ما حصل معي ليس حلما بل هو واقع بالغت في إخفائه فأنا لم أختر دخول السجن عن طواعية فندائي/ تدوينتي الصادقة بخطورة فيروس كورونا Corona Virus (أيها الشعب، إن وعد كورونا حق...) لم تلقى استجابة عند بعضهم إما لأنهم سمعوا بها ولم يقرؤوها وإن قرؤوها أركنوها رفوفهم مع العلم أن ما كتبته في تدوينتي هو أنني رأيته ذات قيمة وليس بمشكلة، فقد قيل لي إن الظروف التي تعيشها بلادنا في محاربة الجائحة تفرض وحدة وطنية، إجماع وعلى الشعب تحمل التضحيات، فما كان ردي عليهم هو أن لا أحد يجادل في ذلك لكن حرية الرأي و التعبير شرط لازم لإغناء الحياة وإذكاء روح المواطنة، فهذه اللحظة من تاريخ العالم بصفة عامة وبلادنا بصفة خاصة وبما تحبل به من تحديات هي في أمس الحاجة لإسماع صوت المبدعين والمفكرين والفلاسفة حتى لا تظل مصائر الشعب في قبضة بعض الأمنيين وعدد محدود من الساسة المستفيدين من اقتصاد الريع.
كل هذا حدث معي، وهم يريدونني أن أنشغل بعالم الرومانسيك، وأنا أرى موطني مقبل على كارثة مهولة آتية... آتية؛ فحين أعلنت عن رأيي هذا رأى الطرف الآخر ما يسوؤهم فيه فأوزعوا إلى من يحملني بعيدا، وأذكر أني كنت أحمل نبوءة/ تدوينة صادقة، وأنا أرفع عبرها صوتي عاليا محذرا من فيروس كورونا Corona Virus ومن يحمل مثل هذه النبوءات/ التدوينات لا يموت، وما الحجر الصحي وحالة الطوارئ الذي نهجته الدولة المغربية كخطوة استباقية لمحاصرة هذه الجائحة دليل على صدقها: (ما يحك لك غير ظفرك، ما يبكي لك غير شفرك).
مرحلة يصعب علي فيها قراءة السيل من المستجدات التي لم يعد الانسان وحده من يصنعها، بل دخلت أطراف أخرى في صنع مجراها وعلى رأسها الفيروسات Les Virus التي لم يكشف سرها حتى الآن، فقيم التعايش الخلاق بين جميع مكونات الكرة الأرضية المحكوم عليها بالتعاون في نطاق ما يسمى بالوحدة الدولية، الكون قرية واحدة... تلك القيم والمبادئ بدأت تتآكل وتسقط عنها الأقنعة مع اجتياح فيروس كورنا Corona Virus لهذا الكون، فهذا الفيروس في سيرورته أفضح أسراره وأسرارنا وأسرار غيرنا، فبوادر الخلاف بدأت تلقي بظلالها مباشرة بعد أن بدأ هذا الفيروس يجتاح العالم خاصة القارة العجوز التي سيتسرب فيها الخلاف تسر السم في الأحشاء نتيجة منحاها الذاتي في تصديها للجائحة.
على الرغم من مظاهر التمدن والتحضر البادية على الغرب خاصة في توفير سبل العلاج المختلفة فما تزال عقدة "الأنا" تقتل وتترك ندوبها البارزة هذا من جهة، ومن جهة أخرى مسألة الكراهية والعنصرية الحاقدة الواردة عند أغلب الأوربيين في مسلكياتهم وتصريحاتهم مع الآخر (تصريحات الطبيب الفرنسي) نموذجا، فلم تعد تحايلات بعض من هذه الدول تجدي عندما يحاولون تبرير عجزهم وفشلهم عبر اللجوء إلى اتهام مؤسسات بعينها بالتآمر والتواطؤ (منظمة الصحة العالمية)، فلن يبدو نشازا أن تنعت هذه المواقف بأوصاف عديدة في مقدمتها أنها مزعجة بل انتقامية؛ وأخشى أن يكون هذا الاستنتاج غير موفق بما يكفي وأن لا يكون يؤدي إلى الانغلاق على الجنس الواحد فهذه نظرة فيها ظلم للتاريخ وللإنسانية التي تطمح للاتفاق بدل الانغلاق لمواجهة المستجدات والعوائق المتربصة بالشعوب...