الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

بالشعر الحساني نساء بوشان يصنعن الاحتفال

بالشعر الحساني نساء بوشان يصنعن الاحتفال الفنانة تيحيحت تتوسط سهام الرجراجي وأمينة رمحاوي

تستمر مجموعة البحث بتنسيق مع الباحث الأستاذ عبد العالي بلقايد، في الغوص والنبش في كنه التراث، وتسلط مرة ثانية كشافات الضوء على جواهرنا "المنسية" و"المعرضة للانقراض"، والتي تعكس كنوز الوطن الذي راكم الكثير من التنوع على مستوى العادات والتقاليد ومختلف الفنون الشعبية لتحصين وجوده/ الذات/ الجماعة.

في هذا السياق تقدم جريدة "أنفاس بريس" ورقة أخرى حول "دبلوماسية تعزيز الثقافة بين الشعوب" أنجزتها كل من الأستاذة أمينة رمحاوي والطالبة سهام الرجراجي للحديث عن "نساء بوشان اللواتي يصنعن الاحتفال بالشعر الحساني" على اعتبار أن فن حمادة، أو الترواح، أو الكيفان، أو الركبة، أو الكدرة، ما هو "إلا نتاج المجتمع الجنوبي، سواء مجتمع موسيقى البيضان، أو مجتمع سوس الذي أنجب التلاقح معه الكثير من أنماط الرقص بالرحامنة والحوز".

 

لقد أكدنا في الكثير من المنشورات بأن الطابع الاحتفالي أس من الأسس البانية للثقافة المغربية، التي هي نتاج ـأي الاحتفاليةـ مجتمع لا هو بمجتمع أوروبا الفيودالية، أو الأوتوقراطية المشرقية.

 

إن المغرب كان وما زال نتاجا حضاريا لنفسه، سادته علاقات اجتماعية جماعية، لحمت أفراد المجتمع بلحمة التعاون وإظهار روح الجماعة وإبعاد كل فردانية، وتحاشي هيمنة أي بنية على المجتمع غير بنية الجماعة.

 

إن المغاربة، أبدعوا أعرافا وتقاليد كانت هي التي تنظم حياتهم الاجتماعية، بها يتم زواجهم، ويبتاعون ويشترون...ولما جاء الإسلام انسجم العرف مع الشرع، وانتفى أي تضارب بينهما، بل انصهرت الأعراق فيما بينها لتعطي هذا النموذج الحضاري المغربي المتفرد بطقوسه ، والمتميز بغنائه ورقصه.

 

فلم  يكن تراث، وطقوس وعادات وفنون، حمادة، أو الترواح، أو الكيفان، أو الركبة، أو الكدرة، إلا نتاج المجتمع الجنوبي، سواء مجتمع موسيقى البيضان، أو مجتمع سوس الذي أنجب التلاقح معه الكثير من أنماط الرقص بالرحامنة والحوز.

 

دبلوماسية تعزيز الثقافة الشعبية بين الشعوب

إن حضور الميزان الخماسي الموجود في موسيقى كناوة، وتوارق. بموسيقى حمادة وبعيط الحوز، وميازينه، يتساوق مع ما تذهب إليه الخبيرة في التراث اللامادي الدكتوراة سعيدة العزيزي بإمكانية توظيف هذا الموروث في الدبلوماسية الثقافية، لأن تعزيز العلاقات الثقافية بين الشعوب يمكنها من بناء قواسم مشتركة بينها، مما يقوي التفاهم وينمي إمكانية تبادل المنافع، بدل إثارة المشاكل والأحقاد والضغائن.

 

فما يمكن أن تقوم به الموسيقى، تعجز عنه الكثير من الفعاليات الأخرى، لتميزها بلغة تسمو بها الأرواح، وتجبر الخواطر وتضحى معها الأجواء صافية. ولكن؟

 

ولكن الأمر يحتاج إلى برهنة بالملموس، وهذا ما أوضحته الباحثة سهام الرجراجي عندما بسطت مثالا، استشهدت فيه بالاحتفاء اللامتناهي للجمهور الياباني برقص تحيحيت السوسية، فقالت:

"إن الميزان الموسيقي السوسي هو نفسه الياباني، فكل الشعوب يتماثل إيقاعها البيولوجي والاجتماعي مع ميزان موسيقاه الذي هو إفراز حضاري يبصم تصرفات الشعوب وتفاعلاتها الوجودية والحياتية.. فتأسيس الروابط الثقافية وتعزيزها دبلوماسية لها مفعول سحري وخاصة إذا اعتمدت الموسيقى".

 

الأستاذة أمينة رمحاوي أضافت بأن موسيقى كناوة لها من الامتدادات العالمية الكثير، خاصة في دول أمريكا الشمالية أو اللاتينية، والتي يمكن استثمارها في الترويج السياحي، وفي قضايا أخرى ذات راهنية.

 

عندما نطرح هذه القضايا كمجموعة للبحث فإننا نود أن نثير قضايا جوهرية من صميم صنع عوامل القوة في عالم لا يعترف بالضعفاء. إن للمغرب الكثير من أسباب القوة التي لا يجب أن تضيع، بل وجب استثمارها في المعارك العالمية، ومن ضمنها الدبلوماسية الثقافية.  فحين أثرنا ثقافة الصحراء بمنطقة الحوز والرحامنة، كنا ننطلق من خلفية الترافع الذي وجب على المجتمع المدني أن يقوم بها في إطار الدفاع عن القضية الوطنية.

 

إن الدبلوماسية الشعبية هي كذلك واجهة من واجهات خلق امتدادات بالمجتمع الدولي. لكن إذا كانت مبادرات من هذا الحجم تحتاج إلى اعتمادات مالية، سنكتفي فقط بالترجمة إلى الفرنسية والإنجليزية. مع بلورة مبادرات أخرى قيد الدرس للتواصل عالميا.