الأربعاء 27 نوفمبر 2024
جالية

مغاربة العالم ..قوة اقتصادية محكومة بمزاج متقلب

مغاربة العالم ..قوة اقتصادية محكومة بمزاج متقلب
لايجادل أحد في أن مغاربة العالم من ضمن الأقليات التي تخطو بثبات نحو فرض ذاتها وترسيخ وجودها في بلدان إقامتها، لكن عينها تظل على بلدها الأصلي.
وقد أثبتوا في مناسبات عدة وقوفهم وارتباطهم ببلدهم وهو ما تجسد في التصدي في كل البلدان لأطروحة الانفصال، إنه تحرك وجداني نابع من شعور بالانتماء للوطن، ومن أجل خدمة الوطن والذي يتلمسه كل المغاربة من خلال مساهماتهم في تحريك دواليب الحياة الاقتصادية. فالتحويلات المالية لمغاربة العالم مصدر مهم لتحريك دواليب الاقتصاد الوطني، ومزود رئيسي لخزينة الدولة من العملة الصعبة، حيث بلغت هذه السنة رغم الجائحة 65،8 مليار درهم التي تضمن استيراد العدد من السلع الضرورية من الخارج، كما أنها معيل لملايين الأسر في المغرب والتي خففت العبئ على الدولة فيما يخص بدعم هذه الأسر خلال الجائحة.
وبالرغم من أن توقعات المؤسسات الاقتصادية الدولية لعام 2020،أصدرت تقارير تنبأت من خلالها أن كوفيد 19 لن يفتك فقط بالأرواح البشرية بل حتى بقدرتها الشرائية من خلال تراجع تدفق التحويلات المالية للعمالة المهاجرة بنسبة 20 في المائة تقريبا في منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط، لكن التحويلات المالية للجالية المغربية المقيمة في الخارج على العكس ، سجلت ارتفاعا حيث أوضح بنك المغرب، في بلاغ عقب اجتماعه الفصلي الرابع والأخير لسنة 2020، أن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج سجلت متانة ملحوظة، إذ ارتفعت بنسبة 1,7 في المائة، حسب المعطيات المتاحة إلى غاية نهاية شهر أكتوبر وأكد أن هذه التحويلات من المتوقع أن تعرف شبه استقرار في 65,8 مليار درهم سنة 2020، ويرتقب أن تتعزز وتبلغ 70 مليار درهم سنة 2021، ثم 71,4 مليار سنة 2022. هذا التطور الذي لم يكن مرتقبا، والذي قد يثير كثيرا من الاحتمالات لا يمكن تفسيره، في نظرنا، إلا من زاوية الارتباط بالوطن.
ورغم هذه القوة الاقتصادية يظل الاهتمام بهم محكوم بمزاج متقلب، إذ لم يسمح لهم بعد بالمشاركة في الانتخابات منذ الاستقلال، وكانت تجربة وحيدة منفردة في الثمانيات وألغيت في انتخابات 1984 ولم تجد كل الأصوات التي طالبت بمنح مغاربة الخارج حق الترشيح والتصويت طريقها إلى التطبيق، ضاربة بذلك روح الوثيقة الدستورية في فصلها 17 الذي ينص وبشكل قطعي على مايلي:
"المغاربة المقيمون في الخارج يتمتعون بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات. ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية، المحلية والجهوية والوطنية. ويحدد القانون المعايير الخاصة بالأهلية للانتخاب وحالات التنافي. كما يحدد شروط وكيفيات الممارسة الفعلية لحق التصويت وحق الترشيح، انطلاقا من بلدان الإقامة".
ورغم هذا التنصيص الواضح في دستور 2011 فقد ظلت الحكومات المتعاقبة تمارس سياسة الهروب إلى الأمام، فتارة تتدرع بعامل المقاربة التشاركية التشاورية، وتارة تعميق النقاش مع الجهات الحكومية والفاعلين السياسيين والمدنيين من مغاربة العالم للتوصل إلى توافق، وتارة ينسلخون من هذا وذاك وينسبون أسباب عدم المشاركة إلى الأسباب اللوجستيكية والتقنية. لكن أكثر التبريرات إثارة وضحكا على الذقون هي تلك التي صرح بها وزير الداخلية آنذاك محمد حصاد خلال جلسة برلمانية حيث قال إن تصويت مغاربة العالم يطرح إشكالات وأورد في هذا السياق قائلا{وقد أصدمكم إذا تسائلت أن سنقيم مكاتب التصويت بإسرائيل التي تضم بين 700 و800 ألف مغربي؟"
إن عقليات كهاته لا تنظر إلى الحاضر بعين المستقبل، فملامح الهجرة قد تغيرت وانتهى عصر المهاجر الغير المتعلم والفقي، فدول الاستقبال اليوم تعج بكفاءات وأطر نحتت اسمها في كل الميادين لكن تظل في سلة النكران والإقصاء حتى يسطع نجمها في الخارج فتجد إعلامنا يسابق الزمن لتمجيدها ليصبح القول فيها " وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا". كما أن مغربي العالم اليوم أصبح متفوقا حتى في السياسة لتجده في البرلمانات والحكومات خاصة فرنسا، بلجيكا ،هولاندا، ايطاليا، ألمانيا وغيرها من البلدان التي تقدر العقول البشرية وتعض عليها بالنواجد حيث تؤمن بقوة العقل وفاعلية الإنسان ولا تنظر إلى أصله ونسبه وموقعه الاجتماعي. هذه الطاقات اليوم لازالت على الهامش مادامت تخضع لتأثيرات مختلفة تخلق لها مشاكل كبيرة من التعقيد مما يحتم معه مقاربة جديدة وفق أدوات تتجاوز المعطى المادي والخدماتي إلى ما هو أعمق يأخذ بعين الاعتبار الإنسان كإنسان.
أقل اعتراف لهذه الإطارات والكفاءات هو إشراكهم في مجالس الحكامة كما نصت عليه الوثيقة الدستورية وإخراج قانون لتجديد هياكل مجلس الجالية المغربية كما صرح بذلك رئيس الحكومة المغربية بالبرلمان يوم 19 أبريل2017 خلال تقديمه لبرنامج حكومته، فلا حكومة بنكيران ولا العثماني استطاعوا تحقيق هذا المطلب.
إن هذا الإنسان هو الذي أغلقت في وجهه كل النوافذ والأبواب في فترة الجائحة وتقطعت به الأوصال وتنكرت له الأوطان فخفتت كل الأصوات وتلاعبت بها الرياح ومالت يمينا ويسارا وتلونت بتلاوين مختلفة وظلت ألسنتها الخشبية مشدودة"ومسدودة"بمسمار النفاق أمام مآسي وأحزان العباد. فلا آهات المرضى ولا وصايا الموتى وجدت مسعاها، وزارات،مؤسسات متشابكة،كلها اتفقت فصمت آذانها، وركبوا بذلك زورقهم الذي تحركه شهوة السلطة، وتركوا مغاربة العالم في سبخ الوحل. إن إنصاف مغاربة العالم لن يتم إلا عبر مؤسسة ديمقراطية حقيقية لجميع مؤسساتها وكنس كل البقايا التي تزيد عتمة الظلام. إن السؤال اليوم هو كيف يمكن أن نحقق مصداقية الدولة المغربية لدى الأجيال القادمة من مغاربة العالم التي لم تعد تثق في أي شيء؟ وكيف يمكن أن نصحح الطريق ليستأنف الجيل الجديد المسير؟
هل ستبقي الدولة المغربية الاعتماد على جمعيات وهمية التي لا امتداد لها وسط منظومة مغاربة العالم وستزيد الهوة بين الجيل الجديد ووطن الآباء والأجداد.
إن الجيل الجديد من مغاربة العالم يحظى بالثقة والمصداقية التي يجب أن تكون فاعلا أساسيا في بناء النموذج التنموي الجديد عوض ان تظل رقما من أرقام العملة الصعبة.
جمال الدين ريان
عبدالله جبار
عبدو المزياني
نادية واكرار
عبدالحي السملالي
هشام الشركي
علي السعماري
الدكتور كنيزمحمد ياسين
يوسف الهواري
عادل بنعويس
خالد بورواين
إحسان لغضف
مصطفى خداري
ياسين المرابط
علي الهودي
محمد المرابط
إبراهيم إبنسنا
يونس فارس
خالد الشطايبي
سليمان شهيد
سميحة حمداني