الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

حسين ساف:هذه هي سبل ترسيخ التعايش بين أتباع الديانات والثقافات .. 

حسين ساف:هذه هي سبل ترسيخ التعايش بين أتباع الديانات والثقافات ..  حسين ساف
نجح المنتدى الإعلامي  لاتحاد وكالات أنباء  دول منظمة التعاون الإسلامي في نسخته الثانية ـ الذي انعقد افتراضيا يوم الخميس الماضي، في استقطاب أكثر من مائة خبير يمثلون  مختلف المؤسسات الإعلامية لمناقشة موضوع "سبل ترسيخ التعايش والوئام بين أتباع الديانات والثقافات" حيث جاء في مداخلة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى رسائل حضارية قوية، تستمد مرجعياتها من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، بالإضافة إلى  توصيات هامة أكدت على ضرورة تفعيل وإعمال ما تفرزه المنتديات والحوارات العلمية الناعمة لرواد الفكر والثقافات وتحويلها إلى  "مشاريع عمل مشتركة ومستدامة" مع الحرص على ضرورة وضع جداول زمنية" لإنجاز نتائج المنتديات والحوارات التي يفرزها الذكاء الجماعي القادر على تعزيز التحالف بدل الصراع والتفاهم حول الاختلاف والاتفاقات حول القواسم المشتركة، لضمان السلام العالمي والاستقرار.
إننا نادرا ما نسمع مثل هذه الشهادات العملية والشجاعة، خاصة من طرف أمين عام رابطة العالم الإسلامي في منتدى من هذا الحجم. الذي اعتمد في مداخلته بالأساس على مبادئ وثيقة مكة المكرمة المنبثقة عن القمة الرابعة عشرة لمنظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في ماي 2019.
1-فجوة الصدام بين الثقافات والأديان أخطر من الفجوة الرقمية، ودور وثيقة مكة الكرمة 2019   
يمكن القول بأننا أمام فجوة جديدة غير مسبوقة وخطيرة بعد فجوة التنمية التي كرستها فوضى العولمة وفوارق مستوى المعيشة والفجوة الرقمية بين دول الشمال والجنوب وهي فجوة الصراع والصدام بين الثقافات والأديان على مستوى العالم بأسره.
السؤال  يظل مطروحا ما بعد هذا المنتدى الذي شخص الداء وتوصل للقاح (ولم يبق للأجهزة المتخصصة لمنظمة التعاون الإسلامي سوى آختيار الطاقم المتخصص وقاعة العمليات السريرية، وتاريخ الانطلاقة الجديدة)،  وهذا السؤال هو هل ستنجح المبادئ المعلنة في وثيقة مكة المكرمة والمتفق عليها في مؤتمر قمة إسلامي والتي وقعها ألف ومائتا عالم وخبير، هل ستنجح في تقليص فجوة الصراع والصدام بين الثقافات والأديان على مستوى العالم بأسره، وكيف السبيل لذلك؟
إن مضمون هذه الوثيقة الهامة التي ربما قد يجهلها الكثيرون من الفاعلين في الدول الأعضاء من مجتمع مدني وقطاع عام وخاص، رغم وجود ملخص لها في الموسوعة العالمية "ويكيبيديا"، يعتبر في الحقيقة مشروعا حضاريا أو "عهد جديد-   New Dealفرضته ضرورات السلام العالمي والاستقرار وعززته أكثر أزمة كوفيد 19، ، التي حلت بالعالم سنة بعد التوقيع على الوثيقة، لتجعل التعاون والتعايش والمصير المشترك على قائمة الأولويات الحتمية للإنسانية جمعاء حيث ظهرت فجوة جديدة بعد فجوة التنمية والفجوة الرقمية وهي فجوة صعوبة التعايش بين الثقافات والأديان .
حيث أصبح التعريف بهذا المشروع الحضاري على نطاق واسع ضرورة ملحة ، لأن أفكاره ومبادئه وأهدافه مستمدة من الشريعة الاسلامية التي بعضها ضاع بسبب صراع المسلمين فيها بينهم وكيد الأعداء ومخططات قوى المستعمر. هذه المبادئ الإسلامية نقلت من طرف امم اخرى وتمت إعادة صياغتها  في شكل مضامين مواثيق وإعلانات حقوق دولية بمفهوم ومفردات عصرية ومنها ما تحول لمرجعية نضالية لبعض الثورات العالمية المشهورة.
 هذا المشروع الحضاري يعتبر مجالا خصبا وورشا استراتيجيا بآفاقه الواعدة لكن تغفله للأسف العديد من النخب الاعلامية ويمكن أن يساهم الاهتمام به بمهنية في ملء الفراغ الشبكي الذي كما جاء في إحدى المداخلات: أن هذا الإغفال  شكل فرصة  "للتنظيمات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وداعش لزيادة نشاطها مع انطلاق شبكة الانترنت قبل عدة سنوات، وارتفعت وتيرة ذلك بعد ظهور مواقع التواصل الاجتماعي"، حيث أكد على أن القضاء على الإرهاب يتطلب اقتلاع جذوره المتمثلة في الأفكار، إذ أن العمل العسكري مع أهميته لا يقضي عليه تماما."
وبدون التوسع في المبادئ والأهداف التي نوقشت والتي هي مسطرة في البنود 29 لوثيقة مكة المكرمة المتاحة على الرابط التالي: https://www.youtube.com/watch?v=Uo8ov8PzRGk ، أركز على ما خلص إليه المنتدى من كون "العالم كله أسرة واحدة فمن رحم الأزمات تكون الحلول وتكون المعجزات التي عجز عنها الجميع في فترات ماضية بالتكاسل وبالتخوف المصطنع وبالحواجز السلبية التي وضعتها بعض الأفكار وربما المصالح المادية" .
2-ما هي الشروط التمكينية للتعايش والحوار والتعاون بين أتباع الديانات والثقافات
أن مخرجات التعايش والحوار تظل مجرد حبر على ورق ما لم تتحول إلى برامج عمل حقيقية على أرض الواقع تؤثر في حياة الناس وتجعلهم أكثر تعاوناً وقبولاً لبعضهم بعضا، بدل ترك الفراغ للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة من مختلف الثقافات والديانات على شبكات التواصل الاجتماعي.
إن الشروط  التمكينية للتوصل للحلول الناجعة هي حسب الأمين العام للرابطة  أولا: العمل الحقيقي وليس النظريات والخطب والمؤتمرات التي تنتهي إلى الأرشيف"، وثانيا: مبادرات تحويل النظريات والبرامج والأطروحات إلى مشاريع وبرامج عملية يتفق الجميع عليها تتقدم بها كل الجهات المهتمة، سواء من القطاعات العامة أو الخاصة أو المجتمع المدني، 
3-اقتراح مشروع "الإعلام الذكي" وتوظيف الذكاء الاصطناعي لتحقيق الوئام والتعايش بين الشعوب والمجتمعات بتحفيز المواطن على المشاركة في التفعيل الشبكي لشعار "الإتحاد من أجل السلام والتنمية"
لقد كان هذا المنتدى فرصة، دعا خلالها خبير إعلامي مغربي وأستاذ الإعلام الرقمي ، في مداخلته إلى دراسة إمكانية  تبني مشروع  "الإعلام الذكي"  لشبكة المحتوى متعدد الوسائط  كعمل مشترك دراساته جاهزة، ربحا للوقت، لكونه مبني على الذكاء الاصطناعي والبحث والتطوير العلمي الجامعي ويقوم على مبدأ إشراك المواطن كمنتج للمضامين السمعية البصرية والرقمية على الشبكة لكونه أصبح فاعلا   لا غنى عنه،  خاصة إذا كانت مساهمتة  في إطار منصة تفاعلية هدفها الرئيسي التأطير التطوعي للمنخرطين والزوار من أجل ترسيخ التعايش والوئام المنشود من طرف رابطة العالم الإسلامي وتكوين أجيال جديدة من المواطنين العالميين البعيدين عن الحساسيات الإثنية أو الثقافية أو الدينية ... 
مضيفا أن أغلب المنصات الحالية هي إما مؤسساتية أو تابعة لجهات أو لمنظمات معينة، بينما المواطن وجد فراغاً في  العدد الهائل من القنوات الاعلامية وقنوات التواصل الإجتماعي التي بدأت صفحاتها تتحول إلى فضاءات صراع للديانات والثقافات، غالبا ما تمولها وتجندها جهات معادية أو لها مصالح آنية، مستغلة بذلك الفراغ والفوضى العارمة التي عمت شبكة الانترنيت في كل بقاع العالم.  ورابطة العالم الإسلامي مطالبة بالمساهمة والعمل على ملء هذا الفراغ الفتاك.
وقد حظي مشروع " الإعلام الذكي"، باهتمام خاص وجدي من طرف الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي والجهات المنظمة لاعتماده على الذكاء الاصطناعي وتوفره على عناصرالعمل المشترك والمستدام وأهمها الكفاءات والخبرة اللازمة لإجراء عمليات البحث والتطوير من طرف جامعتين بالمغرب (مختبر الذكاء الاصطناعي لكلية العلوم بالرباط (Intelligent Processing Systems & Security) IPSS ومختبر هندسة البرمجيات ((Software engineering لكلية العلوم بمدينة فاس، والباب سيفتح لجامعات ومراكز بحث الدول الأعضاء لضمان الاستدامة والنجاعة وابتكارخوارزميات متطورة باستمرار.
وسبق لهذا المشروع الإبتكاري أن حصد العديد من الجوائز العالمية ومنها جائزة القمة العامية لمجتمع المعلومات، كأحسن الحلول التكنولوجية لإنتاج المضامين الإعلامية التشاركية  Crowdsourcing بالمغرب لسنة 2018World Summit Awards-
 حسين ساف، متخصص في الإعلام الرقمي