الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

الباحث محمد حفيظ يقرأ الخطاب الإعلامي في زمن كورونا (7)

الباحث محمد حفيظ يقرأ الخطاب الإعلامي في زمن كورونا (7) محمد حفيظ

حل محمد حفيظ، الأستاذ الباحث بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، والصحافي سابقا، ضيفا على حلقة من حلقات الجامعة الرقمية، التي تنظمها حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، خلال فترة الحجر الصحي؛ وكان موضوع الحلقة هو "قراءة في الخطاب الإعلامي في زمن كورونا".

"أنفاس بريس" تنقل لقرائها، في حلقات، هذا الحوار مع محمد حفيظ الذي جرى بثه على اللايف مساء يوم السبت 25 أبريل 2020.

 

الحلقة السابعة: إذا احترم مستعملو وسائل التواصل الاجتماعي أخلاقيات النشر الإلكتروني فسيسهمون في تأهيل المجتمع

 

- هل تظن أن كل ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي يحترم أخلاقيات المهنة، ويقدم تغطية متوازنة أم يكتفي فقط بسرد القصص المثيرة لجلب المشاهدين والقراء؟

هذا ما كنت أتحدث عنه الآن. كنت أشرتِ في سؤالك إلى أخلاقيات المهنة، لكن الذين ينشرون على وسائل التواصل الاجتماعي لا ينتسبون إلى مهنة الصحافة وليسوا صحافيين. فحينما نتحدث عن أخلاقيات المهنة فنحن نقصد مهنة منظمة وتمارس وفق قواعد وأخلاقيات ولها ضوابط. ما يشغلني هنا هو عدم احترام أخلاقيات المهنة في بعض وسائل الإعلام التي يُفترض أنها تشغل صحافيين مهنيين لهم تكوين في المجال، فما بالك بما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي. وبخصوص هذه الأخيرة فنحن نتحدث عن أخلاقيات النشر بصفة عامة، وضمنها أخلاقيات النشر الإلكتروني. فأي مواطن لديه هاتف لا يقبل منه أن ينشر أية معلومة كيفما كانت، ويعرض نفسه للمساءلة إذا نشر خبرا زائفا تضرر منه الأفراد أو المجتمع أو ترتبت عنه أخطار. وإذا تتبعنا حجم المخالفات التي حدثت فقط في ظل هذه الظرفية، كما تخبر بها بلاغات النيابة العامة التي أصبحت موازية لبلاغات وزارة الصحة، ومن ضمن من حركت النيابات العامة لدى محاكم المغرب متابعات قضائية ضدهم، نجد حالات كثير تتعلق بنشر لأخبار الزائفة.

 

وإذا احترم مستعملو وسائل التواصل الاجتماعي أخلاقيات النشر الإلكتروني، فسيسهمون في تأهيل المجتمع والرفع من مستوى الحوار والنقاش بين أفراده ومؤسساته.

 

- نلاحظ أنه قد نجد في مواقع التواصل الاجتماعي شخصا قد يعتبر نفسه صحافيا ويقوم ينشر أخبارا قد تكون غير دقيقة أو زائفة. هل تظن أن ضعف الإعلام المغربي في تلبية حاجيات المواطن هو المسؤول عن انتشار مثل هذه الأخبار، بحيث يسلط الضوء على مواضيع ويهمل أخرى؟

ما ورد في آخر سؤالك هو ما أشرت إليه حينما تحدثت عن الانتقائية، دون أن أذكر أمثلة عن ذلك، وهذه بعض الأمثلة من الظرفية التي نعيشها الآن.

 

سجلت أنه في مرحلة أولى، تم إبراز نوع من التعامل التوعوي الذي يقوم به عناصر السلطة المكلفة بتطبيق الحجر الصحي. كان يتم إظهارهم في مشاهد يتعاملون فيها مع المواطنين بلطف، ويقومون بدور توعوي أكثر منه ضبطي. وهذا لقي تعاطفا كبيرا من الجمهور، حيث بدأنا نجد من يتحدث عن تحسن صورة عناصر الأمن لدى المواطنين. لكن لم تكن تصلنا كل الصور التي كانت خلاف هذا.

 

وفي مرحلة أخرى، بدأ التركيز على عمليات الضبط والتوقيف التي يتعرض لها المخالفون لحالة الطوارئ الصحية، فأصبحنا نتابع مطاردات لعناصر السلطة والقوات المساعدة والأمن في الدروب والأزقة. وهذه المشاهد كانت إشارة إلى أن هناك اتجاها نحو التشدد مع المخالفين، خاصة إذا استحضرنا بلاغات النيابة العامة التي أصبحت موازية لبلاغات وزارة الصحة، فأصبحنا نتحدث عن عدد الحالات التي تأكدت إصابتها بفيروس كورونا، وكذلك عدد الحالات التي حركت النيابات العامة لدى محاكم المغرب متابعات قضائية في مواجهتها.

 

ولا بد أن أسجل أنه في بعض الأحيان كان لبعض وسائل الإعلام دور في فضح بعض الانتهاكات. وهنا أشير إلى الفيديوهات التي وثقت لأحد عناصر السلطة وهو يقوم، خلال تنفيذ حالة الطوارئ الصحية، بتعنيف مواطنين بالتصرفيق والركل. وهو ما خلف ردود فعل من الجمهور، من مواطنين وفاعلين وهيئات حقوقية. وقد خلف التبرير الذي لجأ إليه وزير الداخلية في البرلمان استياء كبيرا، حينما تحدث عن الموضوع وظهر بأنه يبرر في ما حصل، حينما قال: "الله يكون في عونهم، راهم كيشتاغلو 24 ساعة، باش يبقاو الناس فديورهم"، والأخطر أنه قال: "حتى الآباء كيضربو ولادههم ملي مكيسمعوش ليهم".

 

حينما يمارس الصحافي انتقائية غير مهنية، فإن هذا يمس باستقلاليته واستقلالية وسائل الإعلام. وإذا كنا نعتبر الإعلام سلطة، سواء سلطة رابعة أو سلطة مضادة، فينبغي أن يحافظ على استقلاليته، وأن ينقل الوقائع كما هي، دون تحيز. فسلاح الصحافي هو استقلاليته. وأتحدث هنا عن الاستقلالية التي ينبغي أن يمارس بها الصحافي عمله، بغض النظر عن طبيعة المنشأ الصحافية التي يشتغل بها؛ هل هي عمومية أو خاصة أو حزبية. وبالتالي فالأمر يتعلق بمفهوم مهني يعد من قواعد العمل الصحافي.

 

عودة إلى الجزء الأول من سؤالك، فكما قلت سابقا، لا أعتبر من يكتب على الفيسبوك صحافيا. هو مواطن يعبر رأيه وقد يخبر بمعلومات، ولكنه لا يصنع المحتوى باعتباره محتوى صحافيا. ولكن مع ذلك لابد لأي مستعمل لوسائل التواصل الاجتماعي أن يستحضر أن النشر عليها يجب أن ينضبط لأخلاقيات النشر، حتى لا يعتدي على الأفراد أو المجتمع، وحتى لا يعرض نفسه للمساءلة.