في حوار مع الفاعل المدني الدكتور علي المدرعي أكد لجريدة "أنفاس بريس" بأن المغرب يمر من مرحلة "صعبة على مستوى الحملة الوطنية للتلقيح"، ونبه ضيف الجريدة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني إلى كونه قد "بالغ في الإحتفال بنجاح حملة التلقيح"، حيث طالبه بضرورة "قول الحقيقة للشعب، والكشف عن الإجراءات والتدابير التي باشرتها الحكومة للحصول على المزيد من جرعات اللقاح".
يبدو أن رئيس الحكومة قد بالغ في احتفالاته بنجاح الحملة الوطنية للتقليح؟
نعم، لقد بالغ جدا رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في التطبيل بنجاح الحملة الوطنية للتلقيح..صحيح أن بداية انطلاق حملة التلقيح كانت جد موفقة، و الكل أشاد بالمغرب وريادته في التعاطي مع عملية التلقيح على المستوى الدولي والإفريقي ، لكن دعني أؤكد لكم بأن هناك رهان قوي تحاشى سعد الدين العثماني الخوض والحديث فيه وإماطة اللثام عن مشاكل عديدة مرتبطة بهذا الرهان.
كان على رئيس الحكومة أن يوضح للشعب المغربي ويكشف له عن الإجراءات والتدابير التي تباشرها الحكومة من أجل توفير المزيد من جرعات التلقيح وما هي الخطوات التي تقوم بها في هذا الشأن. وأظن أن المغرب يعيش اللحظة أصعب مرحلة تمر منها العملية الوطنية للتلقيح.
كيف تقيم وتيرة عملية التلقيح بالمغرب؟
يجب أن نؤكد على أن وتيرة عملية التلقيح كانت تسير بشكل عادي وسلس ، لكن من المؤكد أيضا أن وتيرة التلقيح كان من الممكن أن تسير بسرعة كبيرة بفضل مجهودات الأطر الطبية والصحية ورجال الأمن والإدارة الترابية، لو كنا نتوفر على العدد الكافي من جرعات التلقيح . إن سبب التعاطي مع عملية التلقيح بوتيرة بطيئة سببها قلة ومحدودية جرعات التلقيح علما أن المغرب إستطاع تلقيح ربع (1/4 ) الفئات المستهدفة أي ما يناهز 6 ملايين فرد إستفاد من التلقيح من مجموع 24 مليون مواطن (ة).
هل هناك تخوف من توقف عملية التلقيح؟
لاقدر الله واستنفدنا مخزون كمية جرعات التلقيح وتوقفت العملية ستكون لهذا المشكل انعكاسات صحية صعبة، والأخطر من ذلك انعاكاسات هذا التوقف سيخلف آثارا نفسية خطيرة على المواطنات والمواطنين، وليس من صملحة المغرب نهائيا أن تتوقف العملية، ربما قد ينقلب هذا السبق الذي حققناه والذي بوأ المغرب الريادة في عملية التلقيح على المستوى الدولي والإفريقي ..
ما المطلوب اليوم أمام فرضية نفاد مخزون جرعات التلقيح؟
من المفروض على وزير الصحة أن يقف أمام مجلس النواب ويكشف للرأي العام الوطني عن الإجراءات والتدابير التي تقوم بها وتباشرها حكومة سعد الدين العثماني للحصول على المزيد من اللقاح، حتى لا نسقط في هذا الخطأ القاتل. لأن هناك اليوم طلبات متزايدة على اللقاح في ظل إقبال المجتمعات على التلقيح بعدما فشلت موجة التشكيك والمقاطعة، ونعلم أن هناك عوامل واعتبارات سياسية واقتصادية تدخل في ملف اللقاح ، وتأثير لوبيات في دهاليز الحصول على المزيد من جرعات اللقاح، فليس من السهل في ظل هذه الإكراهات أن نرفع التحدي. فإذا العالم يحتاج إلى أكثر من 20 مليار جرعة خلال سنة 2021، فالقوة الإنتاجية لجميع المختبرات المنتجة للقاح في العالم لم تتجاوز توفير 10 ملايير جرعة أي بنسبة 50 في المائة.
الأكثر فضاعة أن هناك بعض الدول مازالت تنتظر حتى سنة 2022 للحصول على جرعات الللقحات لمواطنيها ومواطناتها وبالتالي فإن لم يشمل التلقيح أغلب شعوب دول العالم ستظل مطروحة عدة إكراهات وتخوفات اقتصادية واجتماعية (تنقلات، سفر، مبادلات تجارية وسياحية...)، فلا يستقيم الوضع مع تفاوت فرص التلقيح في العالم فمثلا هناك دولة وصلت إلى نسبة 70 في المائة من حملة التلقيح وأخرى لم تبدأ بعد وتنتظر ، أو دولة تسير فيها وتيرة التلقيح ببطء شديد.
الغريب في أمر التلقيح أن هناك نقاشا في الإتحاد الأوروبي حول إصدار جوازات خضراء للسفر في علاقة بمحاصرة كورونا، مقابل رفض منظمة الصحة العالمية لهذا الإجراء التي اعتبرته تمييزيا ..هناك إشكالات ورهانات مازالت مطروحة، فنحن في المغرب لسنا وحدنا على الكرة الأرضية وطبعا نحن نتأثر بما هو إقليمي وجهوي وعالمي..
بماذا تنصح رئيس الحكومة ووزير الصحة؟
كفى من المبالغة وتوزيع بلاغات وتصريحات الحكومة في شأن نجاح الحملة الوطنية للتلقيح، ويجب بكل مسؤولية أن نصارح الشعب ونقول للمواطنات والمواطنين الحقيقة على اعتبار أننا نمر من فترة صعبة جدا في عملية التلقيح.