الثلاثاء 16 إبريل 2024
منبر أنفاس

عبد الإله شفيشو: من وراء القضبان.. قوة التحكم في الذات  من قوة الفكر

عبد الإله شفيشو: من وراء القضبان.. قوة التحكم في الذات  من قوة الفكر عبد الإله شفيشو

تقول إحدى الحكم في الفلسفة الهندية القديمة: "أنت اليوم حيث أتتك أفكارك وستكون غدا حيث تأخذك أفكارك".

 

الفكر/ الفكرة ليس لها حدود ولا تتأثر بالوقت ولا بالمسافات ولا بالأمكنة فما وصلت إليه البشرية اليوم بسبب أفكار الأمس و ما ستصل إليه غدا هو بسبب أفكار اليوم يقول الفيلسوف اليوناني سقراط في هذا الصدد: "بالفكر يستطيع الإنسان أن يجعل عالمه من الورود أو من الشوك"، فكل شيء في الحياة يتكون من استراتيجيات/ أفكار محددة يستخدمها الإنسان في حياته اليومية بمعنى أن أي فكرة تفكر فيها يأخذها العقل و يسير في اتجاهها ويبحث في مخازن الذاكرة عن كل ما يساعده ويدعمه .

 

إن العقل والجسد يؤثر كل منهما على الآخر فما تفكر فيه وتقوله لنفسك يأخذه العقل ويفتح الملف الخاص به بما في ذلك تحركات الجسم و تعبيرات الوجه الخاصة فيشعر الشخص بجسده يتأثر بسبب الفكرة، هنا أتذكر حادثة حدثت معي رفقة أحد الأشخاص (X) ونحن في رحلة إلى إحدى المدن المغربية ونحن في الطريق أشعرته بخطورة هذا الطريق الذي نسلكه رغم جمالية طبيعته نظرا لحوادث السير المميتة التي تقع به فمع كل كلمة كنت أتفوه بها كان مرافقي ينطق بالشهادة ويستغفر ربه وبدأت أحاسيسه تتصاعد أكثر من الخوف وكأنه في حلقة من حلقات الكاميرا الخفية وقد حاولت أكثر من مرة لدفع صديقي للنوم فكان يوافق على الفكرة إلا أنه لم يستطيع فتركيزه أصبح سلبي، إنها قوة الأفكار وكيف أنها تؤثر على الأحاسيس فالأفكار من صنع الإنسان وأن العالم الخارجي لا يستطيع أن يؤثر في أي إنسان بدون إذنه الشخصي .

 

من الممكن أن يكون الإنسان واثقا من نفسه في شيء معين، ولكنه يعاني تحديا في حياته يجعله يعتقد أنه فاشل من هنا تكون الأفكار الإيجابية هي من تساعد على بناء الثقة في النفس، مما يؤدي إلى الفعل الإيجابي الذي يساعد بدوره على التقدم، نرى العالم اليوم يجري بسرعة لم تكن من قبل فكل شيء يتحرك بسرعة حتى الأكلات صارت سريعة مما سبب للمجتمعات عدم الاتزان وكأن تلك المجتمعات في سباق البقاء مع الزمان وهذا لا يعني أن السرعة غير مفيدة للمجتمعات لكنها عامل أساسي في القلق والخوف والتوتر التي تؤثر تأثيرا كبيرا على الحالة النفسية .

 

إن العقل و الجسد يكمل كل منهما الآخر فأكثر الأمراض العضوية يرجع سببها إلى الفكر أو ما يسمى (سيكو-سوماتيكPsycho-Somatic ) فما يفكر فيه العقل يؤثر على كافة أعضاء الجسم الداخلية من زيادة ضربات القلب وارتفاع أو انخفاض درجة حرارة الجسم وطريقة التنفس وأيضا الأعضاء الخارجية من تعبيرات الوجه وتحركات الجسم وهو ما يطلق عليه بالتحدث السلبي مع الذات، وهنالك أمثلة يعيشها الإنسان في حياته اليومية والتي تثبت أن الفكر لا يعرف المسافات فيمكن مثلا للإنسان أن يسافر بأفكاره إلى أي مكان في الكون بسرعة لم تخطر له على بال فكل ما عليه أن يفعله هو أن يفكر في المكان وأفكاره ستأخذه إلى هنالك من أسرع من لمح البصر.

 

هناك حقيقة ثابتة وهي أنه لا يوجد أحد على وجه الأرض في امكانه أن يجعلك تشعر بأنك أقل منه بدون إذنك الشخصي فالعالم الخارجي لا يؤثر في الإنسان ولكنه يظهر ما بداخله فكل إنسان مسؤول عن عقله وعن نتائجه فهو من يقرر وجهة نظره وأحاسيسه وسلوكياته، إن قانون السبب والنتيجة يعمل في كل الأحوال وفي أي مكان ومع أي إنسان مهما اختلفت خلفيته وقيمه ومعتقداته فهذا القانون يعمل إيجابا أو سلبا فأي شيء يفكر فيه الإنسان سيصبح واقعا بالنسبة له ولن يتغير هذا الواقع إلا إذا تغيرت الفكرة الأساسية فمثلا إدراك إنسان ما لشيء معين لا يعني أن إدراك لكل الناس فهذه الاختلافات في الإدراك والمعنى يجعل ذلك الإنسان يعتقد أن واقعه مقبول من الجميع ولذلك توجد تحديات في الاتصال مع الآخرين .

 

عبد الإله شفيشو، السجن المحلي شفشاون