في عملية اعتبرها المتتبعون متهورة وطائشة أقدمت الجزائر على إعلان قطع علاقاتها الديبلوماسية مع المغرب.. "أنفاس بريس" اتصلت بأستاذ القانون والعلاقات الدوليين بكلية الحقوق جامعة ابن زهر محمد لكريني، واستفسرته عن رأيه حول تداعيات هذا القرار، وهل يشكل رد فعل منفعل من حكام المرادية تجاه محاولات التقارب الأخيرة بين المغرب وإسبانيا؛ فأعد الخبير في العلاقات الدولية الورقة التالية:
"أعتقد أن النظام الجزائري، عبر وزير خارجيته لعمامرة، أكد أسبابا واهية لتبرير قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، خصوصا وأن هذا الأخير كان يمد يده للعون من أجل تجاوز الخلافات الثنائية والقطع مع الماضي لتحقيق الازدهار والتقدم للشعبين الشقيقين.. ولكن للأسف فالجزائر لم ترد بشكل إيجابي على كل المبادرات المغربية.. وفي هذا الصدد أكد الملك محمد السادس أكثر من مرة على ضرورة التعاون وطي صفحات الماضي لتطوير العلاقات بين البلدين في مجالات عدة أو على الأقل في المجالات ذات الاهتمام المشترك. إذ سبق وأن بعث الملك محمد السادس في 13 يوليوز 2007 برسالة إلى الرئيس الجزائري دعاه فيها إلى: "تعزيز التعاون الثنائي بينهما" لمكافحة الإرهاب في المنطقة، حيث اعتبر أن "أمان واستقرار الجارة الجزائر التي نحرص على أن تجمعنا معها علاقات حسن الجوار الدائم، يمثلان جزءا لا يتجزأ من استقرار المغرب". وفي المرة الثانية حينما ألقى أيضا الملك محمد السادس خطابا بتاريخ 6 نونبر 2018 دعا فيه إلى إحداث لجنة مشتركة لدراسة جميع القضايا المطروحة بشكل واقعي دون شروط أو استثناءات، حيث كان المغرب في أغلب الأحيان سباقا ومبادرا لحل كل المشاكل التي تعرقل وتهدد كيان البلدين وباقي الدول المغاربية الأخرى؛ بينما كانت الجزائر تقابل المبادرات المغربية في أغلب الحالات باللامبالاة وعدم الاهتمام بطريقة أو بأخرى.
حاول المغرب في العديد من المرات تقريب وجهات النظر بين البلدين، حيث سبق وأن أكد الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 43 للمسيرة الخضراء بتاريخ 06 نونبر 2018 على أن المغرب مستعد للقيام بحوار مباشر وصريح مع الشقيقة الجزائر لتجاوز كل الخلافات الظرفية والموضوعية التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين، حيث اقترح آلية مشتركة للحوار لتجاوز المشاكل القائمة بين البلدين لكن دون إبداء أي رد فعل من شأنه أن يتجاوز التوتر القائم بين البلدين، علاوة على الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش بتاريخ 29 يوليوز 2019 الذي جاء في مضامينه: "نؤكد مجددا التزامنا الصادق، بنهج اليد الممدودة، تجاه أشقائنا في الجزائر، وفاء منا لروابط الأخوة والدين واللغة وحسن الجوار، التي تجمع، على الدوام، شعبينا الشقيقين، وهو ما تجسد مؤخرا، في مظاهر الحماس والتعاطف، التي عبر عنها المغاربة، ملكا وشعبا، بصدق وتلقائية، دعما للمنتخب الجزائري، خلال كأس إفريقيا للأمم بمصر الشقيقة؛ ومشاطرتهم للشعب الجزائري، مشاعر الفخر والاعتزاز، بالتتويج المستحق بها؛ وكأنه بمثابة فوز للمغرب أيضا".
كما نجد أيضا الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 22 لعيد العرش الملقى بتاريخ 31 يوليوز 2021 أشار إلى أهمية البناء المغاربي وضرورة فتح الحدود بين البلدين.. وتجاوز كل الخلافات لقائمة بين البلدين.
وبذلك فالمغرب يأخذ المبادرة بين الفينة والأخرى بهدف طي الخلافات القائمة بين البلدين عكس الجزائر التي لا تتعامل مع الموضوع بالجدية المطلوبة. فمن بين المداخل الأساسية لحل هذا النزاع أو على الأقل تليين المواقف بخصوص هذه القضية التي استنفذت ميزانيات كبيرة بالنسبة للطرفين هو البدء في التعاون في المجالات الأمنية والاقتصادية والتنموية..
اتهمت الجزائر المغرب بالقيام "بأعمال عدائية" عبر "الحرائق" التي وقعت مؤخرا في الجزائر، فضلا عن "تآمر المغرب وإسرائيل على الجزائر" من خلال برنامج التجسس بيغاسوس والدعم المغربي للقبائل عن حقها في تقرير مصيرها، وتناست الجزائر أنها دعّمت ومازالت تدعم جبهة البوليساريو في النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء ناهيك عن عدم احترام الجزائر لاتفاقية اتحاد المغرب العربي وبخاصة المادتين 14و15، لذلك فهذا القرار الذي صدر اليوم هو قرار سيزيد من تأزيم الوضع المأزوم أصلا بين البلدين من جميع النواحي.
إن الأسباب التي قدمتها الجزائر تبقى أسبابا غير مقنعة لإصدار موقف أعتبره غير محسوب العواقب، والذي ستكون تداعياته وخيمة على البلدين ومنه على المنطقة برمتها، فمحاولات التقارب الأخيرة بين المغرب وإسبانيا قد تكون سببا من الأسباب التي أزعجت النظام الجزائري، لكن في مقابل ذلك فالجزائر دائما تقابل المبادرات المغربية بالرفض قبل توتر العلاقات المغربية"...