الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

المصطفى الفارح: كيف أصبح نائب رئيس الحكومة؟

المصطفى الفارح: كيف أصبح نائب رئيس الحكومة؟ المصطفى الفارح

عندما تم التخلي عن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، لم نكن نحن المغاربة نعرف ضنك وضيق العيش الذي كان يعانيه المسكين. لقد تمكن بصعوبة بالغة من إصلاح الكوزينة والصالون، وربما استفاق من حلم الرئاسة قبل أن يصلح غرفة النوم ليجد نفسه على حافة الفقر ولم يجد بدا من مد اليد والتسول وأسر لإخوانه بأنه يفكر في الاشتغال سائق طاكسي لأجل ضمان قوته وتلبية حاجاته. هو الذي نجح في تدريس أبنائه وساعدهم في الحصول على شهادات عليا في معاهد أجنبية، وساعدهم كذلك في الحصول على وظائف مهمة وزوجته هي من تتكفل بمصروف البيت والأولاد يجد نفسه بعد توقف مؤقت لراتبه كرئيس للحكومة مضطرا للاشتغال سائقا لسيارة أجرة. الخدمة ماشي عيب والراجل بحال الفاس يحفر في كل شيء، لكن الرجل الحقيقي لا يكذب .

 

لا ندري إن كان رئيس حكومتنا السابق كان سيسوق سيارة أجرة يملكها هو أو تملكها العائلة، أم كان سيطلب من أحد مريديه التوسط له لدى أحد ملاك مأذونيات وسيارات الأجرة لتشغيله أم إنه كان بإعلان إفلاسه يقدم طلبا من أجل الحصول على مأذونية تعينه على تحمل مصاريف ولائمه واستقبالاته لضيوفه الكثيرين. رئيس الحكومة يعرف بدون شك ما يحدث في قطاع النقل في الطاكسيات على وجه الخصوص، قطاع يعيش فوضى لا مثيل لها، يشتغل بعيدا عن مراقبة مصالح الدولة وأجهزتها المسؤولة، يسيره السماسرة والمستفيدون من الريع ومن المأذونيات بدون وجه حق. هناك من يملك في مدينة الدار البيضاء وحدها ما يزيد عن 200 سيارة أجرة يتصرف فيها بشكل أو بآخر، من خلال عقود كراء أو تفويت ويتحصل في نهاية كل شهر على أرباح صافية تعادل أو تتجاوز ستة آلاف درهم. بمعنى أن من يتصرف في 10 سيارات أجرة يكسب ما يفوق ستين ألف درهم. والسائق المسكين مجبر على وضع ضمانة مالية أقلها خمسة آلاف درهم لكي يشتغل سائق طاكسي وملزم بأداء "روسيطا" من 250 درهم مقابل  ثمان ساعات من العمل ويعود في النهار بمبلغ  لا يتعدى مائة درهم في أحسن الظروف.

 

في كل الأحوال لم يكن السيد رئيس الحكومة سيجد صعوبة في توفير مبلغ الضمانة، أصدقاؤه ومريدوه كثيرون، وحتى السيدة نبيلة لن تتخلى عنه في مثل هذه الظروف وستضمنه وتوفر له المبلغ المطلوب وربما قد تدفعها حمية العائلة وتشتري له طاكسي جديد ومأذونية .

 

يحمد رئيس الحكومة الله أن صوته وصل إلى ملك البلاد الذي بادر ومن عليه بمعاش شهري سمين دائم يصون كرامته ويعوضه عن الخدمات التي أسداها للدولة.

 

قصة رئيس الحكومة ألهمتني. صراعي من أجل العيش الكريم يزداد ضراوة كل ما زادت فرص الشغل قلة وكلما زادت أعداد المقاولات المفلسة. كل محاولاتي المقاولاتية تصطدم بواقع مرير، جربت مهن كثيرة، حاولت دخول أعراس كثيرة لكن ليست لي خالة أو عمة  بها لكي أحظى ولو بعظمة صغيرة... أكددها، سأجرب مهنة سائق طاكسي كما أراد أن يفعل السيد رئيس الحكومة ونجح في مسعاه وأنا أراهن على ثلاثة أشياء :

- أن يصل ندائي إلى ملك البلاد فيأمر جلالته بتمكيني من مستحقاتي، رغم هزالها، العالقة في ذمة الدولة والمتمثلة في حقوق التنقل والخدمة في جبهة القتال في الصحراء المغربية المسترجعة  وبهذا يكفيني عناء الطاكسي  وأنا في أرذل العمر .

- أن تعمل الدولة على تمكيني من معاش، كما فعلت مع رئيس الحكومة، يناسب سنوات الخدمة التي قضيتها دفاعا عن الوطن وعن مؤسساته وفي ظروف خاصة جدا لا يمكن مقارنتها سواء في نوعها أو على مستوى المدة الزمنية مع ظروف الرئيس.

- أن توفر لي الدولة أو مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء المحاربين مأذونية سيارة أجرة، فأنا أحق بها من المغنين والشيوخ والشيخات والسياسيين وآخرين.