الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد شخمان : القضية الفلسطينية وصفقة ترامب

محمد شخمان : القضية الفلسطينية وصفقة ترامب محمد شخمان
لا تهم التسمية، ولكن يمكن القول أنها هي فعلا صفقة بالمعنى السيئ للكلمة، وأعتقد أن الإعلام الأمريكي والصهيوني القوي هو من فرض التسمية..
في القرن الفارط كانت صفقة بيع أرض فلسطين من طرف الانتداب البريطاني إلى العصابات الصهيونية من خلال وعد بلفور- بيع السارق الذي يبيع ما سرق وليس ما يملك -، وفي هذا القرن يتم بيع القضية الفلسطينية من طرف بعض العرب إلى أسيادهم الصهاينة والأمريكان، ومرة أخرى البائع والمشتري عقدا صفقة على شيء لا حق لهم لا في بيعه ولا شرائه.
الصفقة ليست من إنتاج إدارة ترامب، بل من إنتاج إدارة نتانياهو، التي قدمتها للسلطة الفلسطينية سنة 2012 و رفضتها، وهي ليست اتفاقية وإنما إملاءات.
ومسألة توطين بعض الفلسطينيين في سيناء هو بمثابة توسيع لإتفاقية كامب ديفد بما يخدم مصلحة إسرائيل.
والصفقة ليست استمرار للماضي بل هي تأبيد للحاضر والعمل على إخراجه عبر اتفاقية ليصبح أمرا نهائيا، وإزالة القضية الفلسطينية من جدول أعمال الأمم المتحدة وقبر قرار التقسيم، وتراجع عن اتفاقات أوسلو على علاتها.
شخصيا أعتقد أن صفقة القرن ستسقط أمام إرادة وعزيمة الشعب الفلسطيني وأمام عدم إمكانية تقادم الحقوق الفلسطينية، وأمام ما نشاهده من تشبث شعبنا الفلسطيني بأرضه وهويته وثقافته، لكن يلزم ذلك تضحيات جسام ونضال طويل ووحدة فلسطينية وإعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني في إطار الثورة وليس في إطار فتات السلطة، كما ينبغي القطع مع الفساد و إنهاء مسلسل المفاوضات العبثي بالطريقة التي مر بها.
الإخوة الفلسطينيون يقولون أن إسرائيل ليست دولة سلام والعدو الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة..نعم ولذلك يصبح المطلوب هو كيفية بناء هذه القوة وليس متابعة مفاوضات فاشلة، المفاوضات طبعا ليست خيانة وليست عيبا، ولكنها تأتي كحصاد لتوازن القوة. أعي جيدا أن العدو الصهيوني متفوق عسكريا، لكن البديهي أيضا هو أن الغاصب والمستعمر هو دوما متفوق، لكن صاحب الحق يعرف كيف يبني قوته بأدوات بسيطة وبعزيمة لا تلين.
لقد حارب الجزائريون فرنسا، و حارب الفيتنام أمريكا وانتصر الضعفاء في السلاح على الضعفاء في الحق.
ليس عيبا اتخاذ الطرق السلمية في النضال، لكن في نفس الوقت يجب عدم استبعاد أي خيار، أو المزاوجة بين عدة خيارات حسب كل مرحلة وما تتطلبه.
حركة فتح لا ينبغي أن تنزع سلاح حماس، وحركة حماس لا ينبغي أن تشهر سلاحها ضد المصالح الوطنية الفلسطينية، ونفس المنطق ينطبق على الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية.
لبنان لم ينزع سلاح المقاومة ولذلك ربح حماية جنوبه في مواجهة إسرائيل، والمغرب نزع سلاح جيش التحرير بالجنوب نهاية الخمسينات، فبقيت إسبانيا بصحرائه إلى غاية 1975.
طبعا عند تجاوز الحالة الثورية و المرور إلى بناء الدولة يجب على الجميع وضع سلاحه و الانضمام لجيش الدولة.
في نظري أخطأت القيادة الفلسطينية حين تنازلت عن السقف العالي للمطالب الفلسطينية، ووضعت نفسها رهينة للاحتلال على المستوى الأمني وعلى المستوى السيادي.
كل الشعوب التي فاوضت مستعمرها لأجل الاستقلال، استمرت المفاوضات سنة أو سنتين، أما أن تستمر في حالة فلسطين 27 سنة، دون أن تنتهي إلى نتائج إيجابية فهذا يعني أن المستعمر المفاوض يسوف ويربح الوقت، والقيادة الفلسطينية تفوت على نفسها فرص النضال وخسارة الوقت.
الجزء الأكبر من الأنظمة العربية خانت القضية الفلسطينية، كما خانت القضايا العربية، لكن بإمكان الإخوة الفلسطينيين أن يكونوا طليعة ثورية لبقية الشعور العربية - والثورة لا تعني السلاح فقط - .
القوة تبنى و يبنيها البشر بالعزيمة كالإخوة الفلسطينيين شعب الجبارين، شعب الشجاعة و التضحية والصمود، والضعف لا يجب أن يكون سببا للاستسلام، وإنما حافزا لبناء القوة.
لا يجب أن يكون العدو هو صاحب القرار في التفرقة الفلسطينية، بل يجب على الفلسطينيين أن يكونوا أسياد بناء وحدتهم.
وعد بلفور ليس هو الكارثة الكبرى، بل الكارثة هو الضعف والخيانة العربية التي حولت الوعد إلى حقيقة قائمة.
القول أن الفلسطينيين في المهجر لا يريدون العودة هو مصادرة للمستقبل، فتحرير فلسطين، وبناء دولة حرة سيجعلها دولة جاذبة لكفاءات مواطنيها بالخارج.
محمد شخمان، رئيس جمعية التنمية للطفولة والشباب