الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

محمد الكريني: كل القنصليات محصنة بموجب اتفاقية فيينا لعام 1963

محمد الكريني: كل القنصليات محصنة بموجب اتفاقية فيينا لعام 1963 ذ. محمد الكريني

بعد كل خطوة إيجابية للمغرب وتفاعل العديد من الدول معه عبر تأييد موقفه المرتبط بوحدته الترابية، تجد دائما جبهة البوليساريو بشكل أو بآخر تشوش على تلك الخطوات كما هو الشأن بالنسبة للاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وفتح قنصليتها في مدينة الداخلة، فضلا عن التدخل الذي قام به المغرب في معبر الكركرات، والذي أتى في إطار الشرعية الدولية أي بموجب الفصل 51 من ميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد على حق الدفاع الشرعي الفردي والجماعي عن النفس، خصوصا وأن المغرب تعرّض لاستفزازات عديدة سابقة من قبل جبهة البوليساريو، وهو الأمر الذي دفع القوات المسلحة الملكية إلى التدخل لمواجهة مختلف التهديدات التي قامت بها هذه الحركة الانفصالية في هذا المعبر الدولي الذي تضررت فيه الشاحنات المحملة بالبضائع والسلع ناهيك عن منع مرور الأشخاص، وبالتالي فهذا التدخل المغربي جاء في سياق إعادة الأمور إلى طبيعتها في هذا المعبر الدولي دون أن يخلف هذا التدخل أي خسائر بشرية أو مادية.

 

إن لجوء الجزائر في الآونة الأخيرة إلى استقبال رئيس الحركة مجتمع السلم الإسلامية الجزائري، عبد الرزاق مقري، ممثل الجبهة الانفصالية في الجزائر، عبد القادر طالب عمر، ودعم الحركة للانفصاليين، كان بسبب الدعم الذي لقيه المغرب من قبل العديد من الدول العربية والإفريقية التي تضامنت معه بشأن معبر الكركرات كالسعودية، الأردن، الإمارات والبحرين، وباقي البلدان الإفريقية الأخرى كالصومال، ساوتومي، الغابون... وهو ما يبرز فشل جبهة البوليساريو وكل الأطراف المناوئة للأطروحة المغربية في حشد مواقف مناقضة للتدخل المغربي في هذا المعبر.

 

إن تفاعل العديد من الدول مع المغرب وفتح قنصلياتها ما هو إلا دليل على تأييد أطروحة المغرب المتعلقة بالحكم الذاتي باعتباره شكلا من أشكال حق تقرير المصير، وفي مقابل ذلك تقادم أطروحة جبهة البوليساريو التي لم تغير موقفها منذ بداية النزاع عكس المغرب الذي أبدى حسن نيته في طي هذا الملف الذي عمّر طويلا وكانت تكلفته كبيرة على شعوب الدول المغاربية، فقيام البوليساريو بهذه السلوكات والاعتداءات على القنصليات المغربية ما هو إلا تأكيد بشكل أو بآخر على الحرج والارتباك الذي تخلّفه تحركات الدبلوماسية المغربية.

 

إن دور القنصليات بشكل عام ومنها القنصلية المغربية في مختلف دول العالم مرتبطة بحماية مصالح الدولة الموفدة ومصالح رعاياها في الدولة المضيفة في حدود ما تسمح به قواعد القانون الدولي، كما أن مهمة القنصليات الأخرى مرتبطة بتنمية العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولتين الموفدة والمضيفة وتعزيز العلاقات الودية بينهما، علاوة على تقديم المساعدة والإعانة إلى رعايا الدولة الموفدة...

 

تمنح اتفاقية فيينا لعلاقات القنصلية لسنة 1963 الحماية للدولة الموفدة للمباني القنصلية والمحفوظات ومصالح الدولة الموفدة، إذ يحق لكل دولة أن ترفع علمها الوطني في مختلف المباني في أقاليم الدولة الموفد إليها، وبذلك تتحمل الدول المضيفة مسؤولية حماية الموظفين القنصليين ضد أي اعتداء قد يطال شخصهم أو حريتهم أو كرامتهم.. فالملاحظ من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية أنها تسمح للدولة الموفدة أن تضع علمها الوطني في مقابل ذلك يلاحظ أن الاتفاقية لم تحدد الحالة التي يتم فيها نزع العلم الوطني للدول من المباني القنصلية وخير دليل على ذلك ما جرى مؤخرا مع ألمانيا حينما قام برلمان بريمن برفع علم جبهة البوليساريو، مما دفع المغرب إلى توجيه رسالة إلى ألمانيا لإعادة النظر في العديد من الأمور، سواء ما اتصل منها بملف الوحدة الترابية المغربية أو الملف الليبي حينما تم إقصاؤه منه خصوصا وأن اتفاق الصخيرات يعد مرجعا أساسيا لحل الأزمة الليبية، وبذلك يمكن للمغرب أن يقطع أو يجمد علاقاته الديبلوماسية في حال وجود أن لتلك الدولة يد في دعم جبهة البوليساريو، كما سبق أن حدث مع إيران وغيرها من الدول...

 

- محمد لكريني، أستاذ القانون والعلاقات الدوليين بكلية الحقوق أيت ملول-جامعة ابن زهر