تدخل المقاطعة الخليجية لسلطة قطر شهرها الثالث والموقف الكويتي مازال ضبابياً، إذ انتهت مسألة الوساطة وطويت صفحتها بشكل تام كما يبدو، وبات من المطلوب أن تتخذ الكويت موقفاً جديدا يعبر عن رأيها السياسي سواء مع الدول المقاطعة أو قطر ومن خلفها أو حتى «الحياد»، المهم أن يكون هناك موقف كويتي واضح.
لا توجد سلطة على وجه هذا الكوكب عملت لسنوات دون كلل أو ملل على إسقاط الكويت في الفوضى والاحتراب الداخلي بقدر ما عملت السلطة القطرية بقيادة «تنظيم الحمدين» وإعلام الظل التابع لها، وهذا ما يجعل الموقف السياسي الكويتي مستغرباً ليس لدى شعوب الدول المقاطعة وحسب، بل لدى الكويتيين أنفسهم.
ربما كانت هناك حسابات سياسية لا نعرفها تمنع السياسي الكويتي من اتخاذ قراره النهائي حاليا، وهو حق سيادي نحترمه ونقدره، لكننا بحاجة لأن يشاركنا السياسي الكويتي مخاوفه.. تلك المخاوف الغامضة التي تحول بينه وبين إشهار موقف سياسي واضح، فالمكاشفة مع الأشقاء أمر مطلوب وصحي وأحيانا يصبح ضرورياً للإسهام في حل إشكالات كبرى من خلال التعاون السياسي لخدمة مصالح الجميع.
أصدقاء كثر في الكويت يعتقدون أن المشهد الكويتي الداخلي أكثر تعقيداً مما نتصور، وأن هناك قوى سياسية لها ثقلها في الشارع الكويتي تؤيد الجانب القطري وجماعة الإخوان الإرهابية وهي مدعومة من شخصيات اعتبارية بعضها من أفراد الأسرة الحاكمة، كما أنها ذات القوى التي خرجت في مظاهرات حاشدة قبل أعوام للإساءة لأمير البلاد واقتحام مجلس الأمة الذي قال عنه الشيخ صباح الأحمد حينها إنه «يوم أسود في تاريخ الكويت» قبل أن يأمر قوات الحرس الوطني والأجهزة التابعة لوزارة الداخلية بأخذ كل التدابير اللازمة للحفاظ على أمن واستقرار البلاد.
لكن ألا يحق لنا كسعوديين أن نسأل هذه القوى تحديدا «ماذا لو وقفت السعودية موقف الحياد أو قررت لعب دور الوساطة عندما استباح الجيش العراقي الكويت في الثاني من أغسطس عام 1990م بأمر من الديكتاتور صدام حسين؟ هل كان الشعب الكويتي سيستطيع حشد القوى العالمية لطرد الغزاة الغاصبين من بلاده واستعادتها خلال أقل من سبعة أشهر؟ والتساؤل هنا ليس هدفه المنّة على الأشقاء الكويتيين الذين نحبهم ويحبوننا وسنقف معهم دائما كما كنا، لكنه فقط لمجرد المقارنة بين موقفين سياسيين يفصل بينهما أكثر من ربع قرن من الزمن.
بالأمس قرأت تغريدة للزميل الكاتب الكويتي فؤاد الهاشم وأرى أنها أفضل ما أختم به حديثي اليوم.. يقول الهاشم: «الوساطة في أزمة قطر أمر لم يعد يليق بالكويت.. صارت الكويت أكبر منها بكثير، ومكاننا الحقيقي الآن في الاصطفاف مع الذين اصطفوا معنا عام 90 ولم يتوسطوا!".