الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد المجيد مومر: علال الفاسي، بنكيران وأعمدة خدام الشعبوية

عبد المجيد مومر: علال الفاسي، بنكيران وأعمدة خدام الشعبوية

يأخذ صاحبنا المعلوم قلمه مسلحا بالتحليل الزائف ليكتب افتتاحية تمجيد للقوة الثانية المزعومة ثم يتيه بين صفحات "أخطار اليوم"، محاولا جعل أعمدتها لسان خدام الشعبوية. و حيث أن مقال الرأي أصبح يأخذ مقام "التوصيف"، فلابد من تذكير "أبو الصفرين" بمفارقته التوفيق حين توصيف الوضع السياسي الراهن بوجود قوتين فقط لا ثالث لهما: قوة الملك وقوة بنكيران، مع تجديد التنبيه إلى أن قوة دستور دولة المؤسسات تضمن العديد من الحلول القانونية القمينة بحل هذه الأزمة الراهنة بعيدا عن عقد النرجسية و الغرور المؤسسة لفقاعة طرح قوة بنكيران الثانية.

ما يثيرني في خواطر الخارج على التوفيق غفلته المتعمدة عن ذكر جميع حقائق واقعة الحسيمة التي -مثلما يعلمه الجميع- لم تستثن حزب العدالة والتنمية من وصف "الدكاكين السياسية"، مثلما لم نسمع عن مطالبة سكان الحسيمة بوساطة القائد الفاتح عبد الإله بنكيران. فكيف يستطيع صاحبنا المعلوم الاستمرار في نسج خيوط أساطير خدام الشعبوية؟! كيف يقفز على كل الحقائق المستخلصة من واقعة الحسيمة ليعمل على تهريب المسؤولية السياسية على بنكيران، رغم أن شرارة الأحداث انطلقت خلال ولايته كرئيس للحكومة وتطورت حدة التوتر خلال ولاية رئيس الحكومة الحالي سعد الدين العثماني؟! وما يجمع السيدين الرئيسين هو انتماؤهما لنفس التنظيم السياسي حزب العدالة والتنمية الذي يحاول "أبو الصفرين" توصيفه بالقوة الثانية التي تحاول اجتثات مفهوم التعددية الحزبية داخل المجتمع.

ومع هلامية خدام الشعبوية نسمع الحديث عن وجود قوتين؛ ونقف هنا عند طرح السؤال المهم: لماذا يستعين الطابور الإعلامي المطبل لبنكيران بما سبق أن خطب به السيد علال الفاسي في الخطاب الذي ألقاه "فقيه" حزب الاستقلال بطنجة سنة 1956؟!، ومما جاء فيه "ليس في المغرب من قوة إلا قوات ثلاث: أولا قوة حزب الاستقلال، وقوة جيش التحرير وثالثها قوة القصر، وإذا اعتبرنا جيش التحرير قوة من الحزب وإليه، كانت في المغرب قوتان لا ثالث لهما: قوة حزب الاستقلال وقوة القصر أو العرش)، (الأحزاب السياسية المغربية) لمؤلفه الدكتور محمد ضريف ص.85".

لماذا هذه الإيحاءات الرجعية التي تنهل من أفكار منظومة "الحزب الوحيد" والتي تساندها أقلام خدام الشعبوية نحو نشر البؤس السياسي ونظم الغزل في قوة "الفقيه الجديد" بنكيران؟!

يبدو أن العقدة التي تلازم الطابور الإعلامي لخدام الشعبوية، مرتبطة بإسقاطات عقدة انعدام مساهمة فكر "حسن البنا" الإخواني في دفع شبهة الارتباط بالمحتل البريطاني وخيانة النضال الوطني بمصر معقل الفكرة الأم. وحيث أن حسن البنا يجسد الأب الروحي لفكرة "الإسلام الحركي" أو التغيير بالوصول إلى السلطة، فغالبية التنظيمات المؤدلجة للإسلام في الوطن العربي، ومنها تجربة الإخوان المقلدون بالمغرب، تأثرت بحيلة التدين السياسي لتأمين وصول الحركة الى السلطة؛ ويكمن الاختلاف فقط في الشكل والمرونة المتعلقة بحجم التمكين السياسي الذي يراكمونه داخل المجتمع في انتظار التوقيت الاجتماعي المناسب.

وبالتالي فاللجوء إلى التحالف أو الاندماج داخل أحزاب الحركات الوطنية أو الاستعانة بالإرث السياسي لشخصيات وطنية "علال الفاسي نموذجا"، هي تكتيكات أو حيل يستطيع من خلالها خدام "الإخوان المقلدون" تحجيم نقطة ضعفهم وتمويه الشعب بامتداد تاريخي افتراضي يعود بهم للسلف المناضل من أجل التحرير، بعد أن احتكروا الحديث باسم سلف الدعوة الأول وجعلوا أنفسهم حراس ذاك المعبد.

من هذه الإطلالة ندرك أن الحديث عن وجود قوتين بالمغرب قوة الملك وقوة بنكيران، ينذر بكشف المزيد من المستور من أهدافهم السياسية المشبوهة، كما يدعو الجميع إلى عمق التمعن في قاموس ماضوية الصراع الذي تستعين به أقلام خدام الشعبوية لتوصيف الحاضر.. إنهم لا يملكون غير هذا الخطاب السفيه: خطاب تحريض الماضي على الحاضر !