الخميس 28 مارس 2024
سياسة

نشطاوي: جهات فرنسية تقف خلف اتهام المغرب بالتجسس، وهذه خلفيات ذلك

نشطاوي: جهات فرنسية تقف خلف اتهام المغرب بالتجسس، وهذه خلفيات ذلك محمد نشطاوي

يرى محمد نشطاوي، أستاذ القانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن المغرب أصبح في الآونة الأخيرة يعتبر حليفا مزعجا لعدد من الدول، على عدد من الأصعدة، بعد أن تحول إلى قوة إقليمية، واستطاع تطوير عدد من القطاعات خصوصا في البنيات التحتية.. وهو يفسر -حسب وجهة نظره- إطلاق شائعات تتعلق بالتجسس بمواجهته من طرف جهات فرنسية بغاية إشعال التوتر بين المغرب والجزائر، ودفع المغرب إلى مراجعة حساباته على الصعيد الاستراتيجي...

 

+ كيف تابعت الحملة التي تقف وراءها بعض وسائل الإعلام الفرنسية ضد المغرب بتهمة التجسس؟

- أولا لابد من الإشارة إلى أن المغرب أصبح في الآونة الأخيرة يعتبر حليفا مزعجا لعدد من الدول، على عدد من الأصعدة، فالمغرب أصبح قوة إقليمية، وهو ثاني أكبر مستثمر في إفريقيا، دولة استطاعت أن تخرج من جائحة كورونا بأقل عدد من الخسائر، استطاعت تطوير عدد من القطاعات خصوصا في البنيات التحتية (إنشاء موانئ الداخلة وطنجة والناظور، مشاريع الطاقة الشمسية، مشاريع الطاقة الريحية، القطار الفائق السرعة، العمل على تطوير الصناعة الداخلية بما يتلاءم مع الحفاظ على العملة الصعبة في إطار برنامج تصنيع الذي أطلقه الملك..) كما أن المغرب أصبح فاعلا على المستوى الجهوي والإقليمي في إطار المحادثات المتعلقة بمحاربة الإرهاب وبناء شراكات مع الصين ومع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بعيدا الشراكات التقليدية مع فرنسا وإسبانيا، واستطاع الخروج بأقل الخسائر في الأزمة مع إسبانيا، حيث أن الأزمة انتهت بتغيير الحكومة الإسبانية وإقالة وزيرة الخارجية، ودخل في صراع مع ألمانيا دون أدنى خسائر، وحقق مكاسب في ما يتعلق بملف الصحراء وضمنها الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء. كل هذا أصبح يزعج عدد من الأطراف.

وبالنسبة للمزاعم المتعلقة بالتجسس، فلا يمكن القبول بفكرة تجسس المغرب، في حين أن الملك محمد السادس هو من ثم التجسس عليه، وبالتالي لا يعقل استخدام المغرب لنظام تجسس وفي نفس الوقت يحدث التجسس على رأس الهرم السياسي. ولا أعتقد أن أحدا في المغرب له الجرأة للتجسس على الملك وعلى الأسرة العلوية، بل أكثر من ذلك إذا راجعنا عدد من الصحف الإسبانية وضمنها صحيفة "أوك دياريو"، حيث أكدت أن البرنامج الذي تم استخدامه للتجسس ليس برنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي، بل برنامج "دارك ماتر" الإماراتي وأن المخابرات الفرنسية هي التي تتزعم شبكة التجسس على الرئيس ماكرون وأيضا على المغرب والجزائر، وإحداث ضجة في هذه المنطقة المهمة بالنسبة للقارة الأوروبية وخلق أزمة، خصوصا بعد البلاغ الأخير للخارجية الجزائرية الذي يتهم المغرب مباشرة بالتجسس على عدد من الشخصيات الجزائرية، وبالتالي فكل هذا يعني خروج المخابرات الفرنسية منتصرة من هذه الأزمة، فهي تتجسس من جهة على الرئيس الفرنسي وعلى المغرب.. ومن جهة ثانية تطلق شائعات تشير إلى وقوف المغرب وراء هذه الحملة، وخلق الصراع بين المغرب والجزائر والاستفادة منه على كل الأصعدة... لذلك نجد أن بلاغ الخارجية المغربية يصر أن المغرب هو من ثم الاعتداء عليه، كما تؤكد ذلك عدد من الشخصيات الفرنسية، من جانب آخر فتأكيد قناة "فرانس 24" على أن المغرب هو الذي يقف خلف هذه الحملة يظهر أن هناك أيدي خفية، وربما فرنسية على وجه الخصوص والتي تحاول النيل من المغرب وإحداث الضجة وربما إشعال نزاع إقليمي بين المغرب والجزائر.

 

+ ما هي المكاسب التي ستجنيها القوى الخفية التي أشرت إليها من خلال إطلاق هذه الشائعات وإشعال نزاع إقليمي بين المغرب والجزائر؟

- المكاسب التي حققها المغرب في ملف الصحراء، والمكاسب المتعلقة بالتنمية المحلية، والمكاسب المتعلقة بتنويع حلفائه ودوره في القارة الإفريقية أصبح يزعج أكثر من فاعل، ويزعج على وجه الخصوص الجزائر التي تراجع دورها خصوصا أنها كانت هي الرائدة إلى حدود الثمانينيات في ما يتعلق بتنويع علاقاتها وقوتها داخل القارة الإفريقية. خلق مثل هذه الشائعات من شأنه أن يؤدي إلى نزاع مغربي-جزائري، ونحن نعلم أن الجزائر في ظل التراجع أصبح جنيرالاتها يترنحون ويحاولون البحث عن أبسط حجة من أجل خلق نزاع مع المغرب وتصدير أزمتهم الداخلية من خلال الادعاء أن المغرب هو الذي يتجسس وهو الذي يعترف بجمهورية القبايل، وهو الذي يعادي كل ما من شأنه أن يكون في صالح الجزائر، وأن يخلق نوع من البلبلة، ونوع نعلم الدور الذي لعبته القوى الاستعمارية في خلق الأزمات، وفرنسا ليست بمنأى عن هذا الأمر، والتقرير الذي صدر مؤخرا بشأن الحرب بين الهوتو والتوتسي يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن فرنسا كانت متورطة في هذه الحرب، وهي التي مولت الطرفين وخرجت بأقل الخسائر من خلال الاستفادة من بيع الأسلحة والحفاظ على مصالحها، وهناك من يشير إلى تورطها أيضا في ما جرى في تشاد، وفي ما يجري من عدد من الدول الإفريقية التي تحاول الخروج من عنق زجاجة السيطرة الفرنسية.

إذا لا أستبعد أن تكون أطراف داخل فرنسا هي التي تلعب بالنار وتحاول التأثير قدر الإمكان على الدور الذي أصبح يلعبه المغرب إقليميا، ولما لا إشعال فتيل النزاع بينه وبين الجزائر.

 

+ بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء حدثت ارتدادات على الصعيد الإقليمي والجهوي، وهو الأمر الذي يمكن رصده من خلال استقبال زعيم البوليساريو من طرف إسبانيا وما خلفه من أزمة، والآن طرح ملف التجسس ضد المغرب من طرف أطراف داخل فرنسا التي تعتبر طرف أساسي في هذا النزاع، فهل الأمر مرتبط بصراع لاعبين كبار من أجل التحكم في مسار القضية الوطنية؟

- ربما الخطأ الذي ارتكبه المغرب هو الانتصارات التي حققها سواء على الصعيد التنموي أو الاستراتيجي، وهذا ما قد لا تسمح به بعض الأطراف المتمكنة من السلطة في فرنسا، لأن المغرب أصبح يزعج، لذلك لابد من خلق هذه الأزمات حتى يعيد المغرب حساباته وحتى يعي جيدا أنه يمكن أن يتصرف، لكن في حدود وأن لا يخرج عن جبة المصالح الفرنسية، وهذا من شأنه أن يعيد حسابات المغرب، خصوصا وأن كل ما يتعلق بحقوق الإنسان أو الاستخبارات أو التجسس من شأنه أني خلق بلبلة للمغرب الذي يسير في طريق التنمية، ويسير في طريق حل مشكل الصحراء، ويسير أيضا في طريق الانتصار على الصراعات الثنائية بينه وبين الجزائر، في ظل توجهه إلى حلفاء آخرين وبيئات أخرى، بغض النظر عن اتحاد المغرب العربي الذي ولد ميتا في ظل إصرار الجزائر أن يظل مشكل الصحراء قائما بقوة في كل ما من شأنه أن يلطف الأجواء بينها وبين المغرب...