الاثنين 25 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

محسن زرݣان : لا للعنف ضد النساء لبناء مجتمع أفضل

محسن زرݣان :  لا للعنف  ضد  النساء  لبناء  مجتمع  أفضل محسن زرݣان

يشكل العنف ظاهرة عالمية والأرقام والتقارير تؤكد ذلك على أن تتفاوت من مجتمع لآخر، ولا يبدو أن القوانين الرادعة وضوابط المجتمعات قادرة على الحد منها ،ففي مجتمعاتنا العربية يقال ان النساء شقائق الرجال ،وسنت القوانين لحماية حقوقهن ،لكن واقع الحال يبدو بعيدا عن المأمول ،وما تزال التقارير والإحصائيات تصدر بين الحين والآخر كاسحة ما تعيشه المرأة ،والعنف ضد النساء أصبح في هذه الظروف مثل الفيروس ذاته ،النساء يتعرضن للعنف كل يوم وكل دقيقة وكل ثانية داخل بيوتهن بشتى أنواعه اللفظي والجسدي والمعنوي فالبيوت التي كانت مصدر الأمان ،أصبحت مصدرا للخوف والضرر ،ونحن بصدد إعداد هذا المقال سنحاول معرفة أسباب هذه الظاهرة وخاصة مع تفشي جائحة كورونا وسنتعرض المغرب كنموذج لهذه الظاهرة ،بالإضافة الى موقف الشريعة الاسلامية من ذلك وأخيرا سنستعرض بعض الحلول لمواجهة هذه الظاهرة .

العنف في المغرب :

في المجتمع المغربي وعلى غرار العديد من المجتمعات العربية ما تزال المرأة تخضع للسيطرة الذكورية ،ما يعنيه ذلك من بيئة خصبة للتعدي على حقوقها وكرامتها والتعدي عليها رغم التعديلات القانونية الأخيرة لمحاربة العنف ضد النساء كما أظهرت النتائج الأولية للبحث الوطني الثاني في المغرب بأن نسبة ٪54.4 من النساء يتعرضن لشكل واحد من العنف .

كما أشارت الإحصائيات على أن العنف ضد المرأة في الوسط الحضاري بلغت ٪ 55.8 مقابل ٪52.6 في القرى والأرياف ،وهذا ما أدى إلى إطلاق ناقوس الخطر من خلال مجموعة من الحركات النسائية نظرا لعدد ارتفاع نسبة المعنفات الذين يتعرضن للعنف والاغتصاب في المغرب .

وبالرغم من دخول القانون رقم 103.13 حيز التنفيذ في 12 سبتمبر /ايلول عام 2018 إلا أنه ما زال يواجه صعوبات مختلفة في تطبيقهعلى أرض الواقع ومن المفترض في هذا الإطار إتخاذ مجموعة من التدابير الكفيلة لتحسين تفعيل القانون على ارض الواقع ،بالإضافة الى هذا فإن هذا القانون ما زال يثير جدالا واسعا ،بين ما يعتبرونه قانونا ثوريا ينصف المرأة ويضع حدا لمعاناتها ،وبين ما يشككون في قدرته على الحفاظ على كرامتها وحمايتها .

وهذا ما أكدت عليه مجموعة من الجمعيات المناهضة للعنف ضد النساء ،بحيث طالبوا الدولة المغربية بتفعيل القانون و تحسين نصوصه وتنقيحها وكذلك توسيع مجال تفعيل تدابير الحماية ،و ملاءمتها مع التدابير الدولية لذلك يقتضي تفعيل مقتضيات قانون 103.13 لحماية النساء من العنف واجراء ثقافة المساواة وحماية حقوق النساء في الحياة والكرامة والحق في السلامة الجسدية والنفسية والجنسية، بالإضافة الى تطوير أساليب عمل الخلايا المكلفة بالنساء ضحايا العنف لكن الواقع المحزن وحالات العنف اليومية فاقت التشريع والحقوقيون يعتبرون مجابهة هذه الآفة يجب ان تتخذ أبعادا أخرى توعوية وتطبيقا على أرض الواقع بصرامة أكثر.

كورونا والعنف:

في ظل إجراءات الحجر الصحي وحضر التجوال للوقاية من فيروس كورونا الجديد دق ناقوس الخطر حول تزايد العنف المنزلي وازدياد عدد المعنفات في الوسط الأسري وتفاقم المشاكل ،نتيجة تأثر العلاقات العائلية الخاضعة للحجر الصحي في فضاء مغلقواقترانطويل كل ذلك ساهم في ازدياد الاحتقان والتوتر بين الزوجين لأسباب تافهة، أدت إلى حالات عنف ومشاكل أسرية قد تمهد لرفع حالات الطلاق مستقبلا وتعد المرأة الضحية الأولى لحالات العنف المنزلي وبعدهاالأطفال الذين يتأثرون بالمشاكل الزوجية وتكون النساء عرضة للعنف من الرجال الذين يعانون ضغطا نفسيا بسبب ظروف اجتماعيه في البيت وضيق المكان والالتقاء فيه بين الأزواج.

قبل تفشي جائحة كورونا كان العنف المنزلي ضد المرأة ،وخلا فترة وجودنا ضمن جائحة كورونا ازداد العنف ضد المرأة والفتيات بشكل ملحوظ بسبب قلة العمل والإقامة الدائمة في المنازل حيث الدخل قليل والمتطلبات أكثر.

وللقضاء على هذه الظاهرة من الأمثل معالجة هذا الاشتداد العنفي ضد المرأة من خلال تدابير لحل العنف وضمان عدم إفلات الجناة من الحساب،والجدير بالذكر ازدادت مخاطره ضد النساء.

وتشير الاحصائيات على أن أزيد من 7.6 ملايين امرأة مغربية تعرضت لنوع واحد من العنف على الأقل ،تحرش في الشوارع، عنف زوجي أو تمييز اقتصادي ،كلها أشكال عنف مسلطة على المرأة،والحقوقيون يعتبرون أن هذه الظاهرة مستفحلة في المجتمع المغربي.

فألفاظ العنف والتمييز ما زالت مقبولة في مجتمعنا وذلك مرتبطة بالعملية الذكورية حسب البعض وتلخصها عبارة "حيث أنا راجل "في الوسط الزوجي اكتشفت معطيات صادمة إذ بلغت نسبة المتزوجات اللاتي تعرضن للعنف من أزواجهن ٪46 قرابة 5.3 مليون امرأة مغربية (حسب hcp(

والاغرب من ذلك معطيات رسمية كشفت أن ٪38 من النساء و ٪40 من الرجال يقرون ان تحمل المرأة للعنف الزوجي مقبول ولا بأس به للحفاظ على استقرار الاسرة،وترتفع هذه النسبة عند غير المتعلمين في الوسط الفقير والعالم القروي، بالإضافة إلى أشكال اخرى من العنف قد تعيشها المرأة من بينها الابتزاز ،والتمييز في اوساط العمل ،ورغم أن المشرع المغربي يسن قوانين تعاقب بصرامة العنف ضد المرأة خصوصاً بعد المصادقة على قانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النسان عام 2018.

بعض أسباب العنف ضد المرأة :

يمكن إرجاع ظاهرة العنف ضد المرأة إلى أسباب مختلفة منها العادات والتقاليد المنحازة لمصلحة الرجل على حساب مصلحة المرأة ،ومنها ضعف التعليم للمرأة مقابل العناية بتعليم الرجل،ومن نتائجه تقبل المرأة للعنف والخضوع والسكوت عليه مما يجعل الآخر يتمادى أكثر، ومنها سوء الوضع الاقتصادي حيث تعد المشكلات الاقتصادية واحدة من أهم الاسباب التي تضغط على الرجل لأن يكون عنيفا ويصب جام غضبه على المرأة وجهل الآخر لحقوقها وواجباتها مما قد يؤدي الى التجاوز وتعدي الحدود ،هذا ناهيك عن النزاعات التي تخلف دائما مجتمعا عنيفا لا سيما العنف ضد الفئات الضعيفة .

وقد أظهرت الأبحاث التي أجريت مأخرا أن المرأة التي تعرضن للعنف على يد شريكها غالبا ما تكون أكثر عرضة لإنجاب أطفال منخفظي الوزن في الولادة والإصابة بالإحباط والاجهاض العمدي، كما تزيد أيضا احتمالات إصابتها بفيروس نقص المناعة البشرية، وتنص المعايير الدولية على أن العنف ضد المرأة هو شكل من أشكال التمييز ،وتحت بالتالي الدول على اتخاد الاجراءات اللازمة لمنع العنف ضد المرأة والتحقيق فيها والمعاقبة عليها، سواء اقترفتها الدول أو جهة أخرى من غير الدول .

موقف الشريعة الاسلامية من العنف :

لقد كرم الإسلام المرأة فقد راعى خصائصها والفرق بينها وبين الرجل، فشرع القوانين التي تجعلها مكرمة في موقعها والرجل مكرم في موقعه وجعل بينها مودة ورحمة واحتراما متبادلا يؤدي الى تقاسم المسؤولية بينهما طوال استمرار العلاقة التي تربطهما في نطاق الشرع الحكيم.

لفهم هذه المسألة يوجد مصدران رئيسيان في التشريع الإسلامي "القرآن" و "سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم" .

يحتوي القرآن على ما يقارب من خمسمائة آية تشريعية تقرر آراء العلماء المتعلقة بما أقره الله للمعتقدات الانسانية والسلوك ،إضافة الى ذلك لدينا سابقة النبي محمد عليه السلام الذي من المفترض أن يكون أفضل من يعرف إرادة الله من القرآن و يتصرف وفقا له في حياته اليومية.

فمن الناحية القرآنية نجد الله سبحانه وتعالى يأمر الرجال فيقول «وعاشروهنبالمعروف «بينما يهددهم في آية أخرى بتوبيخ الله إيذاء او بالفعل ظلموا زوجاتهم ،بالإضافة إلى آيات تتحدث عن الطبيعة التكميلية للزواج بوصف الأزواج بأنهم «ألبسة لبعضهن البعض»، تتحدد تلك الآيات القرآنية معيار ونموذج الحب والحنان والعلاقات الزوجية المتبادلة.

أما عن النموذج النبوي يجب على كل مؤمن اتباعه فقد ورد عن زوجته أنه «ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا بيده قط لا امرأه ولا خادما ...»ورد انه أيضا قال : «ما اكرم النساء إلا كريم ،ولا أهانهن إلا لئيم »، وأورد حديث آخر أن قصة صحابي الرسول الذي سأله : «ما حق الزوجة على زوجها » فرد قائلا :«لهن عليكمرزقهن وكسوتهن بالمعروف ولا تضربوهن ضربا مبرحا ولا تلعنوهن»أيضا قال النبي «أيضرب أحدكم امرأته كما يضرب العبد ثم يجامعها في آخر اليوم » وهذا تأكيد على سخافة من يؤدي زوجته .