الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

نوفل البعمري: هل تؤدي مخالفة عدم أداء الكمامة إلى تضمينها في السجل العدلي؟

نوفل البعمري: هل تؤدي مخالفة عدم أداء الكمامة إلى تضمينها في السجل العدلي؟ نوفل البعمري
أثار المرسوم الذي اقترحته وزارة الداخلية وأقره المجلس الحكومي الذي يتمم المرسوم 2.20.292 في مادته الرابعة، نقاشا قانونيا وحقوقيا حول الأثر القانوني لأداء الغرامات التصالحية من طرف مرتكبي مخالفة عدم أداء الكمامة المحررة من طرف الضباط أو الأعوان محررو المخالفات،لابد من الإشارة إلى عدة نقط قانونية،التي يمكن القول أن المرسوم التعديلي للمادة الرابعة جاء واضحا في مضمونه و لا يحتاج لكل التأويل الذي أعطيت له رغم أهمية النقاش الذي فتح حول المرسوم.
لابد من القول أن الأمر يتعلق بتتميم المادة الرابعة من مرسوم فرض حالة الطوارئ و لا يتعلق الأمر بإلغائها أو تعويضها بالمرسوم الجديد الذي يظل واضحا في مثنه على أنه تتميم للمادة الرابعة و حسب ذات المرسوم فإن الهدف منه هو تخفيف الضغط على القضاء وما يصاحبه من إجراءات مسطرية تثقل كاهل الضابطة القضائية والنيابة العامة والقضاة بملفات يمكن طيها دون الوصول أن تصل إليهم، وهو ما قرره المرسوم الجديد، مع خطر نقل العدوى.
السؤال، هل أداء الغرامة التصالحية يثير اشكالات تتعلق بالسجل العدلي؟ أي تضمينها في السجل العدلي.
بالعودة لقانون المسطرة الجنائية،فهي نصت في المادة 658 "تستوجب إقامة البطاقة رقم 1 المقررات الآتية:
1- المقررات الصادرة بالإدانة عن أية محكمة زجرية من أجل جناية أو جنحة؛
2- المقررات الصادرة بناء على مسطرة غيابية والمقررات الصادرة بالعقوبة في غيبة المحكوم عليه والتي لم يطعن فيها بالتعرض؛
3- المقررات الصادرة في حق الأحداث الجانحين، المشار إليها في المادة 506 أعلاه؛
4- المقررات الصادرة بالإدانة مع الإعفاء من العقوبة؛
5- المقررات التأديبية الصادرة عن السلطة القضائية أو عن سلطة إدارية فيما إذا ترتب عنها فقدان للأهلية أو نصت على هذا الفقدان؛
6- المقررات المعلنة للتصفية القضائية والعقوبات التي يحكم بها على مسيري المقاولة وسقوط الأهلية التجارية؛
7- قرارات الطرد المتخذة ضد الأجانب؛
8- المقررات الصادرة بسقوط الولاية الأبوية أو بسحب الحقوق المرتبطة بها كلا أو بعضا"
كما نصت المادة المادة 667
"تعتبر البطاقة رقم 3 بيانا بالأحكام الصادرة بعقوبات سالبة للحرية عن إحدى محاكم المملكة من أجل جناية أو جنحة، وينص فيها صراحة على أن الغرض منها ينحصر فيما ذكر.
لا تدرج في هذه البطاقة إلا العقوبات من النوع المشار إليه أعلاه والتي لم يقع محوها بسبب رد الاعتبار ولم تأمر المحكمة في شأنها بإيقاف التنفيذ، ما لم تصدر في هذه الحالة الأخيرة عقوبة جديدة تقضي بحرمان الشخص المعني بالأمر من الاستفادة من هذا التدبير"
بالعودة لمنطوق المرسوم مقارنة بما قررته المواد المشار إليها أعلاه المنظمة للسجل العدلي، فهو - أي المرسوم- واضح من حيث تأكيده على أن أداء الغرامة التصالحية يؤدي إلى عدم تحريك الدعوى العمومية،بمعنى أننا لسنا أمام غرامة صادرة بموجب حكم قضائي كما أنه لا يمكن إعطاءها الصبغة الإدارية، مما يطرح السؤال القانوني حول طبيعة هذه الغرامات التصالحية التي يتم أداءها بشكل فوري،هل نحن أمام أداء لغرامة تتعلق بمخالفة أم بجنحة؟؟
القراءات التي قدمت لنص المرسوم غالبيتها اتجهت نحو التعاطي مع هذه الغرامات و كأنها تتعلق بجنح، حيث لم يتم الانتباه إلى التمييز الذي أقره المرسوم ذاته بين من يؤدي الغرامة التصالحية التي أقر فيه بشكل واضح أن هذا الأداء التصالحي يسقط بموجبه الدعوى العمومية، لا يحركها، بالتالي فنحن لا نكون أمام عقوبة زجرية ليتم تضمينها في السجل العدلي، بل أمام مخالفة، أكثر من ذلك يمكن القول أن المرسوم أعاد تكييف الواقعة لما فيه مصلحة المخالفين انتصارا لمبدأ الحق في الحرية، التي أعاد ضبط عدم أداء الكمامة و نقلها من جنحة ضبطية إلى مخالفة،كما أن المرسوم نفسه عندما تطرق لعدم ارتداء الكمامة فقد وصفها بالمخالفة و لم يصفها بالجنحية الضبطية، فالمرسوم عندما تطرق للغرامة التصالحية تطرق لها بوصفها مخالفة و ليست جنحة ضبطية، و هو توصيف قانوني غير اعتباطي ودقيق، حدد طبيعة الفعل المرتكب و وضعه في سياقه القانوني السليم،وإذا كان المشرع يريد أن يحافظ على نفس وصفها و تكييفها القانوني لما أعاد تدقيق واقعة عدم ارتكاب الكمامة،و وصفها بالمخالفة.
اعتقد و من قراءة قانونية للمرسوم تميل للتفسير الواسع لها و ليس الضيق،أنه مادام الغرامة التصالحية التي يتم أداءها ترتب عدم تحريك الدعوى العمومية فلن ترتب أثر تضمينها في السجل العدلي على اعتبار أن بطاقة السجل العدلي تتضمن فيها فقط العقوبات الزجرية الصادرة عن السلطة القضائية،وكما وصفها القانون بالمحكمة الزجرية،والحال هنا أن العقوبة غير صادرة عن سلطة قضائية بل هي مخالفة تصالحية تؤدى بموجب المرسوم و ليس بموجب قرار قضائي، هي أقرب للمخالفات المقررة في مخالفات السير.