أتى الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين للمسيرة الخضراء، في ظل أجواء ومتغيرات دولية متسمة بعدد من التحديات والإكراهات، وسياق خارجي بالنسبة لبلادنا مشحون بخطابات ومواقف تنم عن حقد دفين وكراهية واضحة من طرف جهات معروفة بعدائها المستمر للوحدة الترابية، من خلال التشويش على الدينامية الإيجابية للمغرب بخصوص قضيته الترابية من جهة، ومن جهة أخرى عدم تحمل هذه الجهات الخطوات المهمة والأشواط المتقدمة التنموية التي شهدها المغرب.
لذلك، فالخطاب الملكي اليوم، يجسد استمرارية الرغبة الملكية الأكيدة لوضع حد نهائي لنزاع إقليمي مفتعل، من خلال توجهيه العديد من الرسائل لمن يهمهم الأمر. بحيث أكد من جديد بما لا يدع مجالا للشك على الحقيقة الثابتة والراسخة لمغربية الصحراء، وذلك لاعتبارت تاريخية وشرعية، معززة باعتراف دولي واسع وواقعي وملموس، يفسره افتتاح أزيد من 24 دولة، قنصلياتها في مدننا الجنوبية.
والخطاب كان مناسبة أيضا سانحة لجلالة الملك لتأكيد الاعتزاز بالقرار السيادي، للولايات المتحدة الأمريكية، لاعترافها بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه، وهو الاعتراف الذي اعتبره جلالة الملك أنه أمر طبيعي، يأتي في إطار الدعم المتواصل للإدارات الأمريكية السابقة والدور المحوري الذي لعبته من أجل تسوية ملف الصحراء المغربية.
وقد تضمن الخطاب إشارات واضحة لشركاء المغرب، من أجل اتخاذ قرارات مواقف جريئة وواضحة بخصوص قضيتنا الوطنية، لأنه من شأنها المساهمة في دعم المسار السياسي والجهود المبذولة للتوصل لحل نهائي وسلمي لهذا النزاع الإقليمي المتفعل.
كما حمل الخطاب رسائل هامة متعلقة بضرورة الالتزام بالمرجعيات، التي أكدتها قرارات مجلس الأمن، منذ 2007 واللقاءات المنعقدة بجنيف برعاية الأمم المتحدة.
وكان الخطاب فرصة أيضا حتى للأطراف المعروفة بمواقفها الغامضة أو المزدوجة، لقطع الطريق أمامها بخصوص أي علاقات عمل في المجالين الاقتصادي والتجاري بمعزل ملف وحدتنا الترابية. وهنا تظهر الرغبة الملكية القوية والراسخة في وضع حد لهذا النزاع المفتعل.
- عبد السلام لعريفي، باحث في القانون العام، جامعة محمد الخامس الرباط