتساع نفوذ وسائط الإشهار وصناعة الرغبات التي أنتجت سلطة جديدة توجه عقليات الشباب وتطرح بدائل ومثل وقدوات جديدة.
ــ على ضوء هذه العناصر، يمكن لنا أن نتبين ملامح المشاركة الشبابية في مجتمعاتنا على النحو التالي:
فقد أفرزت الدراسة الميدانية محليا أن 10٪ فقط من المستجوبين يرتادون الجمعيات الشبابية، وأن 90٪ لا ينتمون لأي حركة سياسية. خلاصة القول ان الدراسات المنجزة تأكد أن ''الشباب يعيشون حالة من الاغتراب، وتسيطر عليهم نظرة متشائمة إلى عملية المشاركة السياسية فهم ينقصهم الثقة في قيمة العملية الانتخابية، ويفتقدون المثل الأعلى أو القدوة التي يحتذى بها، ويمكنها تغيير تلك النظرة، ويزيد دور الإعلام من تعميق هذه الحالة من فقدان الثقة وغياب الحماس... وهو ما يفسر عدم إقبالهم على الانتماء إلى أي حزب سياسي وعزوفهم عن المشاركة بمختلف صورها ترشيحاً وتصويتا، وهو ما يذهب المحللون إلى وصفه بالانسحاب شبه الكامل من الساحة السياسية.
إنها ظاهرة عامة تدعو إلى التفكير خصوصاً في ضوء الاختلال في معادلة ''العرض والطلب'' في السياسات الشبابية في مجتمعاتنا.
إن الشباب والتنمية ليس مجرد إدماج لفظي وتداولي حيث أننا نجد أن الجمعيات التنموية تتبنى قضية الشباب وكذلك الشأن بالنسبة للدولة والأحزاب، لكن هذا التبني المجرد الذي هو عبارة عن شعارات رنانة لا تخدم الفئة أو هذا الرأسمال البشري والذي يعاني من أبشع أنواع التعطيل والتهميش... إن التنمية الحقيقية لا يمكن تحقيقها إلا بإرادة حقيقية تحمل في طياتها ثقافة المشاركة والإدماج بدل الإقصاء والاستبعاد.