الأحد 19 مايو 2024
مجتمع

محمد أوقسو: هذا ردي على رئيس نقابة الصيادلة بخصوص تعفن لحوم الأضاحي

 
 
محمد أوقسو: هذا ردي على رئيس نقابة الصيادلة بخصوص تعفن لحوم الأضاحي

بعد ما ورد في تصريح نسب إلى رئيس نقابة الصيادلة، والذي تطرق فيه لأسباب التعفن الذي طال لحوم بعض أضاحي العيد مؤخرا، ارتأيت، من موقعي كبيطري أستاذ التعليم العالي في العلوم البيولوجية والأدوية، أن أدلى بدلوي في هذا الأمر لتصحيح بعض المغالطات العلمية وأنبه إلى مخالفات لأخلاقية مهنة الصيدلة وردت في تصريح الزميل الصيدلاني. لكن قبل أن أتطرق لتبرير أقوالي هذه، أود أن أؤكد في البداية عدم وجود أي تضارب في المصالح بالنسبة لي في هذه المسألة، وإني أتوخى من وراء تدخلي فقط المساهمة في الحد من البلبلة التي خلقها بعض المتدخلين حول الأسباب المحتملة لتعفن لحوم الأضاحي.

1- المس بأخلاقيات المهنة: كما يعلم المتخصصون، فأخلاقيات المهنة وقوانين المنافسة تستوجب عدم ذكر الأسماء التجارية للمستحضرات الصيدلانية. لأن هذا يعتبر من جهة، دعاية، التي قد تكون مجانية أو قد تدخل صاحبها في دائرة تضارب المصالح. ومن جهة أخرى، وهي أخطر من السابقة، فذكر الأسماء التجارية للمستحضرات الصيدلانية قد توفر على المستعمل عبئ استشارة الطبيب، خصوصا إذا تعلق الأمر بمواد لا تحتاج إلى وصفة. وأصدقائي الصيدلانيون أدرى بشعاب هذه الأمور.

2- تصريحات تفتقر لأسس علمية: هنا يجب التذكير بمكونات المواد التي وردت في تصريح الزميل الصيدلاني قبل أن أتطرق لتصحيح المفاهيم من الناحية العلمية. فحبوب منع الحمل، قيل حبوب أي كينات وليست حقن أي شوكات، تتكون، حسب موقع  http://medicament.ma/  من مادتين فعالتين وهي من مشتقات البروجسترون والأستروجين (Lévonorgestrel | ethinylestradiol) بتركيز على التوالي 150 و30 ميكروجرام في الكينا (أي 150 و30 جزء من مليون جزء من الجرام أو من مليار جزء من الكيلوجرام). بالطبع، عندما تؤخذ هذه الكينة عن طريق الفم من طرف المرأة يتمخض عنها تركيزات دموية قادرة على منع الإباضة وبالتالي الحمل. إلا أن هذه المواد لها مضاعفات جانبية، والتي قد يهمنا منها خاصة ارتفاع الوزن، والذي مرده إلى زيادة شهية الأكل أحيانا، إلا أن السبب الحقيقي لهذه المضاعفة هو احتباس الماء في الجسم. استعمال الهرمونات للرفع من انتاجية الماشية أمر معروف وقانوني بعدد من الدول وممنوع في البعض الآخر، خصوصا تلك التي تشتكي الفائض في الإنتاج. إلا أنه فضلا عن أنه خاضع للمراقبة لضمان خلو المنتجات الغذائية من الأصل الحيواني من البقايا (اللحم والدوارة في هذه الحالة) عند عرضها للاستهلاك، فهي تحقن وتبقى فعالة لعدة شهور. كما أنها تحتوي على تركيز يصل الى 200 ملج من البرجسترون، أي أكثر من 1000 مرة تركيز حبوب منع الحمل المذكورة. وليست فعالة عن طريق الفم. وهنا مربط الفرس. فلنفترض أن الكساب (أو المهتم بالتسمين) أراد استعمال حبوب منع الحمل البشرية السالفة الذكر لتسمين اكباشه، فهل سيحصل على نتيجة؟ حتما لا. لأن وضع كمية 150 جزء من مليون جزء من الجرام داخل كرشة كبش قد يفوق محتواها من المواد السائلة والصلبة 10 كلج على أقل تقدير، سيصبح تركيز البروجسترون وسط الكرشة على أكبر تقدير30 جزء من مليار جزء من الجرام. إذا انتبه المستعمل لهذا وضاعف الجرعة 10 مرات، 10 كينات للكبش الواحد، أو 1500 ميكروجرام في نفس الحجم ، سيحذف صفر واحد من المليار فقط. هذا إذا افترضنا أن مكونات حبوب الحمل المذكورة ستقاوم هجوم الملايير من البكتيريات النافعة الموجودة داخل الكرشة (ما بين مليار وعشر مليارات في المليلتر) والتي تعد من معيقات استعمال الأدوية عن طريق الفم عند الحيوانات المجترة. فلو كان المستعمل متهورا أكثر وضاعف الجرعة عشرات مرات، فماذا ستكون الكلفة؟

خلاصة الأمر استعمال حبوب منع الحمل للتسمين أعتبره شخصيا ضياعا للمال، وإذا ما قيل أن مستعملا ما كان راضيا عن النتيجة، فسؤالي فبالمقارنة مع ماذا؟. استوقفتني كذلك في التصريح هذه العبارات "أن الصيادلة سجلوا إقبالا كبيرا على بعض الأدوية البيطرية، التي تساعد على نفخ الأضاحي، خلال فترة العيد، مرجعا السبب في تعفن لحوم أضاحي العيد في هذه السنة إلى  أن أغلب “الكسابة” عمدوا إلى حقن الأكباش بمادة "......."، ممزوجة بحبوب منع الحمل من نوع “.....”، هنا أقول: ألم يتساءل الصيدلاني عن سبب ارتفاع الطلب من لدن الرجال على مواد خاصة بالنساء؟ إذن من المسؤول عن الاستعمال المحتمل  لحبوب منع الحمل للتسمين وخسارة الكساب في هذه الحالة؟ ليس البيطري بالطبع.

اما في ما يخص استعمال المادة الثانية والخاصة بالكمال الجسماني. هذا ممكن .أولا هذا المركن لا يحقن بل يؤخذ عن طريق الفم. لنفترض هذا واقعي، كم ستكون الكلفة؟ وهل مكوناته قابلة للامتصاص في الجهاز الهضمي عند الكبش؟ كل هذا لا علم لي به. لكن حسب علمي 1 كلج من المركب المذكور قد يتجاوز 200 درهما، أي ما يعادل تقريبا 100 كلج من الشعير. العلف الأغنى طاقة بامتياز.

أما استعمال "براز" الدجاج، حسب علمي، قد يستعمل عند النعاج وفي فترات ندرة الكلأ، أما استعماله عند الأكباش الخاضعة للتسمين، وخاصة خلال السنة الفلاحية الحالية التي تميزت بوفرة الكلأ، قد يكون محدودا لكنه غير مستبعد. أريد فقط أن أطلب من زميلنا الصيدلاني أن يعطينا دليلا حول حجم استعمال تلك المخلفات لتبرير تصريحاته كما تقتضي ذلك الأخلاق والضوابط العلمية. والمرء بريء حتى تثبت إدانته.

أما استعمال الملح، فالمعروف هو كلورير الأمونيومE510 وذلك للرفع من حموضة البول، أي خفض pH لتفادي تكون الحصى في الجهار البولي عند الخرفان تحت التسمين. لكن هو من المضافات الغذائية الغير المسموح بها قانونا في بلادنا.