الأحد 24 نوفمبر 2024
فن وثقافة

محمد يحيى قاسمي موثق وحارس الذاكرة الإبداعية بيبليوغرافيا في "مدارات" التهاني..

محمد يحيى قاسمي موثق وحارس الذاكرة الإبداعية بيبليوغرافيا في "مدارات" التهاني.. الكاتب محمد يحيى قاسمي (يمينا) والزميل عبد الإله التهاني

خصص برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية ليلة السبت 5 دجنبر 2020، حلقة جديدة من حلقاته الفكرية والأدبية على ضفاف "حوار الثقافة والمجتمع" مع الباحث والأديب محمد يحيى قاسمي، ابن المنطقة الشرقية، حيث ركز فيها معد ومقدم البرنامج الزميل عبد الإله التهاني على النبش في تجربة البحث والأعمال البيبليوغرافية التي أنجزها حول الإبداعات المغربية الحديثة والمعاصرة في مجالات القصة والرواية والشعر ولمسرح، بالإضافة إلى مناقشة ضيف "مدارات التهاني" حول الأدب الإنساني المغربي و المغاربي.

 

في تقديم ضيف "حوار في الثقافة والمجتمع"

اعتبر الزميل التهاني في تقديمه للباحث المتخصص في الدرس البيبليوغرافي محمد يحيى قاسمي أنه وجه من "وجوه المدارس الأدبية الذي أغنى الخزانة المغربية بالعديد من الإصدارات والدراسات والإنتاجات البيبليوغرافية، وتأملاته المتعددة حول العديد من الإبداعات"؛ حيث قدم له مجموعة من المقالات والدراسات البحثية والمؤلفات نذكر منها (بيبليوغرافيا الشعر العربي الحديث، وبيبليوغرافيا القصة القصيرة، سيرورة القصيدة، وبيبليوغرافيا الرواية المغربية، والكتابة الأدبية عند أحمد زياد، وبيبليوغرافيا المسرح المغربي، والرواية المغربية المكتوبة باللغة العربية، وبيبليوغرافيا الأدب المغاربي المعاصر، وبيبليوغرافيا المبدعات المغربيات، وبيبليوغرافيا الأدب النسائي المغربي المعاصر)...

 

محمد بلعباس القباج وأحمد زياد رواد النقد المغربي

عن سؤال تميز شخصية الرائد الكاتب محمد بلعباس القباج، أوضح ضيف "مدارات" بأن الزميل عبد الإله التهاني قد عاد به إلى زمن سنة 1991 (29 سنة)، "زمن مناقشة بحثه الجامعي في موضوع الكتابة الأدبية عند محمد بلعباس القباج"، هذا المدخل فتح شهية الباحث محمد يحيى قاسمي للحديث عن "أول عرض قدمه سنة 1987 أنجزه في موضوع الكتابة المقالية في المغرب بعد الحماية". حيث كانت الشرارة الأولى (إعداد رسالة جامعية) بتنسيق مع الأستاذ عباس الجراري لانطلاق عملية "تجميع الكم الهائل من مقالات الكاتب محمد بلعباس القباج، وجمعت آثاره".. لكن للأسف "هذا العمل مازال لم يرى النور (29 سنة) في الرفوف، لأنه عمل يحتاج إلى تمويل". يقول ضيف البرنامج "لا أدعي أني كنت الرائد في هذا المجال، فقد اهتم أساتذة آخرين بكتابات محمد بلعباس القباج".

 

وفي سياق حديثه عن شخصية محمد بلعباس القباج أوضح الباحث يحيى قاسمي مستغربا: "كنت أقرأ موقف بعض الدراسات عن النقد المغربي، والتي كانت تجتزئ الأفكار، وتعتبر النقد مجرد خواطر نقدية، وبأنه لا يمكن الحديث عن النقد إلا مع بداية الجامعة المغربية"، لكنه كباحث متخصص في مجال الدرس البيبليوغرافي أكد على أن "نصوص الكاتب محمد بلعباس القباج قامت بنقد الشعر في عهد الحماية" حيث تبين له "أن نقد الكاتب كان ناضجا" إلى درجة أنه قال عن الرجل "كان صورة لعباس العقاد في المشرق... كان يملك آليات النقد، وهو شخصية فريدة لم تنل حظها"، لذلك فضيف "مدارات" يعتبر بأن "القباج وأحمد زياد من رواد النقد المغربي الحديث، ولا يمكن أن نهمل هذه المرحلة... لأن النقد لا يمكن أن يبدأ من الصفر".

 

وبخصوص الكتابة الأدبية عند الروائي والصحفي الأستاذ أحمد زياد قال قاسمي أنه اكتشف بأن "الكاتب محمد بلعباس القباج يوظف اسم زياد في كتاباته دون أن أعرفه، وبحكم بحثي اتصلت بالأديب أحمد زياد الذي كان وقتها يشتغل كإطار بوزارة الشبيبة والرياضة... وأوحى إلي أن أبحث له عن آثاره وأجمعها"، وأضاف مؤكدا بأن الأديب أحمد زياد "كان غزير الإنتاج الأدبي خصوصا في الجانب النقدي .. كانت له أكثر من ألف مقالة نقدية"، لكن للأسف "الرسالة الجامعية التي خصصت للأديب الفذ أحمد زياد ظلت حبيسة الرفوف دون نشرها".

 

البحث البيبليوغرافي قديم قدم الإنسان/ الكتابة

وعن البحث البيبليوغرافي أوضح محمد يحيى قاسمي بأن "البحث البيبليوغرافي قديما قدم الإنسان/ الكتابة"؛ وأكد في هذا المجال بأن "المغاربة قد اهتموا بالتوثيق من خلال المخطوطات أو الكتب في الخزانات الخاصة والعامة"، على اعتبار أن "كل الأعمال التي كانت تهتم بالأقاليم يمكن إدراجها ضمن البيبليوغرافيا". وكشف كذلك على أن "استعمال مصطلح بيبليوغرافيا قد ظهر أول الأمر مع الباحث عبد السلام التازي وعبد الرحمن طنكول".

 

الباحث محمد يحيى قسمي أماط اللثام عن كتاب تاريخ الشعر والشعراء بفاس، معتبرا إياه كتابا مختصرا وهو عبارة عن "مسامرة أدبية تمت بنادي المسامرة بفاس سنة 1924"، وأن أصل الكتاب الضخم يسمى "تاريخ أدوار الشعر والشعراء في فاس... وهو يعطي نظرة على ما كانت عليه الكتابة النقدية ويؤرخ للمدينة العلمية، ويترجم للشعراء الذين عاشوا منذ فترة الأدارسة إلى عصر المؤلف".

 

بيبليوغرافيا القصة والمسرح ومنهجية البحث عند يحيى قاسمي

وعن منجزه على مستوى دراسة بيبليوغرافيا القصة القصيرة ،أشار ضيف الزميل التهاني إلى أن كتاب ببليوغرافيا القصة القصيرة يتضمن قسم خاص بالمجموعات القصصية، وقسم آخر خاصا بالمبدعين القصاصين، حيث امتدت مرحلة التوثيق من سنة 1947 إلى سنة 1999. وأكد الباحث قاسمي على أن مشروعه يوثق للإبداع المغربي في هذا الجنس الأدبي. وكشف على أنه منذ سنة 1999 تضاعفت الإنتاجات الإبداعية بالعشرات. موضحا بأنه اعتمد على منهج يعطي الأهمية لتجميع المجاميع القصصية، ووضع قسم يؤرخ لتلك المجاميع، ثم يذكر العناوين ويضيف إليها العتبات، وفي قسم ثان يضع تراجم لكتاب القصة (أحمد بوزفور وإدريس لخوري) نموذجا.. ويضع ملفا علميا لكل كاتب، ويليه خلاصات لبنية النشر (المدن التي طبعت فيها الإنتاجات). لذلك فإن منهجيته البيبليوغرافية قد اعتمدت على "التجميع ثم التحقيب، والتجنيس، فالتوثيق، والتفريغ، والتحليل، والإحصاء، والترجمة، والتفسير، والاستنتاج". لكنه يؤكد على أن هذا العمل البحثي له "طابع إنساني فردي، فقد تطوله بعض الثغرات وتكون النتائج تقريبية".

 

وعلى مستوى كتاب ببليوغرافيا المسرح المغربي، فقد شارك محمد يحيى قاسمي المسرحي مصطفى رمضاني في بلورة ببليوغرافيا شاملة تتعلق بالمسرح المغربي إبداعا ونقدا من سنة 1933 إلى 2002، وركزت على النصوص المسرحية. حيث يخلص فيها ضيف مدارات إلى أنه "لم تكن هناك كتابات مسرحية نسائية في الكتاب الأول" إلى حدود الفترة الممتدة بين سنتي 2003 و2018 التي ظهرت فيها كتابات مسرحية نسائية مهمة (20 نصا مسرحيا نسائيا).

 

سؤال الأدب النسائي بيبليوغرافيا

في سياق متصل أكد معد ومقدم برنامج "مدارات" على أن محمد يحيى قاسمي من القلائل الذين اهتموا بالأدب النسائي بيبليوغرافيا بعيدا عن التصنيف الجنسي، حيث اعتبر ضيف حوار في الثقافة والمجتمع أنه "لا يحاول في أبحاثه التمييز بين الذكور والإناث"، لكنه لامس الظاهرة من خلال واقع الحال حيث قال "نجد اليوم مكتبة للنساء وأخرى للرجال، وأن الإحصائيات تشتغل على نسب الجنسين، ونجد في الواقع جناح للنساء وآخر للرجال في المستشفيات.....". ليخلص من خلال الإحصاء إلى سؤال "هل المرأة تصاحب ما يكتبه الرجل على مستوى الإنتاجات الإبداعية؟"

 

وأوضح محمد يحيى قاسمي بأنه "لا يسير في هذا الاتجاه الذي يمسي الإبداع إبداعا.. لكن في مجال الإحصائيات يفرض علينا المنهج أن نحدد ما تكتبه النساء مقابل كتابات الرجل".. وذكر بأنه "أشرك الروائية زهور كروم في عمل نسائي لتوثيق الرواية المغربية أثمر إصدار مهم"، تبين من خلاله أن "الإنتاج النسائي تمثله نسبة مهمة وإن كان (ضعيفا) قليلا مقارنة مع ما يكتبه الذكور، (الإنتاج النسائي يمثل عشر (1/10) ما يكتبه الذكور"..

 

واعتبر قاسمي بأن "الكتابة المسرحية كانت ذكورية بامتياز إلى حدود سنة 2003، بعد اندماج المرأة في كتابة النص المسرحي"؛ كاشفا على أن "هناك تفاوتا في الكتابة النسائية على مستوى الإبداع، وهذه ملاحظة تنسحب على الرجال كذلك"، على اعتبار يؤكد الضيف أن "الشعر متفوق بكثير على ما يكتبه الرجل والمرأة في المسرح"، ويستدل هنا بإحصائياته التي تؤكد على أن "هناك 625 مجموعة شعرية، في حين الكتابة القصصية لم تنتج سوى 242 قصة، واقتصرت الرواية على 175 منتوج روائي"، وكانت خلاصته أن "المرأة والرجل يميلون إلى كتابة الشعر أكثر من القصة والمسرح والرواية".

 

التوثيق وفهرست المجلات والملاحق الثقافية المغربية

أما على مستوى مشروعه البيبليوغرافي المرتبط بفهرست المجلات المغربية، -يقول الضيف- "فكرت في أن أرفق وأصاحب هذا المشروع الذي يوثق للكتب، توثيق المجلات المغربية كذلك"، مثل مجلة آفاق التي يصدرها اتحاد كتاب المغرب "التي اجتهدت في جمع أعدادها منذ صدور أول عدد وفهرستها، و العمل يعطي اليوم فكرة شاملة عما نشر بالمجلة "؛ ونفس الشيء ينطبق على مجلة الثقافة المغربية، ومجلة البيت (بيت الشعر)، ومجلة المناهل، ومجلة المشكاة، ومجلات أخرى رائدة من أجل أن يطالع الجيل الجديد هذه المجلات الغنية.

 

وذكر الباحث محمد يحيى قاسمي أنه بصدد الاشتغال على مشروع كبير يرتبط بفهرسة الملاحق الثقافية للجرائد الوطنية (العلم، المحرر، الاتحاد الاشتراكي، البيان، المنعطف...)، لأنه يصعب اليوم الرجوع إليها في حين أنها انطلقت منذ سنة 1967 وتتضمن أبحاث جادة وهادفة.