الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

صيام الستة أيام من شوال بين الاستحباب والبدعة

صيام الستة أيام من شوال بين الاستحباب والبدعة أخذ سنة صوم الستة أيام من شوال من باب التطوع والنوافل، ومن تخلى عنها فلا إثم عليه

صيام الستة أيام من شوال مستحب عند كثير من أهل العلم ويبدأ بعد انصراف شهر رمضان لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ بِسِتَ مِنْ شَوَّالَ فَكَأنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ، أو فَكَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ كُلَّهَا.

 

وقد أورد مالك بن أنس في الموطأ خبراً أظهر بوضوح كيف بدأت فكرة صيام ستة أيام شوال بين الناس، وكيف كان موقف رجال دين من هذا الصيام، ثم توقعاته في أن هذه "البدعة" سوف تتحول مع الأيام إلى فضيلة تقرب من الفريضة.

 

وهذا نص ما ورد في الموطأ:

قَالَ يَحْيَىٰ: وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ فِي صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطر من رَمَضَانَ إنَّهُ لَمْ يَرَ أَحَداً مِن أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ يَصُومُهَا وَلَمْ يَبْلُغْنِي ذٰلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ وَإنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذٰلِكَ وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ وَأَنْ يُلْحِقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالْجَفَاءِ لَوْ رَأَوْا فِي ذٰلِكَ رُخْصَةً عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَرَأَوْهُمْ يَعْمَلُونَ ذٰلِكَ.

 

وهذا يعني أن دخول البدع والتشريعات البشرية للموروث الديني ظل مستمرا، وكلما مر الزمن ظهرت للوجود أحاديث تعتمد عليها البدع الجديدة، لم يسمع بها الناس في عصور سابقة.

 

وهو ما ينطبق على بدعة صيام ست من شوال، والتي لم تكن معروفة في القرن الأول ولا بداية القرن الثاني ثم بدأت في الظهور منتصف القرن الثاني كبدعة، عندما ألف مالك الموطأ، وأصبحت فضيلة منذ منتصف القرن الثالث للهجرة. لذا نجد أن البخاري لم ينقل في الصحيح أي خبر يُرغٍّبُ في هذا الصيام لأن "أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالْجَفَاءِ" -كما سماهم مالك - لم يلحقوه برمضان بعد!!.

 

وأول من أورده كان مسلم، وذلك تحت باب أسماه: باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إِتباعاً لرمضان.

وهو ما يشير إلى أنه في عصر مسلم انتشر صوم ستة أيام شوال أكثر بين الناس، فأورد مسلم الحديث ولكنه ذكر أنه للاستحباب فقط.

 

وفي هذا السياق صرح أستاذ الفلسفة (طلب عدم ذكر اسمه)، لـ "أنفاس بريس"، أن بعض العلماء أقرها  شرط  عدم التتابع أي عدم ربط صيام  الأيام الستة من شوال برمضان مباشرة بعد العيد؛ بل يجب ترك بينها وبين العيد يومين أو ثلاثة أيام على الاقل؛ وهكذا فمن شاء  في صيامها تابع الأيام الستة بشكل متواصل، وإن شاء فرقها، وهو حر في ذلك. وبالتالي -يضيف محدثنا- فهي سنة  ثابتة عن الرسول عليه الصلاة والسلام؛ ولا نقول بأنها بدعة، كما لا نقول بأنها فريضة؛ و يتعين أخذ هذه السنة من باب التطوع  والنوافل، من تخلى عنها فلا إثم عليه.. ومن عمل بها فله أجرها المكتوب.