الاثنين 25 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

حمزة نيازي: لا لرشق حافلات الدار البيضاء

حمزة نيازي: لا لرشق حافلات الدار البيضاء حمزة نيازي مع نموذج أسطول الحافلات الجديدة بالدار البيضاء

بعد طول انتظار حصل البيضاويين على حافلات من الطراز الرفيع، معاناة طويلة مع ويلات التنقل والمستوى المنحط واللإنساني الذي وصل إليه قطاع النقل العمومي، مطالب شعبية وضغط كبير بنهاية جد طيبة، هدية لنا بوسيلة نقل ممتازة مكيفة ومريحة. ليقع ما لم يكن في الحسبان، تخريب وتكسير وقتل جمالية حافلات معاصرة وملائمة لمدينة الدار البيضاء.

 

انطلاقة مخيبة للآمال، لمجتمع يدعي الحضارة والمعاصرة ومواكبة كل ما هو جديد، كثر القيل والقال بين "بيضاوة" حول هذا العمل الشنيع والغير مبرر الذي يعيدنا إلى الكثير من التساؤلات، سخط واستنكار بتوقيع أقصى العقوبات على الجناة ليكونوا عبرة لكل من فكرفي زعزعة النفوس وخلق جو الرعب والخوف...

 

بالنسبة لعامة الناس، يجب الجزم أن الكل مستنكر، ورافض لهذه الوقائع والجميع يندد ويقول يجب الضرب بيد من حديد وتوقيع أقصى العقوبات على المراهقين ليكونوا عبرة لمن أراد تكرار ما وقع، هذا في حد ذاته مطلب مشروع وقانوني ولا نقاش فيه، لان الجريمة ثابتة وأركانها متوفرة والعقوبة منصوصة. ما زاد الطين بله، أن الوقائع ارتبطت بقطاع حساس جدا، أي النقل العمومي في مدينة الدار البيضاء والصيرورة التاريخية التي مررنا منها، آخر شركة، عشنا معها الويل وكانت خدماتها مهينة لكرامة الإنسان بنقلها الخطير وحافلاتها القاتلة...

 

من جهة أخرى يجب تناول الجاني، الشخص الذي أقدم على ارتكاب هذا الفعل -قبل تطبيق المسطرة القانونية- بمنظور تحليلي، من المنطقي أن ندرسه من جميع الجوانب، يجب طرح سؤال مهم وعميق: لماذا أقدم إنسان وعي عاقل على رشق حافلة بالحجارة؟

 

نقوم بوضع عينة من المراهقين والأطفال والشباب بمختلف الأعمار، أصحاب السوابق في رشق الحافلات، ثم ننطلق في دهاليز البحث في النشأة و التربية ثم المحيط والبيئة...، ثم المسار الدراسي والنجاحات والإخفاقات والتجارب... لنمر إلى دراسة دقيقة ومستفيضة لمرحلة المراهقة... المستفاد من هذا كله هو الوقوف على الأسباب المباشرة لوقوع هذا العنف المادي الذي يخلق نوع من عدم استقرار أثناء ممارسته، لأن الشخص السوي لن يفكر في إخراج غضبه وعدم رضاه في حافلة يستعملها الناس من اجل قضاء الأغراض، لبدا أن هناك خلل كبير لا يجب تجاوزه بل الوقوف عليه، الهدف الأساسي هو الوصول إلى جواب للسؤال السالف ذكره.

 

وبعدها محاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه. هنا يبرز تدخل الدول بمؤسساتها انطلاقا من تمويل دراسات تصب في الظاهرة بتشجيع البحث العلمي وتيسيره، ثم توعية المجتمع بشتى الطرق المتاحة ولما لا يكون عنوان عريض "لا لرشق الحافلات" في جميع الأماكن وعلى جميع المنصات وفي كل دقيقة على موجات الراديو وعلى القنوات التلفزية...

 

خلاصة القول خلق تأثير مباشر وغير مباشر سيكون لديه وقع جيد، وسيقلل من الظاهرة الإجرامية إلى حد ما حتى نصل إلى وقف تام لهذه العمليات الإجرامية، لن نحصل على نتيجة شافية بمعاقبة الجاني فقط، المثالية تكون بالمعاقبة والدراسة ومحاولة تهذيب وتعديل السلوك.